أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كانت للأزمة السورية المستمرة والممتدة منذ أكثر من 13 عاماً تأثيرات اقتصادية كارثية على الدولة والشعب السوري، الذي بات اليوم يعيش أكثر من 90 بالمئة منه تحت خط الفقر، وهذا لمن بقي في البلاد ولم يستطع النزوح إلى دول الجوار أو الخارج، بينما وصلت الخسائر المادية للحرب والصراع على السلطة في البلاد إلى أكثر من 300 مليار دولار أمريكي.
خسائر بمئات الملايين من الدولارات في كل القطاعات
ودائماً ما كان المسؤولون السوريون يتحدثون عن الخسائر في كافة المجالات بمئات الملايين الدولارات سواءً في الكهرباء والطاقة والزراعة والصناعة والسياحة وإلخ.. ويتم تحميل المسؤولية “للحرب الكونية” و “الحرب الإرهابية” و الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سوريا” في إشارة منهم إلى العقوبات الاقتصادية، إضافة إلى “الإرهاب” و ما دمره في البلاد.
“أسباب ثانوية وحقيقية”.. والخسائر تفوق الـ300 مليار دولار أمريكي
ويمكن اعتبار أن ما ذكر من الأسباب الثانوية للخسائر الهائلة في البنى التحتية والاقتصاد في سوريا، وما بات يشهد الاقتصاد من تراجع كبير وارتفاع نسبة التضخم واستمرار انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، الذي وصل إلى أكثر من 15 ألف ليرة لكل دولار أمريكي واحد، بينما الأسباب الرئيسية والحقيقية للخسائر الهائلة والأرقام المرعبة جراء الأزمة السورية تكمن في الصراع المسلح على السلطة بين الحكومة و المعارضة، اللتان اختارتا المدن والمناطق المدنية والآهلة بالسكان للتصارع على السلطة فيما بينهما.
وفي تقرير نشرته العديد من الوسائل الإعلامية، ذكر بأن الخسائر المادية جراء الأزمة السورية تجاوزت الـ300 مليار دولار أمريكي، جاء ذلك خلال حديث في هامش الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات والمؤسسات المالية العربية لعام 2024 في مصر. إلا أن هناك من يعتقد بأن الأرقام قد تفوق ذلك بكثير، نظراً لحجم الدمار الذي خلفه عمليات القصف والاشتباكات ضمن المناطق المدنية والسكنية في المدن السورية التي كانت ساحة للحرب بين الحكومة والمعارضة.
“دمشق تحمل المسؤولية للعقوبات الغربية”
وكالعادة، حمل وزير المالية في الحكومة السورية كنان ياغي، مسؤولية الخسائر المادية الكبيرة في سوريا، للعقوبات الغربية على دمشق، كونها تعيق التحويلات المالية للبلاد، ولفت إلى أن الحكومة تعمل على ضبط مستويات التضخم.
ويعاني الشعب السوري بواقع أكثر من 14 مليون انسان من احتمالية الوصول لمرحلة الجوع، وذلك نظراً للأسعار المرتفعة للمواد الغذائية وقلة الوارد المالي للمواطن السوري، الذي بات متوسط راتبه في أحسن الأحوال 200 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل حوالي 14 دولاراً أمريكياً، بينما تحتاج العائلة السورية اليوم في متوسط الحساب، عائلة مكونة من 5 أشخاص إلى أكثر من 5 ملايين ليرة سورية للعيش بشكل مقبول خلال الشهر.
وبالعودة لتصريحات الوزير السوري، قال أن سوريا بحاجة للدعم في الفترة المقبلة على مستوى الإصلاحات الاقتصادية، وعلى صعيد القروض لإعادة بناء البنية التحتية، مرجحاً تحقيق معدل نمو اقتصادي عند 1.5 بالمئة خلال العام الجاري.
الحل السياسي هو الطريق لإعادة الإعمار ونمو الاقتصاد
وتربط الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الدول الإقليمية والعربية، المساندة في دعم الاقتصاد السوري وإعادة إعمار البلاد إلى تطبيق الحل السياسي وفق القرارات الأممية ذات الصلة وخاصة القرار 2254، وتشكيل هيئة حكم انتقالية تعمل على تشكيل حكومة جديدة وانتخابات رئاسية وبرلمانية تشرف عليها الأمم المتحدة بمشاركة جميع أطياف ومكونات الشعب السوري، إلا أن هذا القرار الذي وافق عليه في مجلس الأمن عام 2015.
ومع الدخول في العام الـ14 للحرب والصراع المسلح على السلطة بين الحكومة والمعارضة، تغيب أية بوادر للحلول السياسية في سوريا، خاصة مع عودة التصعيد العسكري على محاور الشمال، وما تشهده المناطق الداخلية والجنوبية من حالة للفلتان الأمني والفوضى وتزايد في الجرائم، إضافة للصراع الإسرائيلي الإيراني المحتدم والذي باتت الأراضي السورية مركزاً له، مع نشاط الإرهاب وتصاعد هجماته في الآونة الأخيرة، ناهيك عن ما دمرته تركيا خلال شهري تشرين الأول/أكتوبر و كانون الثاني/ديسمبر من العام الماضي، للبنى التحتية في شمال شرقي البلاد، عبر عمليات جوية لطائراتها الحربية والمسيرة، بحجة أن قوات سوريا الديمقراطية تستفيد منها، متناسية أن هذه البنى التحتية هي ملك للدولة والشعب السوري.
إعداد: رشا إسماعيل