دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

الصراع الطبقي في سوريا ومسؤولية رجال السلطة ورجال الدين

 د.الياس الحلياني

 

إن المواطنة الحقيقية المبنية على كوننا جميعا أبناء هذا الوطن ، تتحقق في الصيرورة التاريخية . وهذا التاريخ يظهر لنا اليوم ، وله خصائص ، مليئة بالمشاكل والأزمات والاضطرابات . خصائص تحول دون تبيان هذه المواطنة . فانقسام المجتمع السوري الى مسؤولين امتهنوا التجارة والصناعة والاستثمار ، وتجار امتهنوا السياسة من جهة .  ومواطنين  مسحوقين  ، هو مشكلة من المشكلات العويصة التي نواجهها اليوم — فهناك أصحاب المليارات والاستثمارات الضخمة وبعض المسؤولين من الذين استفادوا كثيرا من الحرب و مناصبهم  وأصبحوا بين ليلة وضحاها من أصحاب المليارات وليس الملايين وبالدولار وليس بالسوري . وهناك أيضا ، المقهورون والمسلوبون من ثمرة أعمالهم ، والمحرومون من خيرات بلادهم . أي أن هناك طبقات متصارعة المصالح (تحت الرماد ) وبشكل فاضح جدا —فكيف نعيش قيم المواطنة في مثل هذا الظروف ؟.

وهل الرفيق فلان باشا ، وسيدي علان بك (عودة الألقاب) يتساوى في المواطنة مع فلان المعتر وعلان المسحوق . ؟

كيف يمكن هدم الهوة الكبيرة ، بين هذين العالمين ؟ وعندما نقول عالمين : نعنيها : فعالم الأغنياء والمسؤولين والسلطة عالم قائم بذاته ، هو عالم الآلهة والأبناء والأحفاد والأقارب والمحاسيب .

وعالم الفقراء المواطنين المسحوقين، جماعة الفلافل ، والحفر المنتشرة في كل مكان ، وحاويات القمامة المنتفخة والتي تمتد آثارها على عدة عشرات الأمتار من الشارع . والركض وراء الباص ، والكهرباء المقطوعة ، ومياه الصفيح ، والغلاء الفاحش ، والجريمة ، والزحمة ، والضرورة القومية في افساح المجال لكل من هب ودب  . ولا نستطيع أن نقول عن هذا العالم أنه قائم بذاته : بل يصح أن نقول : ميت حي بذاته .

ومع العلم أن التوجه الحكومي الغالب ، هو لصالح القائم بذاته ، وليس للميت الحي بذاته .

إن المواطنة الحقيقية ، مطلب شعبي مهم ، ولكن الصراع الطبقي يُفرق بين هؤلاء وأولئك ،  وبشكل فاضح ومؤلم .

 

ما هو موقف السلطة والدين من الصراع الطبقي الحاصل اليوم ؟

لا يمكن أن نتجاهل أن موضوع الصراع الطبقي في سوريا اليوم ، يخلق مشكلة كبيرة وحقيقية أمام تطبيق مبدأي المواطنة واحترام الآخر . وحينما نبدأ البحث في هذه المسألة ؛ لا بد لنا من أن ننطلق من ملاحظتين اثنتين أساسيتين : الأولى هي التسليم بأن الصراع الطبقي (واقع قائم ) في مجتمعاتنا المدنية والريفية ، ولم يستطع حزب البعث ، وقد – وقد يكون نجح في البداية – عبر مسيرته الطويلة ، سوى استبدال أسماء بأخرى والحال كما كان عاد . في غياب الحس الإنساني عند الأغنياء الجدد ناهيك عن الحس الوطني ، عبر تهريب أموال الشعب السوري الى الخارج ، عوضا عن اقامة المشاريع الاستثمارية داخل الوطن (الخماسية) وغيرها من المشاريع الحديثة .

وعلى العكس تماما ، نرى ، أموالنا المنهوبة ، تتكدس في الخارج ، ونحن نشحذ الاستثمارات الخارجية ، وكأنه لا يكفي أننا بعنا شرفنا وأخلاقنا ، بل يجب أن نبيع أرضنا ، ونجعل من شبابنا عبيدا في هذه الشركات الخارجية .

