دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

المنطقة الآمنة في شمال سوريا بين المخاوف التركية والقلق الكردي

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بدأت يوم أمس الأحد المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاق إنشاء “منطقة آمنة” على الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا شرقي نهر الفرات؛ والتي تم التوصل إليها في السابع من شهر آب/أغسطس المنصرم، بين الولايات المتحدة وتركيا، وذلك بتسيير دوريات مشتركة أمريكية ـ تركية، بين منطقتي تل أبيض ورأس العين (المعروفة محلياً باسم سري كانيه) كخطوة أولى. فهل تبدد ذلك المخاوف التركية؛ التي كررها المسؤولون الاتراك مراراً؟

البدايات

أبرزت التصريحات التركية، خلافات بين واشنطن وأنقرة، عشية تسيير دوريات مشتركة، أمس الأحد، ضمن اتفاق إنشاء “منطقة آمنة” على الشريط الحدودي مع سوريا شرقي نهر الفرات، ورغم مرور اليوم الأول من تنفيذ الاتفاق دون حوادث تذكر، إلا أن التصريحات التركية، أظهرت عدم رضا أنقرة عن سير تنفيذ بنوده.

ويكرر المسؤولون الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المخاوف التركية بشأن تواجد وحدات حماية الشعب على حدودها.

وبعد مساع وضغوطات أمريكية، تمكنت من التوصل إلى اتفاق بينها وبين تركيا بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية، الشهر المنصرم، من شأنه أن تبدد المخاوف التركية، وتتفرغ قسد لمحاربة تنظيم داعش الارهابي دون قلق من التهديدات التركية بشن هجوم على المناطق الخاضعة لسيطرتها.

تنفيذ الاتفاق والمواقف منه

وأمس الأحد، بدأت أولى الدوريات المشتركة، في منطقتي تل أبيض ورأس العين، بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية منها في وقت سابق، لمسافة 5 كيلومترات جنوباً.

وقال المتحدث باسم مجلس سوريا الديمقراطية أمجد عثمان، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الدوريات المشتركة استمرت، نحو ساعتين ونصف الساعة، دون تسجيل حوادث.

واعتبر عثمان أن الاتفاق رد على كل المزاعم التركية، كما جنّب أيضا المنطقة حدوث اجتياح تركي وشيك، وطالب التحالف الدولي والولايات المتحدة بتحمل المسؤوليات بشأن أمن هذه المنطقة.

وعقب اليوم الاول من تنفيذ الاتفاق صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن هناك “خلافا” مع الولايات المتحدة “في كل خطوة” في التفاوض بشأن “المنطقة الآمنة”.

خلاف تركي أمريكي

ويبرز حديث أردوغان الخلافات بين أنقرة وواشنطن بشأن نقاط عدة، منها عمق المنطقة الآمنة، فتركيا تريدها 32 كيلومترا وبإشراف تركي، بينما تتحدث الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية عن 5 كليومترات فقط، وفي بعض أجزائها 14 كيلومترا، وفقا لتصريحات سابقة لقادة قسد.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية بدأت بتطبيق الاتفاق في أواخر آب/أغسطس المنصرم، وقامت بإزالة بعض السواتر الترابية، وردمت الأنفاق، وسحبت مقاتليها جنوباً لمسافة 5 كيلومترات، إضافة إلى سحب الأسلحة الثقيلة لمسافة 18 كيلومتراً، بين منطقتي تل أبيض ورأس العين كمرحلة أولى لتنفيذ لبنود الاتفاق.

التحالف الدولي: وحدات حماية الشعب انسحبت من المنطقة

وقال التحالف الدولي ضد داعش حيث أمس الأحد، أن الدورية المشتركة الأولى التي نفذتها الولايات المتحدة وتركيا في منطقة شمال وشرق سوريا، من شأنها تبديد مخاوف أنقرة على أمنها، والتأكيد أن وحدات حماية الشعب وفت بالتزاماتها وانسحبت من المنطقة.

وجاء في بيان صدر عن المكتب الإعلامي لعملية “العزم الصلب”، أن العسكريين الأمريكيين والأتراك سيّروا، الأحد، أول دورية مشتركة في “المنطقة الآمنة” بشمال شرق سوريا ما بين منطقتي تل أبيض ورأس العين.

وأشار البيان إلى أن الدورية تم تسييرها من أجل “ضمان الأمن” في المنطقة المذكورة، إضافة إلى “تبديد مخاوف تركيا الأمنية”. وأضاف أن العملية كانت تهدف أيضاً إلى دعم قوات سوريا الديمقراطية في جهودها الرامية إلى إيقاع الهزيمة النهائية بداعش”.

الحكومة السورية من جانبها أدانت هذه الخطوة، ونقلت وكالة سانا الرسمية، عن مصدر في وزارة الخارجية والمغتربين “إن الحكومة السورية تدين بأشد العبارات قيام الإدارة الأمريكية والنظام التركي بتسيير دوريات مشتركية في منطقة الجزيرة السورية، وان هذه الخطوة تشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي ولسيادة الأراضي السورية، مؤكدة أن هذه الخطوة تمثل عدواناً وتهدف إلى تعقيد وإطالة أمد الأزمة في سوريا”، حسب المصدر.

أنقرة غير راضية

ويظهر من التصريحات المتباينة، مع بدء تنفيذ اتفاق “المنطقة الآمنة” في شمال شرق سوريا، أن تركيا غير راضية عنها، بحسب مراقبين.

فهي تريدها بعمق 32 كيلومتراً وبإشراف تركي، لإعادة اللاجئين السوريين وتوطينهم فيها، وهذا ما كشفه أردوغان، في كلمة له بمدينة أسكي شهير، السبت.

حيث أشار أردوغان، إنه سيبحث مع ترامب، في اجتماع الأمم المتحدة في وقت لاحق، الشهر الجاري، الخطوات الواجب اتخاذها، على الحدود السورية ـ التركية شرقي نهر الفرات، وكشف وجود خلافات بين ما قيل وما تم بالفعل، حسب قوله.

كما لمح أردوغان في كلمته إلى خطة بنقل مليون لاجئ إلى شمال سوريا في مشروع قال إنه سيحتاج دعماً دولياً لبناء منازل جديدة. وقال بهذا الصدد “بوسعنا التكفل بعملية التشييد، وانتم تعطونا الدعم المالي”.

ويرى مراقبون أن تركيا رضخت للضغوط الأمريكية بشأن بنود الاتفاق، تجنباً للمزيد من التوتر معها، في أعقاب صفقة صواريخ الدفاعية الروسية التي أبرمتها تركيا مع روسيا، رغم التحذيرات الأمريكية.

وأمام هذا الواقع والمشهد المعقد والتصريحات المتداخلة والمتناقضة، يبقى السؤال الأبرز الذي يشغل بال الأهالي في شمال سوريا، وفي سوريا عموماً، هل سيتم السماح لتركيا باجتياح المنطقة وتهجير سيكانها وتوطين لاجئين سوريين من مناطق سورية أخرى مكان السكان الأصليين، على غرار ما جرى في مدينة عفرين؟

تقرير: سمير الحمصي