أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تطورات ميدانية وسياسية متسارعة تشهدها مناطق شمال وشرق سوريا، فبعد الهجوم التركي الذي اتفق أغلب دول العالم على وصفه “بالغزو”، ومنهم حلفاء تركيا في “الناتو” كفرنسا، تطورت الأحداث إلى انسحاب أمريكي ومن ثم اتفاق بين الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية لصد “العدوان”، إضافة إلى طلب واشنطن من أنقرة التوقف عن الحرب فوراً، وفرض عقوبات “قاسية” عليها.
الولايات المتحدة تعاقب تركيا بسبب شمال سوريا
وفي أحدث تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدا واضحاً أنه تعرض لضغوطات كبيرة من الكونغرس الأمريكي والمسؤولين الأمريكيين، على الطريقة التي سمح بها لتركيا بالهجوم على “الحلفاء” في شمال سوريا، وخلط الأوراق في تلك المنطقة التي لاتزال تعاني من تحرك لخلايا تنظيم داعش الإرهابي.
وقال ترامب في تصريحات جديدة، “طلبت من أردوغان وضع حد للعملية العسكرية التركية في شمال سوريا، التي على مايبدو أنها تجاوزت “الخطوط الحمر” التي وضعتها أمريكا، وهددت تركيا حينها، بأنه إذا تجاوزتها فأن العواقب ستكون “عقوبات قاسية وشل اقتصاد تركيا”. وهذا ما فعله ترامب، حيث وقع على قرار يفرض عقوبات على وزارات ومسؤولين أتراك بسبب الهجوم على سوريا، “وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبوها هناك”.
الاتفاق بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية يدق ناقوس الخطر في واشنطن
إضافة إلى ذلك، يبدو أن ناقوس الخطر دق في واشنطن، بعد الاتفاق الذي جرى بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، بانتشار القوات الحكومية على طول الحدود مع تركيا، بعد ان رأت الإدارة أن أهم حلفاءها دارت لها ظهرها ورحلت وتركتها وحيدة أمام “الغزو التركي”، وتقول أوساط أمريكية، “أن الإدارة الأمريكية سترغم ترامب بالتراجع عن قراره بسحب الجنود من سوريا، كي لا تتمكن روسيا والحكومة وإيران السيطرة على تلك المنطقة الاستراتيجية للغاية”. وهذا ما أكدت عليه رئيسة الكونغرس “نانسي بيلوسي”.
يأتي هذا في وقتٍ تستمر فيه معارك الكر والفر بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات التركية والفصائل الموالية لها في مناطق كرأس العين وجنوب تل أبيض والريف الغربي لمدينة منبج.
اتفاق تفصيلي ودقيق.. والانسحاب الأمريكي إعادة انتشار
وعن هذا الموضوع قال الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي بشار جرار في تصريحات خاصة لأوغاريت بوست، أنه، “من الواضح أن ما تشهده الساحة من تطورات ميدانية ما كان ليتم دون اتفاق تفصيلي ودقيق بين الأطراف كافة: الولايات المتحدة، روسيا، تركيا، سوريا وقسد”.
وأضاف، “من الطبيعي أن تخفى بعض التفاصيل عن طرف أو آخر، لكن ما يجري ليس وليد الصدفة حيث لا مجال للارتجال في مسائل على هذه الدرجة من التعقيدات العسكرية والأمنية والديموغرافية”.
وعن الانسحاب الامريكي أوضح جرار، “ما جرى حتى الآن ليس انسحاباً أميركياً وإنما إعادة انتشار أو تموضع بعيداً عن المناطق ذات التماس بين القوات التركية الغازية ومن معها من المرتزقة من جهة وقوات سوريا الديمقراطية والجيش النظامي السوري من جهة أخرى”، مشيراً إلى ان المسألة ليست “هزيمة” كما يحلو للبعض القول، وإنما مجرد تطبيق مرحلة أخرى من مراحل الانسحاب الأميركي التدريجي من سوريا والشرق الأوسط على المديين القريب والمتوسط، منوهاً، “من وجهة نظره” أن من المرجح أن يكون الانسحاب كاملاً عند فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية.
الاتفاق بين الإدارة الذاتية والحكومة تسقط الأطماع التركية
وحول الاتفاق بين قسد والحكومة السورية قال المحلل السياسي الأمريكي، “كلما زاد التفاهم بين قسد والجيش النظامي السوري كلما أسقطت الورقة الداخلية من يد الطامع التركي، وكلما زاد التفاهم الروسي الأميركي مع سوريا بشكل مباشر أو غير مباشر كلما تم تسريع جر إردوغان لأذيال الخيبة وراءه”
وأشار إلى أن “لن يسمح المجتمع الدولي بتكرار مأساة شمال قبرص، هذه أوهام تركية ستدفع أنقرة ثمناً اقتصادياً غير مسبوق لها حيث تعد الآن حزمة من العقوبات الاقتصادية الكفيلة بتدمير تركيا اقتصادياً وشل نظاميها المالي والاقتصادي بحسب وزير الخزانة الأميركي”.
ويترقب المراقبون رد الفعل التركية، بعد المواقف الدولية الرافضة للعملية العسكرية التركية في شمال سوريا، والعقوبات التي فرضتها واشنطن على أنقرة، التي سوف تشل اقتصادها وستحول تركيا إلى دولة منهارة اقتصادياً ومالياً، هل سيكتفي أردوغان بالهجوم على شمال سوريا، أم أنه سيتابع فيها، الأمر الذي سيعرضه لاجراءات عقابية أخرى قد تطيح بتركيا هذه المرة كدولة بحد ذاتها.
إعداد: ربى نجار