 والثانية هي أن اتخاذ الدين والسلطة موقف الحياد في هذا المقام أمر غير ممكن وغير صحيح ، ولا يساعد أبدا .

يجب الاعتراف إذا بأن الصراع الطبقي هو جزء من واقعنا الاقتصادي والسياسي والديني ، أي الإنساني ، بمجمل الكلام ، كما أن تطور هذا الصراع ، وازدياد الهوة ، سيؤدي على المدى البعيد ، الى استحالة تطبيق قيم المواطنة كما نرغب .

ورغم ادعاء البعض بأن (الصراع الطبقي ) شيء مصطنع ، لا بل قالوا إنه لا وجود له في سوريا ، لأن طبيعته تتنافى مع أبسط القواعد التي تسود العلاقات في المجتمع السوري . فاعتبروا هذا الصراع من صنع الشيوعيين والحاقدين والمغرضين . وعلى الرغم من ارتفاع اصوات الذين يعتنقون هذه الطريقة في التفكير ، فإن هناك شيئا أكيدا تطرحه هذه النظرة الى الأمور ، وهو أن الأستبداد والسلب وما يترتب عليهما من تجربة الصراع الطبقي ، لا يشعر بهما ولا يدركهما إلا من عانى هذه التجربة المريرة . وحلم ، بالمنزل الصحي ، والطعام الكافي ، والماء النظيف ، والهواء الغير ملوث . هؤلاء هم طبقة (المهمشين) وقد فقدوا القدرة على رفع أصواتهم في داخل الوطن وخارجه . وإن كانت الأوساط الشعبية المهمشة هي أول من يدرك حقيقة هذا الصراع ، فهذا لا يعني أن هذا الصراع غير موجود بين الطبقات المسيطرة بشكل من الأشكال . كما أن الذين يعتبرون أن الصراع الطبقي ما هو إلا إنتاج بعض العقول المعارضة المتهورة . سيعترفون يوما بوجوده ، وآثاره المدمرة .

 إن الوعي لوجود هذا الصراع الطبقي في سوريا ، والحديث عنه ، لا يعنيان (كما وصلني من العديد من الأصدقاء والأخوة) تغذية هذا الصراع أو خلقه من العدم ، فهو موجود ومستشري ومخيف ، ويضم بين دفتيه : رجال أمن ، ورجال حكومة ، ورجال حزب ، وموظفين كبار ، وضباط جيش . وهؤلاء ، موجود منهم أيضا ، في الطرف الآخر ، المسحوق والمسلوب .

ونحن في سعينا الى الكشف عن هذه الظاهرة الخطرة لا نفعل أكثر من رصد هذا الواقع والتوعية لمخاطره . ويستطيع أي طفل صغير ، أن يذكر لك كمية الأموال التي خرج بها كل من الشهابي والرفعت والخدام ، والكمية التي يتداولها بعض رموز الأمن من المرحلة السابقة ، والحياة السماوية التي يعيشها أولاد بعض الوزراء ورؤساء الحكومات والمديرين العامين . ناهيك عن عمليات تبييض الأموال ، تحت مسمى المطاعم الفخمة وشراء الأراضي . بينما يقبع المواطن المسحوق في الدرك الأسفل من الحياة ، محروما ، من أغلب وسائل الترفيه والحضارة

إن  تجاهل الواقع هو مغالطة للنفس ومغالطة للتاريخ ، ومغالطة للآخرين . أضف الى ذلك ما ينتج عن هذه المغالطات من حرمان الشرفاء في السلطة ، من اتخاذ الوسائل الضرورية للقضاء الجذري على مثل هذه المواقف اللاأخلاقية ، والتوجه نحو مجتمع سوري غير طبقي . وحينما تسمي العصابات المسيطرة على مقدرات المجتمع السوري هذا الواقع بالشطارة والفهلوة وانتهاز الفرص ، فإنها تعبر عن عدم رغبتها في هدم الأسباب التي تؤدي الى ظهور هذا الصراع .

