أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – محاولة روسية لاستخدام الانتخابات الرئاسية كورقة سياسية للتفاوض عليها أمام المجتمع الدولي، حيث أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن إجراء انتخابات مبكرة في سوريا خيار محتمل في حال نجاح الحكومة والمعارضة في تنسيق وإجراء إصلاح دستوري.
واعتبر “بوغدانوف” وهو المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول إفريقيا للصحافيين على هامش أعمال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، إذا توصلت الأطراف السورية إلى اتفاق وتم تثبيت نتائج عمله، فمن الممكن إجراء انتخابات وفقاً للدستور الجديد أو الإصلاح الدستوري، وقد يحدث ذلك بشكل مبكر وليس بعد 7 سنوات، حسب مقتضيات الدستور الحالي، لكن هذا الأمر يتطلب توافقاً بين السوريين، أما فيما يتعلق باجتماعات اللجنة الدستورية، أكد الدبلوماسي الروسي أن هناك خططاً لعقد اجتماع جديد بصيغة أستانا في عاصمة كازاخستان مدينة نور سلطان نهاية حزيران/ يونيو الجاري، لافتًا إلى أن موسكو ستجري الأسبوع المقبل اتصالات مع تركيا وإيران بهذا الصدد.
انتخابات مبكرة
ويرى مراقبون، أن البلاد مقبلة فعلاً على احتمال إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في سوريا، بناء على اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة، حيث من الممكن ألا تتجاوز ولاية بشار الأسد عامين أو 3 لتعقبها انتخابات رئاسية مبكرة بناء على اتفاق بين البلدين، كما من المتوقع أن يفضي الاتفاق إلى تسريع عمل اللجنة الدستورية وإعلان دستور جديد في فترة تتراوح بين 6 و12 شهراً يتم خلالها تحديد موعد الانتخابات بعد 18 شهراً.
حديث القيادة الروسية، حول الانتخابات الرئاسية المبكرة في سوريا، فتح الأبواب أمام التكهنات حول أهدافها، إذ يرى البعض أنه من الأولى لموسكو أن تصرح علانية بأن الانتخابات الرئاسية غير شرعية، ويستوجب التوافق من قبل اللجنة الدستورية على دستور جديد خلال مدة زمنية محددة ليصار بعدها لانتخابات رئاسية مبكرة.
ولعل السبب الرئيسي وراء التصريحات الروسية الجديدة يتمثل بالموقف الدولي الحاسم من عدم الاعتراف بالانتخابات الرئاسية السورية، حيث انتظرت روسيا حتى تقيس مدى جدية المواقف الدولية لتبني عليها هذه المقاربة للالتفاف على المجتمع الدولي واختراقه من خلال هذا الطعم لأنها ترى أن قبول التعامل مع هذا الطرح سيكون اعترافا فعليا بالرئيس السوري بشار الأسد وانتخاباته.
المشروع الروسي بطبيعة الحال، ليس عبثياً أو كردة فعل بل هو مشروع مدروس وهو ضمن مجموعة الخيارات التكتيكية للمقاربة الروسية لعملية الحل السياسي في سوريا والذي يتم التفاوض حولها بين الحكومة السورية والمعارضة.
جريمة دستورية
وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، قال قانونيون سوريون أن الانتخابات الأخيرة جريمة دستورية لأنها تخالف أحكام الدستور وتجعل الرئيس السوري بشار الأسد متهماً بجريمة الخيانة العظمى لأنه خلاف قسمه ولم يحافظ ولم يحمِ الدستور، ولم يحترم القانون، ولم يحافظ على الشعب والأرض، بل زاد على ذلك أن قام بتزوير إرادة الشعب وسكت عن تزوير السجلات الرسمية الأساسية للدولة والتي هي مناط الثقة العامة بالدولة ومؤسساتها، كما أنها جريمة جزائية من الجرائم المخلة بالثقة العامة التي نص عليها المشرِّع في الباب الـ 5 من قانون العقوبات باب التزوير المنصوص عنها بالمواد 427 وما بعدها من قانون العقوبات العام، والمواد 108 إلى 117 من قانون الانتخابات رقم 5 لعام 2014.
فالشرعية الدولية بطبيعة الحال هي شرعية تبعية للشرعية الوطنية وجوداً او عدماً وهذه الشرعية مصدرها الشعب كله وليس جزءاً او فئة منه وفق المادة الثانية من الدستور.
محاولات حثيثة
كل ذلك لم يعفي موسكو من محاولات حثيثة خلال المرحلة التي سبقت الانتخابات الرئاسية عبر تسويقها والعمل على تأجيلها مقابل أن تكون هناك انفراجة على مستوى الحصار الاقتصادي، ولعل زيارات موسكو إلى دول الخليج ودول المنطقة وبعض الدول الأوروبية خير دليل على ذلك، وعندما لم تتلقى روسيا أي ردة فعل على تلك الأعمال عمدت إلى إجراء الانتخابات الرئاسية ومن بعد ذلك محاولة إعادة انتاج ورقة الحكومة من أجل تسويق هذه الورقة للتفاوض عليها مرة أخرى.
وأخيرا فإن نجاح المشروع الروسي يتوقف في هذه الحالة على موقف المعارضة والتي لا يمكنها الرفض لأنها تريد تسجيل أي اختراق لحالة الاستعصاء القائمة في العملية السياسية.
إعداد: يعقوب سليمان