أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يعيش اللاجئون السوريون أياماً عصيبة في تركيا، فمن جهة تزداد الكراهية والعنصرية بحقهم، ومن جهة أخرى هناك مخاوف من ترحيل السلطات التركية لهم إلى سوريا، في وقت تؤكد تقارير إعلامية بأن العشرات من اللاجئين السوريين فروا من تركيا إلى أوروبا بعد أن أصبح مصيرهم مجهولاً.
جهات حكومية ومعارضة تركية تبث خطاب الكراهية ضد السوريين
وخلال سنوات الأزمة والصراع على السلطة في سوريا، فتحت تركيا أبوابها للسوريين للجوء في أراضيها، لكن ذلك تغير بعد سنوات قليلة، حيث تعيش تركيا أزمة اقتصادية خانقة وارتفاع في نسبة التضخم وانخفاض قيمة الليرة المحلية وزيادة نسبة البطالة، وهذه الأوضاع السيئة يحملها الأتراك، للاجئين السوريين، كونهم “يسرقون خيرات بلادهم”، وسط مطالبة السوريين بالرحيل والعودة لديارهم.
واعتبرت أوساط سياسية سورية أنه وبعد أن استفادت تركيا من ورقة اللاجئين السوريين وحصلت على عشرات المليارات من الدولارات من الاتحاد الأوروبي، ها هي تتخلى عنهم، عبر بث خطاب الكراهية والعنصرية ضد اللاجئين الموجودين هناك، مشيرين إلى أن العشرات من التقارير الإعلامية أكدت أن السلطات التركية واحزاب المعارضة يغذون هذا الخطاب ويروجون لضرورة عودة السوريين لبلادهم، كونهم يعتبرون أن الأوضاع ستتحسن في بلادهم بمجرد مغادرة السوريين.
إجراءات حكومية .. وعقوبات قد تصل لحد الترحيل
وشددت أنقرة الأوضاع القانونية للسوريين في تركيا، منها عدم منح إذن حكومي للسفر خارج الولاية المُقيم فيها اللاجئ، وفي حال السفر من دون الحصول على تصريح يُعاقب اللاجئ السوري وقد تصل هذه العقوبة إلى الترحيل، يأتي ذلك في وقت كشفت وزارة الداخلية التركية عن “خطة تخفيف” تستهدف انتشار اللاجئين السوريين في ولايات عدة، حيث يفرض ذلك قيوداً عليهم ويؤثر على أعمال قسم كبير من اللاجئين وحياتهم اليومية.
الإجراءات الحكومية التركية، وحديث الرئيس التركي عن مشروع “إعادة مليون لاجئ سوري”، بدأت تقلق السوريين في تركيا، الذين باتوا يشعرون بنوع “من عدم الأمان”، ما دفع بالآلاف للبحث عن رحلة لجوء وهجرة جديدة، ومنها السفر إلى أوروبا، على الرغم من خطورة الطريق الذي يسلكونه، والذي من الممكن أن يفقدوا حياتهم عبره.
السوريون يهاجرون من تركيا بسبب سوء المعاملة
وسلّط تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني الضوء على واقع اللاجئين السوريين في تركيا، وأكد الموقع أن العديد من السوريين باتوا يرغبون بالهجرة إلى أوروبا بدلاً من العودة إلى سوريا، ولفت الموقع أن السوريين يختارون الهجرة من تركيا بسبب زيادة نسبة الكراهية ضدهم وسوء المعاملة والعنصرية.
ونوّه التقرير إلى أن أحزاب المعارضة التركية سعت إلى الاستفادة من قضية اللاجئين السوريين، في أعقاب حملة شنّها حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي وعد بإعادة السوريين بمجرد انتخابه، حيث شهدت تركيا العديد من أعمال العنف والقتل التي طالت سوريين.
لكن الحزب وفق التقرير خفّف من لهجته، حيث التقى رئيسه كمال كليجدار أوغلو بممثلين سوريين لإيجاد طريقة لإعادة السوريين بسلام إلى بلادهم، وكشف التقرير أن العنصرية تطال حتى الأشخاص من المكون التركماني كونهم فقط جاؤوا من سوريا.
ممارسات السلطات التركية أجبرت شبان سوريين بالتظاهر
وكان العشرات من السوريين المحتجزين في مخيم “مرعش” في ولاية “كهرمان مرعش” بتركيا، تظاهروا ضد توقيفهم التعسفي من قبل السلطات التركية واحتجازهم في المخيم الذي يضم أكثر من 1500 شاب سوري تقدموا بطلبات للحصول على بطاقة الحماية المؤقتة، إلا أن السلطات التركية قررت احتجازهم ريثما يتم النظر في طلباتهم.
والتظاهرات جاءت بسبب تعامل أمن المخيم مع الشبان ونقص إمدادات المياه والطعام لهم مع قطع خدمة الانترنت عليهم، كما تدخلت القوات الأمنية التركية لفض التظاهرة باستخدام القوة وإطلاق القنابل المسيلة للدموع، وأكد المتظاهرون أن السلطات التركية تتعمد باستخدام ضغوطات على اللاجئ لإرغامه على التوقيع على “كتاب الترحيل” وإعادته إلى سوريا والقول أنه عاد “طواعية”.
ويبلغ عدد السوريين في تركيا، بحسب ما تقول أنقرة نحو 3.8 مليون، يقيم معظمهم في ولايات اسطنبول وغازي عنتاب وهاتاي وشانلي أورفا وأنقرة وكلس وغيرها.
ويجد المواطن السوري اللاجئ في تركيا اليوم، نفسه مجبراً أما على الخوض في رحلة لجوء جديدة إلى أوروبا؛ قد تنهي حياته، أو العودة إلى سوريا والتعرض للاعتقال أو الاختفاء القسري أو الموت بفعل استمرار التصعيد العسكري، أو البقاء في تركيا ومواجهة العنصرية والكراهية وانتظار المجهول.
إعداد: رشا إسماعيل