قد نكون نعرف ، ولا نستطيع أن نقول ، وقد نكون لا نعرف ، كيف ظهرت هذه الطبقة ، بهذه السرعة ، وبهذا الفحش . ولكن الواقع يقول أنها أصبحت موجودة ، ولن تقبل بأن تتراجع ، عن المكاسب التي خطفتها من فم الشعب المقهور والمسحوق . بل هي مستعدة ، في سبيل زيادة جشعها، الى استعمال كل الوسائل الممكنة من أجل تضخيم ومضاعفة ثرواتها .

 

 

لقد أشار كارل ماركس نفسه الى هذه القضية ، في رسالة قد أرسلها الى (جوزيف وايدماير ) ، بما معناه أنه لم يكتشف هو وجود الصراع الطبقي ، بل هم الاقتصاديون والبرجوازيون أنفسهم الذين تحدثوا عنه . وإنه لم يقم بأكثر من تحليل أسباب هذا الصراع القائم ورسم الطريق الى مجتمع بلا طبقات

فعندما نكتب اليوم ، عن هذا الظلم الكبير ، والهوة العميقة ، التي تفصل بين أبناء الشعب الواحد . وتجعل ساكن القبر يحسد ساكن القصر ، على كل النعم ، التي وصل اليها ، بسبب علاقته مع السلطة ، وشراكته مع بعض رجالها . نكون في صدد العمل على إزالة أسباب هذا الصراع ، لا إخفاؤه ، وهذا يعني في الواقع العملي ، فضح كل أشكال الشراكة والفساد والسلب ، والقضاء عليها ، كونها أحد الأسباب الرئيسية  لوجود هذا الصراع الطبقي في سوريا .

 

 

وأيضا يتمثل ذلك في ((ملكية))  بعض أفراد السلطة والمجتمع ، وهم السارقون لتعب وكفاح الشعب . وحتى تستقيم الأمور ، وجب أن يكون هناك توزيعا عادلا لكل ثروات الوطن : النفط ، الماء ، الأرض ، الرمل ، البحص ، الحجر —–

إن القضاء على أسباب هذا الصراع المرير ، لا يمكن أن يتم ، بالخطب ، والشعارات ، والندوات ، والأماني . بل بوضع الأصبع على الجرح

في البدء ، نحتاج ، الى مجتمع أكثر عدالة ، وأكثر حرية ، وأكثر انسانية . وفي الحقيقة ، نحن نفتقد الى كل ذلك اليوم .

العدالة والحرية والانسانية . المثلث الذي يغيب عن المجتمع السوري اليوم . والذي بغيابه ، يبقى هناك : طغاة ومقهورين .

واقع يقسم المجتمع السوري ، وبقسوة ، الى قسمين , ويؤدي الى تخلفه ، وتراجعه ، وضموره حتى

وعوضا عن الشراكة القائمة ، بين بعض رموز السلطة ، وبعض رموز الفساد ، فلتكن شراكة بين أبناء الشعب وبين السلطة ، وليكن هناك توزيع عادل للثروة الوطنية ، مما يؤدي في مرحلة لاحقة الى بناء مجتمع سوري انساني . وهذا المجتمع يجب أن يمر من خلال الاشتراك الواعي والفعال في تحطيم سلاسل هذا الصراع الطبقي الذي يكاد يُحطم الوطن والمواطن .

 

التوزيع العادل للثروة الوطنية:

 واقعيا يتحقق السعي إلى التوزيع العادل للثروة الوطنية في أنه يسمح لأكبر عدد من البشر بالوصول إليها وبالاستفادة من الخدمات المطروحة – من صحة وتعليم وسكن ووسائل اتصال – وبتوفير عمل لمن هم في سن العمل، وعدم تمييز فئة على حساب فئات، والحفاظ على علاقة عادلة بين المرتبات والأسعار.

ويراد أيضا بالتوزيع العادل للثروة الوطنية أن تؤمن الاستثمارات بشكل متوازن بين قطاعات الإنتاج المختلفة – من زراعة وصناعة وخدمات – وأن يحافظ على التوازن بين الثروات وتطور الخدمات العامة الأساسية.

 ويفيد التوزيع العادل بالتالي التصدي لأشكال التمييز بين شرائح المجتمع المختلفة, وتنمية المساواة بين أفراده, فلا يتنعم القليلون بالخيرات ويرزح كثيرون تحت وطأة الفقر.

