أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – رغم تجاهل الحكومة السورية لما يحصل في محافظة السويداء من حراك سلمي وشعبي، شارك فيه أغلب مكونات المجتمع في المحافظة، إلا أن الحراك لايزال مستمراً وبوتيرة عالية، حيث يتجمع المئات من أهالي المحافظة بشكل يومي في ساحة الكرامة وسط السويداء، التي تحولت لرمز الانتفاضة الشعبية، للتعبير عن رفضهم لسياسات دمشق التي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية.
الحراك مستمر بشهره السابع.. والمطالب لا تتغير
وانطلقت التظاهرات في محافظة السويداء، في الـ17 من آب/أغسطس من العام الماضي، وذلك احتجاجاً على الواقع الاقتصادي المتردي في المحافظة في ظل تجاهل للسلطة الحاكمة في دمشق بشكل تام، مع قرارتها التي صدرت حينها برفع أسعار المحروقات التي كان لها تأثير كبير على الواقع المعيشي للملايين من السوريين، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.
ويطالب الحراك الشعبي السلمي “اللاعنفي” في محافظة السويداء، “بإسقاط النظام” و “الانتقال السلمي والسياسي للسلطة” و “تطبيق المقررات الأممية حول الحل في سوريا وعلى رأسها القرار 2254″، مع “الإفراج عن المعتقلين من السجون” التابعة للحكومة السورية، ورغم مرور أكثر من 7 أشهر على الحراك، إلا أن السلطة في دمشق مستمرة في تجاهلها، وسط دعم واسع من قبل السوريين لهذه الانتفاضة التي عبرت عن حقيقة مطالب السوريين بعيداً عن السلاح والحرب.
دعم السوريين للحراك وثبات أهالي السويداء أدى لاستمرار الانتفاضة
ولا شك في أن دعم مختلف شرائح المجتمع والمكونات في سوريا لهذه الانتفاضة الشعبية السلمية في محافظة السويداء، مع مساندتها من قبل شيوخ طائفة العقل، وعزم المواطنين على مواصلة احتجاجاتهم رغم كل الظروف المعيشية السيئة، والتي رافقت الحراك السلمي في سوريا والمنطقة بشكل عام، كان سبباً في استمرارها، فيما راهنت دمشق على “عامل الوقت” لانتهاء هذا الحراك وعودة الأمور إلى ما كانت عليه.
ومع غياب هذه الانتفاضة الشعبية على وسائل الإعلام الحكومية والعربية، حاولت دمشق الالتفاف حول الحراك السلمي، بإعلان عن فتح مركز “للتسوية والمصالحة” في السويداء، الأمر الذي فهمه المجتمع المحلي جيداً بأنه محاولة “لإفشال” حراكهم السلمي، والذي قوبل بالدعوى إلى إضراب عام وشامل في المحافظة، يوم الثلاثاء، تأكيداً على استمرار الاحتجاجات والمطالب.
تحركات محلية لمواجهة مساعي دمشق “للالتفاف” حول الانتفاضة
وفي هذا الإطار، شهدت مدينة السويداء ومناطق في ريفها الثلاثاء، إضراباً وإغلاقا عاما شمل جميع نواحي الحياة رفضاً لأي تسوية تعلنها الحكومة للمصالحة معها، معتبرين أن أي قبول للتسوية مع الحكومة يعني قتل الانتفاضة وقتل الاحتجاجات التي اندلعت قبل نصف عام.
وانطلق الإضراب العام في مدينة السويداء منذ ساعات الصباح الأولى وشمل جميع مفاصل الحياة داخل المدينة وريفها حيث قام محتجون بقطع الطرقات بحرق العجلات، كما قام السكان بإغلاق جميع محالهم التجارية وتعليق الدوام في جميع المؤسسات الحكومية.
وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ومحتجون في السويداء وريفها دعوا إلى إضراب وإغلاق عام في المدينة والريف رداً على ما قالوا إنها “محاولات للنظام السوري لإفشال انتفاضة السويداء”، وسط أنباء عن استئناف الحكومة لتسويات كانت قد بدأتها قبل عامين.
“اللامركزية”.. والحراك في السويداء يهدف لبناء سوريا ديمقراطية
وخلال الأشهر الماضية، ظهرت دعوات بتطبيق نظام “اللامركزية” في سوريا بدلاً من النظام “المركزي المطلق” المطبق في البلاد منذ عقود، في شكل يشبه إلى حد كبير “للإدارة الذاتية” المطبقة والقائمة في شمال شرقي البلاد، وسط التأكيد من قلب رمز الانتفاضة، ساحة الكرامة، بأن “اللامركزية” هي الحل الأنسب والوحيد لسوريا للخلاص من الاستبداد ونظام “الرجل والحزب الواحد”، فيما نفذ القائمون على الاحتجاجات بعدة خطوات شملت تقديم الخدمات للمجتمع بعد وضع يدهم على مراكز ومؤسسات حكومية، لعدم نفعها وعملها في خدمة المجتمع، وتحويلها إلى مراكز لخدمة أهالي المحافظة.
ويقول سياسيون سوريون بأن الحراك الشعبي في السويداء انتج أفكاراً ورؤى عدة للواقع السوري، حيث ان بناء دولة ديمقراطية تضم كل السوريين هو الأساس في الحراك، وهي حالة صحية وإيجابية في المجتمع السوري بعد عقود من النظام الأمني المطلق، مشيرين إلى أن الحرية والديمقراطية ومحاربة الفساد هي بالأساس مطلب لكل السوريين منذ بداية الأزمة والثورة الحقيقية التي تم تحريفها عن مسارها من قبل أطراف محلية وإقليمية ودولية وبالتالي آلت للحرب المعاشة حتى الآن.
وسط التأكيد على أن السلطة الحاكمة في دمشق ليس لديها أي شيء لتقديمه للمواطنين في السويداء، حيث أنها لا تملك قرارها بالأساس، وحلفائها هم من يتحكمون بالسياسة الداخلية والخارجية أيضاً، وهي (دمشق) لاتزال تراهن على “عامل الوقت” حتى يشعر الناس بالملل والوصول إلى أن “الاحتجاجات لا منعة منها لتحقيق نتائج على الأرض”، مشددين على أن ذلك لن يحدث لطالما أن هناك تأييد سوري ومحلي وإقليمي وحتى دولي لهذه الانتفاضة الشعبية.
إعداد: علي إبراهيم