أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في الوقت الذي تعمل فيه روسيا على توسيع نفوذها بالأراضي السورية، والتضييق على الحليف الآخر للحكومة في دمشق، إيران، تعمل الأخيرة عبر طرقها الخاصة على بسط نفوذ أكبر بالأراضي السورية سواءً في الشرق أو الغرب والآن في الجنوب.
“حقائب دولارات إيرانية” تقلق روسيا ودمشق
وسائل إعلامية عدة، من بينها إسرائيلية، أكدت أن قلق روسي وسوري نتيجة وصول “حقائب دولارات إيرانية” إلى جنوب سوريا، والهدف منها بحسب المصادر “تجنيد الدروز” لتسهيل مهمة “حزب الله” اللبناني في المنطقة الجنوبية، وجعلها جبهة لمواجهة إسرائيل، في الوقت الذي توعدت موسكو للولايات المتحدة بإبعاد إيران عن المنطقة الجنوبية، مقابل سيطرة الحكومة السورية على درعا.
وسبق أن كشفت العشرات من التقارير الإعلامية، بتنسيق روسي أمريكي إسرائيلي وبموافقة الرئيس السوري بشار الأسد على الحد من نفوذ إيران في سوريا، وذلك مقابل موافقة أمريكا وإسرائيل بسيطرة قوات الحكومة السورية على محافظة درعا.
“عمليات تجنيد في الجنوب” .. وتحويل السنة إلى شيعة
وسائل إعلامية إسرائيلية، أكدت أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ذكرت في تقرير لها، أن جهات موالية لإيران أرسلت خلال الأشهر الماضية “حقائب مليئة بالدولارات” إلى عدة جهات سورية في المنطقة الجنوبية، في حوران والجولان، بغرض استخدامها لعمليات تجنيد جديدة ولأهداف سياسية وعقائدية.
وجاء في تقرير الاستخبارات الإسرائيلية، التي كشفت صحيفة “الشرق الأوسط” تفاصيله، أن الأموال وصلت إلى عدد من قادة المجتمع في مدينة السويداء، أبناء الطائفة الدرزية، التي عرف بعضها بتأييده للحكومة، ويبدي تحولا نحو إيران وحزب الله اللبناني، كما وصلت الأموال إلى قادة بلدة قرفا التي نجحت إيران في تحويلها من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، وإلى جهات أخرى تسعى لتجنيدها أو تشييعها واستخدامها في تسهيل مهمات حزب الله.
وسبق ان مارست إيران هذه الخطوة في تجنيد آلاف الشبان في مدينتي الميادين والبوكمال شرق دير الزور، وذلك عبر استغلال أوضاعهم المعيشية ودفعهم للتجنيد في صفوفها وتشييعهم، وكل ذلك في إطار توسيع نفوذها في سوريا.
“حملة استيطان ضخمة” وشرعنتها من قبل ضباط سوريين
وبالعودة للتقرير الإسرائيلي، فإن “مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب على اسم اللواء مئير عميت” في تل أبيب، قد نشر العام الماضي، تقريراً فائضاً عن نشاطات إيران لتشييع السنة في سوريا، وتحدث عن “حملة استيطان ضخمة” في مختلف الأراضي السورية.
واعتبر التقرير الإسرائيلي الجديد، أن النشاط الإيراني آخذ في الاتساع حالياً خصوصاً في منطقتي الجنوب والشرق، وكذلك قرب الحدود مع لبنان، حيث يقومون بشراء بيوت وأراضٍ بأعداد هائلة، ويأتون بسكان جدد من إيران نفسها أو من مجموعات سكانية شيعية أخرى من عدة بلدان في المنطقة، مثل العراق وأفغانستان واليمن، ويستغلون الضائقة المالية للسكان المحليين فينشؤون الجمعيات الخيرية لإغراء السكان.
وذكر التقرير أن “الاستيطان الإيراني” في المدن السورية، يتحول “لاستيطان شرعي” بموافقة من ضباط في قوات الحكومة السورية، حيث يتم استغلال ترك الملايين من السوريين لبيوتهم في مناطق شهدت صراعات مسلحة سابقاً وتهجير آخرين لملئها بالموالين لإيران.
من المسؤول .. وتل أبيب بدأت تقلق
وشدد التقرير أن النشاط الإيراني في سوريا بات يقلق النظام الحاكم في سوريا، وحمل التقرير الإسرائيلي المسؤولية للحكومة السورية الذي “لا يعالج مأساة الفقر والعوز التي خلفتها الحرب”، ولمح التقرير أن إيران تستغل كل ما ذكر لتجنيد الشبان السوريين في صفوفها عبر إغرائهم بالأموال والسلل الغذائية.
وأكد التقرير الإسرائيلي، أن النشاط الإيراني في سوريا بات يقلق أيضاً روسيا وتل أبيب، وشدد على أن تل أبيب ستحارب النشاط العسكري الإيراني في سوريا، لكنها لا تجد وسيلة ناجعة لمحاربة “الاستيطان الإيراني”.
“جبهة ضد إسرائيل” في الجنوب “مسألة وقت”
وحذر قادة من الجيش الإسرائيلي أن تتحول بعض المناطق السورية إلى “جنوب لبنان” جديد، حيث تسيطر إيران على مناطق نفوذ حزب الله اللبناني، وأشار إلى أن تحول الجنوب السوري لجبهة ضد إسرائيل “مسألة وقت”، وسط التأكيد على استمرار التخطيط لمواجهة هذا التطور.
كما أن روسيا أيضاً وبالرغم من قلقها من النشاط الإيراني في سوريا، إلا أنها لا تحاربه، وتكتفي بوضع حدود للتوسع الإيراني في البلاد.
وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية أكدت أن روسيا متفقة مع إسرائيل على ضرب التواجد العسكري الإيراني في سوريا، وطردها من البلاد، عبر السماح لتل أبيب بتنفيذ ضربات عسكرية ضد المواقع الإيرانية على امتداد الجغرافيا السورية، وفي بعض الأحيان تصل احداثيات المواقع الإيرانية العسكرية لإسرائيل عبر روسيا تمهيداً لاستهدافها، بعد إطفاء أنظمة الدفاع الجوي، لتحلق الطائرات الحربية والمسيرة الإسرائيلية بحرية في سماء سوريا.
تدريبات إسرائيلية تحاكي “اجتياح لسوريا”
وفي سياق التقرير الإسرائيلي، فإن اللواءين 8200 و504، التابعين لجهاز “أمان” وهي شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، أقاما مركزا لهما في الجولان السوري، ونشرا أجهزة إلكترونية متطورة على طول الحدود ويستخدمان مختلف وسائل المراقبة، وأشار التقرير إلى أن التدريبات العسكرية الإسرائيلية مؤخراً أخذت بالحسبان هذا النشاط الإيراني، ومن هذه التدريبات “تنفيذ عمليات اجتياح للأراضي السورية في الجولان وحوران لمكافحة النشاط الإيراني”.
إعداد: ربى نجار