 ويعني التوزيع العادل للثروة، على مستوى الجماعات، أن لا تحددها إيديولوجية أو نظرية بحتة, بل أن تؤخذ في الاعتبار حاجات الجماعات التي تكون المجتمع, وتقدير حقوق الأشخاص والمجموعات الدينية والعرقية التي تساهم في تكوين النسيج الاجتماعي. وبالتالي فعلى الأشخاص والجماعات من خلال الأطر والنظم السياسية أن يشاركوا في تحديد ماهية التوزيع العادل للثروة الوطنية وأولويته تحديدا عادلا ومنصفا.

 هدف السياسة هنا أن تعمل من أجل تحقيق التوزيع العادل, بل أكثر من ذلك فإن السياسة تستمد سبب وجودها من عملها من أجل كرامة كل أنسأن والتوزيع العادل للثروة فالسياسة تعمل على توجيه قوى جميع التيارات داخل المجتمع نحو تحقيق توزيع عادل للثروة. فالتوزيع العادل للثروة الوطنية يمتد إلى أبعاد الإنسان جميعها من مادية ونفسية, فلا يخفى الواحد منها على حساب الآخر أو ينقر أحدها الآخر, وهذا يعني أن يراعى ترتيب القيم بحسب أهميتها ترتيبا يوازن بين أبعاد الإنسان المختلفة وحاجاته المتعددة وبالتالي يجب أن يهدف النظام الاجتماعي وتقدمه دوما إلى خير الأفراد لأن نظام الأشياء يجب أن يخضع لنظام الأشخاص وليس العكس وتقوم بذلك وتسهر عليه تلك السلطة التي تقدر على توجيه قوى الجميع نحو توزيع عادل للثروة الوطنية وتحول دون تفكيك الجماعة السياسية, لا بالاستبداد ولا بالقمع, بل تعمل كقوة أدبية تجد في الليبرالية ومعنى المسؤولية سندا لها.

 وهذا يتطلب من رجال السياسة أن يضعوا نصب أعينهم الغاية التي من اجلها تولوا مسؤولياتهم، إلا وهي خدمة حقوق الأفراد وخير جميع المواطنين، ويعني ذلك احترمهم الدستور والقانون والسلطات التشريعية والقضائية، ولا تتحول سلطتهم السياسية إلى خدمة مصالحهم الخاصة أو مصالح فئة بعينها على حساب سائر الفئات. وإذا وعى رجل السياسة دوره الأساسي داخل مجتمعه, فعليه أن يولي اهتماما خاصا للشرائح الفقيرة والمحرومة والمهمشة لأي سبب كان.

كثيرة هي الأمثال والآيات والسور والحكم والمزامير  ، التي تتحدث عن المقهورين والمسحوقين والفقراء ، والمهمشين في هذه الحياة .

ولكن أين هو موقع الدين من هذا الصراع ؟ أيقف مع الظالم أم مع المظلوم ، مع القاهر أم مع المقهور ، مع المسؤول أم مع المواطن ؟

حتى موقف الحياد ، أمر غير مقبول من الدين ، وغير ممكن . فمسألة هذا الصراع ، لا تُطرح من جهة قبول أو إنكار واقع يفرض نفسه في هذا المجتمع ، فكما أسلفنا ؛ المطلوب هو معرفة الجهة التي ينحاز اليها الدين . وحينما يتجاهل الدين الاعتراف بوجود هذا الصراع ، فإنه يتصرف ، من الوجهة الموضوعية ، بصفته جزأً ، شريكاً، مع النظام الحاكم . ذلك لأن النظام يسعى فعلا الى الإبقاء على الصراع في الوقت الذي ينكر وجوده . كما أن استمرار الصراع يؤمن للنظام استمرار الانقسامات الاجتماعية التي عليها ترتكز الامتيازات التي تتمتع بها المافيات المسيطرة في المجتمع والمستفيدة من هذاالوضع . وهو موقف متناقض لكل نظام ، يُظهر اعتداده بالمساواة أمام القانون ، في حين يستمر في سعيه للاحتفاظ بامتيازاته .

