أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في الوقت الذي تشتعل فيه جبهات الصراع في سوريا مع استمرار الحراك الشعبي في الجنوب وخاصة السويداء، يبدو أن اجتماعات “لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا” والتي عقدت في القاهرة، مرت مرور الكرام، أو يمكن أنه “لا أحد سمع بها بالأساس”، وذلك كون المواطن السوري اليوم وصل لقناعة بعدم جدية أي مساعي سياسية لحل الأزمة في بلاده، حتى مع عودة العرب.
سوريا بعد عودة العرب.. “لا شيء يذكر”
الاعتقاد السائد يمكن استخلاصه من عدم تحقيق أي انجاز منذ عودة سوريا إلى الجامعة العربية وحضور الرئيس بشار الأسد القمة العربية في الرياض، إن كان من ناحية السياسة واستمرار التدخل الخارجي وعلو صوت المدافع والرصاص على الدبلوماسية أو من خلال تفاقم الأزمات الاقتصادية وانهيار الليرة وعدم تحرك أي طرف لمساندة السوريين في هذه الظروف الصعبة. كل هذه الأسباب يمكن اعتبارها سبباً في عدم ثقة السوريين بأي طرف يقول أنه يريد حل الأزمة، وهنا ليس العرب فقط بل كل الأطراف التي تقول أنها تسعى لإنهاء الصراع.
اجتماع للعرب حول سوريا “وتكرار الدعوات”
وانطلق يوم الأربعاء الماضي، أعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب في دورته الـ160 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية في القاهرة، وبحث الاجتماع بنوداً عدة بينها الأزمة السورية، و”التدخلات الإيرانية” فيها، مع “مخاطر التسلح الإسرائيلي على الأمن القومي العربي” وغيرها.
وخلال الاجتماع، تم التأكيد مجدداً على ضرورة العمل لوحدة سوريا واستقرارها، وسط الإشارة إلى أن انضمام دمشق لبياني عمان والقاهرة يعزز التعاون العربي، بشأن حل الأزمة السورية ولمصلحة الشعب السوري.+
وجاء الاجتماع بمشاركة الوفد السوري الذي ترأسه وزير الخارجية فيصل المقداد، وذلك وفق قرار عربي صدر عن جلسة غير عادية دعت إليها مصر يوم 7 أيار/مايو 2023، حيث اعتبر حينها أن هذه العودة هي ستفتح الباب أمام دور عربي أكثر فاعلية في الأزمة السورية.
القاهرة: حل الأزمة السورية وفق خطوة مقابل خطوة وقرار 2254
وقال وزير الخارجية المصري، الذي ترأس الدورة، أنهم أكدوا على وحدة وسيادة الأراضي السورية وسلامتها، وهزيمة الإرهاب، واتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة وفق مبدأ “خطوة مقابل خطوة” وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254.
ولطالما اعتبرت مصر أن إنهاء الأزمة السورية يخدم أمنها القومي، والأمن القومي العربي ككل، كما لعبت القاهرة إلى جانب دول أخرى دوراً كبيراً في عودة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية.
وبعد الاجتماع الوزاري العربي، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أن بلاده تواصل جهود الحل السياسي وفق مقاربة خطوة مقابل خطوة وقرار مجلس الأمن 2254، وأشار “التحدي الذي يمثله تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن”، مشدداً أن الأردن مستمر في “مواجهة هذا الخطر بكل إمكاناته”.
“اجتماعات روتينية”.. ودمشق غير مستعدة للحل السياسي
ولعل الكثيرون ينظرون إلى هذه الاجتماعات والمواقف على أنها “روتينية” تستمر الدول العربية والأطراف المشاركة في الأزمة السورية، بقولها منذ بدايتها، مشيرين إلى أن الآمال التي كانت مبنية على الدور العربي في تخفيف سطوة دور دول مسار آستانا بدأ يتلاشى لدى السوريين شيئاً فشيئاً، خاصة وأن الحكومة السورية لا تبدو مستعدة لحل الأزمة السورية وفق ما يريده العرب، مع استعادتها لثلثي البلاد، وعودتها للجامعة العربية والمساعي الروسية لإعادة تطبيع العلاقات مع تركيا، رغم صعوبتها، وأن دمشق تنظر إلى نفسها بنظرة المنتصر، ولا يمكن أن تُفرض عليها حلول يمكن أن تحد من الصلاحيات المحصورة بيد الفئة الحاكمة.
“الأسد يهمل الملفات التي تتعلق بالمنطقة والحل السياسي في سوريا”
وفي هذا السياق، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، إن الرئيس السوري يهمل الملفات التي تتعلق باﻷوضاع في المنطقة والحل السياسي، ويركز اهتمامه على الذي يريده فقط، وأضاف لتلفزيون “رؤيا” “يجب إيجاد حل سياسي للقضية السورية. الاسد لم يتحرك إلى الأمام خطوة واحدة بخصوص اللاجئين السوريين، وهو ليس معني كثيراً بعودة أي مواطن”.
وأشار المعايطة إلى أن السوري عندما يريد أن يعود إلى بلده يصطدم بمشاكل، مثل البنية التحتية والبطالة والمطالبات الأمنية والخدمة العسكرية الجبرية، وقال أن حكومة بلاده سعت لحل هذه الملفات بشكل مشترك مع الأمم المتحدة ودمشق من أجل إيجاد أرضية لعودتهم إلى قراهم ومدنهم، إلا أن الأخيرة رفضت التجاوب.
“دمشق غير جادة بالالتزام بالمطالب العربية لحل الأزمة في سوريا”
وسبق أن نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” تقريراً أكد أن دمشق غير جادة بالالتزام بمطالب “اللجنة العربية” وهي لم تتخذ أية إجراءات نحو ما تمت مناقشته مع اللجنة أو المطالب التي قدمت، كما أنها أخلت ببند عودة اللاجئين، حينما ربطت دمشق عودتهم بجهود إعادة الإعمار، كما لم تعطي دمشق أي وعود بشأن محاربة المخدرات والسير بالحلول السياسية والاستجابة للقرارات الدولية والتوافق على الخطوط العريضة للدخول في المرحلة الانتقالية.
وقبل 3 أسابيع من الآن، توافقت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا، على منهجية عمل مع دمشق في اجتماعها الأول التنسيقي الذي عقد في القاهرة ، حيث جاء في بيانها الختامي أن الحل في سوريا سيكون وفق “خطوة مقابل خطوة” وبما ينسجم مع القرار 2254، وأقر الاجتماع منهجية عمل اللجنة في حوارها مع الحكومة السورية، لتنفيذ بيان عمّان.
إعداد: علي إبراهيم