أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعاني معظم المناطق السورية، وخاصة التي تقع تحت سيطرة الحكومة و فصائل المعارضة، إضافة لدول الجوار من ظاهرة انتشار المخدرات وتهريبيها والترويج لها بين المحافظات وخارج الحدود، حيث باتت هذه المسألة معضلة حقيقية تهدد الفئات الشابة والأجيال القادمة في سوريا، بينما باتت تعتبرها دول الجوار مسألة “أمن قومي”.
المخدرات.. تهديد للأجيال القادمة وأمن دول الجوار
وأدى الفلتان الأمني وغياب سلطة الدولة وتقاعس الأجهزة الأمنية للحكومة السورية إلى انتشار المخدرات بشكل كثيف وكبير جداً في معظم المناطق، ليس ذلك وحسب، بل يقال أنها باتت مصدر الدخل رئيسي للحكومة السورية، التي أنشأت معامل ومصانع كبيرة تحت إشراف خبراء من حزب الله اللبناني لصناعة هذه الآفة والتجارة بها وبيعها في الداخل السوري وتصديرها لدول الجوار بهدف جني الأموال الطائلة التي من شأنها أن تحمي الاقتصاد من السقوط جراء العقوبات الغربية والحصار المفروض.
ورغم أنها باتت تعتبر “كتهديد للأمن القومي” للدول المجاورة وخاصة الأردن، الذي يعتبر الممر لهذه التجارة لدول الخليج، فهذا التهديد لا يقل خطورة على المناطق الداخلية السورية، وخاصة الجنوبية منها، التي باتت تجارة المخدرات فيها منتشرة بشكل لا يصدق، وكما يقال “تحولت هذه المناطق لإمبراطورية مخدرات”، وهذا بدوره يؤثر على أمن هذه المناطق ويزيد من الفوضى التي تعاني منها أصلاً.
تجارة المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب
تجارة المخدرات في الجنوب السوري، تديرها شبكات وتجار كبار لا يقلون خطورة عن متزعمي المجموعات والتنظيمات الإرهابية التي تعيث فساداً وقتلاً في الأراضي السورية، حيث توجهت شبكات تهريب المخدرات هذه إلى اعتماد أساليب مبتكرة لتمرير هذه المواد السامة من الجنوب السوري إلى الأردن، من خلال استخدام المسيرات، بعد تشديد المملكة الرقابة على عمليات التسلل عبر حدودها.
وتقول الحكومة السورية إنها تبذل قصارى جهدها للحد من التهريب وتواصل مساعيها لضبط عصابات المهربين في الجنوب، وتنفي مشاركة المجموعات المسلحة الموالية لإيران والمرتبطة بقواتها العسكرية والامنية في دعم عمليات التهريب، إلا أن هناك وثائق سبق وأن ظهرت ومنها كشفتها القوات المسلحة الأردنية أثبتت ضلوع هذه الأطراف بتجارة المخدرات.
قتل “رأس الأفعة”.. ومساعي مجتمعية وسياسية في الجنوب لمكافحة المخدرات
وكان الجيش الأردني نفذ غارة جوية الشهر الماضي، على مصانع سرية لتصنيع الكبتاغون في محافظة السويداء، مستهدفة الرجل الملقب “بأسكوبار السوري”، المدعو مرعي الرمثان 47 عاما، بعد أن صنفته عمّان كأهم مهرّب مخدرات يغمر الأردن ودول الخليج بآلاف الشحنات من الكبتاغون.
ومع تقاعس الأجهزة الأمنية في مكافحة المخدرات وشبكات التهريب والبيع في الجنوب، بدأ “حزب اللواء السوري”، وهو حزب سياسي في السويداء غير مسلح، بحملة شعبية ضد ظاهرة انتشار المخدرات جنوب البلاد.
وأطلق الحزب في محافظة السويداء الحملة الشعبية الاحد، واتهم مسؤولي الحكومة السورية وبعض القيادات المحلية بتجارة المخدرات وترويجها بين الأوساط المدنية في المنطقة، وحدد الحزب عدداً من البنود في بيان نشره عبر صفحته على “فيسبوك” وعلى مواقع التواصل الإجتماعي للحملة التي تهدف إلى القضاء على هذه الظاهرة.
وقال الحزب في بيانه، أن قوة السلاح لا تكفي لمحاربة ظاهرة انتشار المخدرات، وإن القضاء عليها يكون من خلال تعاون جميع فئات ومكونان المجتمع المدني في الجنوب السوري التي ترفض هذه الظاهرة.
وجاء في البيان:
“أولاً – بدأ العمل بالتنسيق والتحالف مع مكونات مدنية ومكونات مجتمعية في السويداء وكامل الجنوب السوري ترفض هذه الظاهرة والتكاتف سوياً خلال المرحلة القادمة للتصعيد السياسي والإجتماعي.
ثانياً- السلاح ليس قادراً على محاربة هذه الظاهرة بمفرده، بل لابد من تكاتف المجتمع مدنياً عبر سلاح الوعي وتكاتف الأهالي والعائلات في الجنوب السوري.
ثالثاً- التأكيد على الدور المدني في مكافحة هذه الظاهرة، نتيجة غياب دور الدولة وتورط مسؤولين في السلطة السورية بتجارة وقبض الرشاوي مقابل تسهيل هذه التجارة.
رابعاً- من حق حزب اللواء السوري سياسياً وكل من يتحالف معه من مكونات المجتمعية مدنية ممارسة التصعيد السياسي والاجتماعي خلال الفترة اللاحقة بالتنسيق مع الفعاليات الدينية في السويداء.
خامساً- سوف يتم طرح خطوات التطبيق العملي خلال المرحلة القادمة، مع شرح مفصل لكل خطوة بهدف تشكيل قوة حقيقة تواجه هذه الظاهرة.
سادساً – بدأ حزب اللواء السوري حملته الشعبية التي شملت أحياء وأسواق وعدة قرى ضمن محافظة السويداء”.
يشار إلى أن “حزب اللواء السوري” هو كيان سياسي يسعى لحماية السويداء من الفوضى الأمنية والإرهاب، وللعب دور سياسي يمثل الموقف الحقيقي لطائفة الدروز، وهو حزب علماني ينطلق من الجنوب لكل المحافظات ويدعو لوحدة الأراضي السورية.
مكافحة المخدرات.. أحد أسباب عودة دمشق للجامعة العربية
ومع عودة سوريا للجامعة العربية، اتفق العرب على التعاون لمكافحة ظاهرة تجارة المخدرات العابرة للحدود في سوريا، مع تصعيد الحرب ضد شبكات التهريب.
وخلال السنة الماضية أعلن الأردن ضبط حوالي 16 مليون قرص كبتاغون، وهو ما يعادل حجم المضبوطات العالمية كلها في عام، وذلك بعد ضبط أكثر من 400 مليون قرص من هذا العقار في الشرق الأوسط عام 2021، علما بأن هناك “9 شحنات تعبر مقابل كل شحنة يتم ضبطها، كما يقول مسؤولو الجمارك وسلطات مكافحة المخدرات”.
وتمثل تجارة الكبتاغون في سوريا، بحسب تقارير وتحقيقات إعلامية، نحو 10 مليارات دولار، وتتهم قيادة الفرقة الرابعة بإدارتها وحماية مواقعها ونقلها، فيما تشير الإحصائيات أن سوريا أصبحت مصدر لـ 80 بالمئة من حركة التهريب العالمية.
إعداد: علي إبراهيم