أوغاريت بوست (مركز الأحبار) – مع استمرار عمليات الترحيل القسرية للاجئين السوريين من دول الجوار السوري، دون أي مراعاة للأوضاع الأمنية والاقتصادية السيئة في البلاد، وتغاضي الدعوات الدولية المطالبة بعدم ترحيلهم بشكل قسري كون سوريا لاتزال غير آمنة، خاصة مع عودة العنف إلى المحاور الشمالية وتزايد نشاط الإرهاب في البلاد، وتصاعد في حالة الفلتان الأمني.
بغداد وأربيل تعيدان السوريين بشكل تعسفي
وبعد تركيا ولبنان والأردن، تعمل السلطات العراقية وسلطات إقليم كردستان، على ترحيل السوريين بشكل تعسفي، حيث تم توثيق عشرات الحالات للاعتقال والترحيل القسري من قبل بغداد وأربيل، وهو ما أكدته منظمة “هيومن رايتس ووتش”، التي أكدت في تقرير لها على أن السلطات العراقية والكردية في الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي باعتقال وترحيل السوريين.
المنظمة الدولية التي مقرها مدينة نيويورك الأمريكية، والرائدة في مجال حقوق الإنسان، قالت إنها وثقت حالات قامت فيها السلطات العراقية بترحيل سوريين على الرغم من أن لديهم إقامة قانونية أو أنهم مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
حملات اعتقال بحق السوريين سبقت ترحيلهم قسرياً
وسبق أن شنت السلطات العراقية في بغداد في آذار/مارس الماضي، حملات اعتقال بحق اللاجئين السوريين، والتي أدت لتوقيف عشرات السوريين في أماكن عملهم وإقامتهم وذلك كونهم “مخالفين لشروط الإقامة”، كذلك قامت سلطات إقليم كردستان العراق في نيسان الماضي بترحيل “العزاب” من اللاجئين السوريين وتسليمهم إلى سلطات الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا.
وطبقاً لإحصاءات كردية، فإن عشرات الآلاف من السوريين يقيمون في إقليم كردستان، أغلبهم من الشباب الذين يعملون في مختلف المهن، ويقطن البقية في مخيمات.
“الاعتقالات جاءت خلال مداهمات لأماكن العمل والشوارع ومكاتب الإقامة”
وحول ذلك، أكدت “رايس ووتش” بأن السوريين تم اعتقالهم خلال مداهمات على أماكن عملهم أو في الشوارع، وفي حالتين بمكاتب الإقامة أثناء محاولتهم تجديد تصاريحهم.
ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يستضيف العراق ما لا يقل عن 260 ألف لاجئ سوري، يقيم قرابة 90 في المئة منهم في إقليم كردستان.
بدورها قالت المنظمة الدولية إنها تحدثت مع 7 سوريين في أربيل وبغداد في الفترة بين 19 و26 أبريل الماضي، كان يجري ترحيلهم، بينهم أربعة في مطار أربيل في انتظار وضعهم على متن رحلة جوية.
“رايس ووتش تطالب بوقف الاعتقال وإعادة السوريين قسراً”
وفي السياق قالت، سارة صنبر، الباحثة المتخصصة في شؤون العراق في هيومن رايتس ووتش، إن المنظمة لم تتمكن من تحديد العدد الإجمالي للسوريين المرحلين، وذكرت المنظمة أن عمليات الترحيل جعلت السوريين في العراق يعيشون في خوف، وأضافت أنه “من خلال إعادة طالبي اللجوء قسرا إلى سوريا، فإن العراق يعرضهم للخطر عن عمد”.
كما زادت السلطات العراقية من العراقيل أمام السوريين للبقاء بشكل قانوني في البلاد، وقامت حكومة إقليم كردستان، بناء على طلب بغداد، بتعليق إصدار تأشيرات دخول للمواطنين السوريين، في إطار جهود أوسع لتنظيم العمالة الأجنبية في العراق، ما حد من قدرة السوريين على دخول إقليم كردستان للعمل أو اللجوء.
“قواعد صعبة للإقامة والعمل”
وتتطلب القواعد الجديدة في إقليم كردستان العراق من الشركات تسجيل العمال السوريين، وسداد اشتراكات الضمان الاجتماعي لهم. إلا أن بعض الشركات تجبر موظفيها على دفع نصف رسوم الضمان الاجتماعي من رواتبهم.
وقال عامل سوري في إقليم كردستان “للأسوشيتد برس” إن رسوم الحصول على تأشيرة لمدة شهر واحد للسوريين تبلغ 150 دولارا، ويمكن تمديدها لمدة تصل إلى عام، مشترطا تكتم هويته خشية ترحيله.
وأضاف أنه يجب الآن على السوريين التسجيل برقم الضمان الاجتماعي الذي يوضح أن صاحب العمل يسددها عنهم، وإلا فلن يتمكنوا من تجديد تأشيراتهم، وفي بغداد، تبلغ تكلفة تأشيرة العمل لمدة عام والتي تصدر بشرط وجود رقم الضمان الاجتماعي، 2000 دولار.
“سوريا غير آمنة”.. و”ومرحلون تعرضوا للتعذيب” بعد عودتهم
وتضغط الدول المضيفة للاجئين السوريين بشكل متزايد من أجل عودتهم إلى ديارهم، بينما تؤكد مؤسسات الأمم المتحدة من بينها المعنية بحقوق الإنسان واللاجئين إلى عدم إعادتهم وذلك كون سوريا لاتزال غير آمنة، والأوضاع غير مهيأة لعودة السوريين، وتطالب بإيقاف عمليات الإعادة القسرية لهم من دول الجوار.
وقالت “رايتس ووتش” إنه ورد في تموز/يوليو 2023 تعرض العائدين من العراق للتعذيب في مراكز احتجاز تابعة للاستخبارات العسكرية السورية، وتجنيدهم قسرا في الخدمة العسكرية.
“ما يصل لـ400 ألف سوري يعيشون في العراق وإقليم كردستان”
يشار إلى أن السفير السوري لدى العراق، صطام جدعان الدندح، أكد عدم وجود أرقام دقيقة لعدد السوريين في العراق، لكن وفق التقديرات يتراوح عددهم بين 300 إلى 400 ألف سوري.
وأشار إلى أنّ غالبية السوريين الموجودين في الأراضي العراقية، دخلوا إليها بطرق غير نظامية -أي من دون أوراق رسمية-، في حين يوجد عدد محدود منهم لا يتجاوز (20 ألف) سوري تقريباً، وهم مسجلون قنصلياً لدى السفارة السورية، ومن بينهم 7 آلاف حاصلون على الإقامة العراقية.
إعداد: علي إبراهيم