أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد أن دفعت بهم الحرب والصراع على السلطة للهجرة إلى دول الشتات، بات السوريون يواجهون أزمات جديدة في دول لجوئهم خاصة تركيا ولبنان، حيث تعمل تلك الدولتان على إعادة السوريين إلى بلادهم؛ كونهما لم يعودا يتحملان الأعباء التي يتسبب بها اللاجئ السوري على أراضيهما.
لبنان تهدد بإعادة السوريين قسراً.. والمفوضية ترفض
وبعيداً عن ما تنوي تركيا فعله في شمال سوريا من عمليات عسكرية وخطط لإنشاء ما يسمونها “منطقة آمنة” لإعادة إسكان مليون إلى مليون ونصف لاجئ سوري، كانت الحكومة اللبنانية قد هددت بإعادة السوريين إلى بلدهم قسراً في حال عدم تعاون المجتمع الدولي مع بيروت لإعادتهم وفق القوانين الدولية أو دعمها مالياً.
مفوضية شؤون اللاجئين رفضت الخطة اللبنانية لعودة النازحين السوريين إلى سوريا، حيث قال وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان، عصام شرف الدين، إن مفوضية شؤون اللاجئين أعطتهم ردا أوليا برفض خطة عودة النازحين إلى سوريا، وأضاف “بالتالي لدينا اتفاق ثنائي بين لبنان وسوريا إذا تتوج مع المفوضية تكون هناك مكاسب ونحن نتحاور”.
لجنة لتبيان النازح من اللاجئ السياسي
وعن هذا الاتفاق قال المسؤول اللبناني “اتفقنا على تشكيل لجنة لبنانية – سورية لتنسيق كيفية العلاقة وتبيان نوعية اللاجئ إذا كان نازحا أو لاجئا سياسيا” مع الطلب من المفوضية دفع مساعدات مالية وعينية على الأراضي السورية، وهذا الأمر رفضه ممثل مكتب المفوضية في لبنان آياكي إيتو. كون المفوضية بذلك ستتعامل مع الحكومة السورية.
وأكد أنه إذا لم تدفع المفوضية في الأراضي السورية فهي تشجع النازحين على البقاء في لبنان، مشيرا إلى أن موضوع اللجنة الثلاثية بين لبنان وسوريا والمفوضية تم بحثه ولكن المفوضية لم تتجاوب، ورأى المسؤول اللبناني أن الأمن مستتب في سوريا، بينما المفوضية لا ترى ذلك.
تحذيرات دولية وأممية من إعادة السوريين قسراً من لبنان
وكانت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى حذّرت من خطورة إعادة اللاجئين السوريين بشكل قسري إلى سوريا، حيث أن تلك المنظمات اعتبرت أن الاوضاع في سوريا وعلى كل الأصعدة غير مهيأة على الإطلاق لاستقبال اللاجئين السوريين، الذين من الممكن أن يتعرضوا للاعتقال و التعنيف والمطاردة الأمنية وربما الموت.
وطرح لبنان خطة تقضي بتأمين عودة مرحلية للسوريين إلى بلادهم على قاعدة كل شهر دفعة مع توقيف المفوضية المساعدات عن الـ15 ألف نازح الذين يجب أن يعودوا كل شهر وتلقيها في بلدهم.
مخاوف من العودة مع غياب الضمانات الدولية
وطالب لبنان مؤخرا بتقديم 3.2 مليار دولار لمعالجة تداعيات اللجوء السوري على أرضه، بحسب بيان للأمم المتحدة، بينما قالت الامم المتحدة إنها قدمت تسعة مليارات دولار من المساعدات في إطار خطة لبنان للاستجابة للأزمة منذ عام 2015.
وتقول الإحصائيات اللبنانية أن، هناك أكثر من مليون لاجئ سوري فروا من العنف والصراع على السلطة في سوريا، وأشارت إلى أنه خلال السنوات السابقة عاد المئات منهم فقط، مع مخاوف لدى الباقين من الملاحقة الأمنية أو الاعتقال أو السجن أو الموت في حال عودتهم في الوقت الراهن، خاصة أنه لا ضمانات دولية وأممية للاجئ السوري بالعودة دون أن يتعرض للأذى، ما دفع الكثيرين من السوريين في لبنان للهجرة إلى الدول الأوروبية.
ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية ومعيشية ومالية حادة، صنفها البنك الدولي على أنها واحدة من أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ أواسط القرن 19، وتفاقمت هذه الأزمة بعد الانفجار الكبير الذي حصل في مرفأ بيروت العام الماضي، والذي خلف المئات من القتلى والجرحى.
كما انهارت الليرة اللبنانية بشكل كبير وفقدت نسب كبيرة من قيمتها مقابل ارتفاع الدولار، مع ارتفاع نسبة الفقر والبطالة والتضخم و نقص الوقود والأدوية.
وهناك بعض اللبنانيين يلقون باللوم على اللاجئين السوريين بتفاقم أزمات بلادهم، حالهم كحال الأتراك الذين يعتبرون أن الأزمة الاقتصادية والأوضاع المعيشية الصعبة التي تخيم على بلادهم سببها اللاجئون السوريون، بينما تكشف العشرات من التقارير أن بنية الاقتصاد لتلك الدول وسياساتها المالية هي السبب وراء ما تعانيه اليوم.
إعداد: رشا إسماعيل