 أديان المحبة والرحمة والسلام :

لمن المحبة ،؟ لمن الرحمة ؟ لمن السلام؟

لا يستطيع الدين أبدا ، أن يتجاهل هذا الصراع الطبقي ، وهو يعيش في المجتمع أيضا ، ولا يقف خارجه . فهناك في كل دين ، جماعات ، ينتمون الى طبقات متصارعة ، فمنهم من ينتمي الى الطبقة الحاكمة ، ومنهم من ينتمي الى الطبقة المقهورة ، وهذا يعني أنه في كل دين هناك جماعات تخضع بالفعل للانقسامات الاجتماعية . فمن غير المعقول أن نتحدث عن وحدة الدين بدون أن نأخذ في الاعتبار هذا الصراع الملموس . ومما يؤسف له أن هذه الاعتبارات غير موجودة بالقدر الكافي في الطريقة التقليدية لمعالجة موضوع وحدة الدين ، أي دين ، ودليلنا هو غياب الاهتمام بالصراع الطبقي في الكثير من الخطب والندوات والنشرات ، والتي يُلقيها رجال الدين في أتباعهم .

إن محاولة تغطية الصراع الطبقي هذا في المجتمع ، وتجاهله ، داخل الكنيسة والجامع ، بالكلام ، عن الأجر السماوي للفقراء ، وعن المكافآت المجزية للمواطن المؤمن ، في دار النعيم فقط : يعني الانحياز النهائي الى الطبقة المسيطرة ، كما أنه محاولة لتزييف الواقع الحقيقي لهذا الصراع . وكل ذلك بحجة موقف روحي ديني ، يحاول أن يضع نفسه فوق امور الزمنية .

الاعتراف بواقع الصراع الطبقي ، وبالمهمشين والمواطنين  المقهورين من أبناء الشعب ، والعمل الصادق والوجداني ، على إزالته ، لن يُحسبا لرجال الدين إنكارا للرسالات السماوية ، بل على العكس .

الهدف الأساسي لرجال الدين ، يجب أن يكون الإنسان المواطن المقهور ، لا المسؤول القاهر . مع اغفال كل الميزات ، التي يُقدمها القاهر ، من مآدب وولائم وسيارات ، وجاه و—–.

دخول  الدين ممثلا برجالاته  في هذا المعترك سيكون هو الوعاء الذي يكتشف من داخله الطريق الذي سيسمح له  بالتحرر من (عطايا ) السلطة . كما سيصبح حقا علامة واضحة للمواطنة الحقة .

هناك الكثير ، الكثير ، مما يمكن قوله ، ولا يُسمح بنشره ، عن دور رجال الدين القاصر على الانحياز التام لصالح السلطة ، والتجاهل التام لصالح المواطن . وفيما لو فكرنا بتطبيق المبادئ السامية لكل الأديان ، من محبة الى رحمة الى سلام الى احترام الاخر الى العيش الكريم الى الحفاظ على الكرامة الإنسانية ، فإننا ، حتماً ، سنصطدم بالسلطة وبالطبقة الحاكمة .

 الصراع الطبقي في سوريا موجود ، ولا ينفع أن ننكره: هناك طبقة فاحشة الثراء ، وأخرى مفهورة مهمشة . ولئن لامسنا أطراف الصراع الطبقي ، مع عدم امكانية الدخول في أعماق هذا الصراع ، فإننا قد نكون ، في صدد ازالة القشرة الخارجية لهذا الصراع ، في انتظار ، من يأتي ،  ويكون أجرأ منا ، ويدخل في عمق هذا الصراع ، من أجل ازالته ، وتحقيق المساواة والمحبة والرحمة والتسامح والكرامة واحترام الآخر والعيش الكريم ، بين كل أفراد المجتمع السوري

 الدين ، أي دين – وكما غيرت الأديان في السابق وجه البشرية – يستطيع ، بابتعاده عن السلطة والسياسة ، واقترابه من المواطن الإنسان ، أن يُغير الكثير الكثير . ونحن في هذا لا نطلب منه ، الا ، العمل بمبادئه ، والغاية التي وجد من أجلها :: الإنسان المواطن .