أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في ظل ما يعانيه السوريون من أزمات اقتصادية وسوء الاوضاع المعيشية، التي تفاقمت مع مرور سنوات الصراع على السلطة وغياب الحلول السياسية، وما تلاها بانتشار وباء كورونا، والزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، وما سببه من تشريد للآلاف ودمار بيوتهم ومصادر معيشتهم، لاتزال الأطراف الرئيسية المتدخلة في النزاع السوري يستغلون الملف الإنساني في محاولة للحصول على مكتسبات سياسية أو عسكرية، دون الاكتراث لحياة الملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر وفي ظل انعدام غذائي.
مصالح الأطراف المتصارعة في سوريا أهم من حياة الشعب
ومنذ إعلان الأمم المتحدة عن آلية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين، وذلك عبر 4 معابر تربط البلاد بدول الجوار، وتقليصها فيما بعد وجعلها في معبر واحد بضغوطات من حلفاء دمشق وغيرهم من المتدخلين في الشأن السوري، كانت لهذه الأطراف المتصارعة على سرقة سوريا والسوريين أهداف وأجندات محددة في هذا الملف الإنساني، ودائماً ما كانوا يضعون ملايين السوريين في خوف من فقدان هذه المساعدات والبقاء دون طعام أو كساء في ظل حرب مستمرة وغياب الحلول السياسية.
ودائماً ما كانت روسيا تقول إنها لا تحبذ طريقة إيصال المساعدات إلى السوريين عبر تركيا، كون الجهة التي تستلمها هي جهة مدرجة على قوائم الإرهاب الدولية والأممية، “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة”، وكانت تدعو لضرورة العمل مع الحكومة السورية لأجل ايصال المساعدات لكل السوريين.
المساعدات المقدمة كانت تنهب من قبل “تحرير الشام” و الحكومة السورية
وكانت عشرات التقارير الإعلامية تؤكد وبالدلائل أن “تحرير الشام” تستولي على القسم الأكبر من هذه المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة، والقسم القليل يتم توزيعه على السوريين المحتاجين، مع بقاء عشرات العوائل دون مساعدات لأشهر، إضافة لإرسال حصة دمشق من هذه المساعدات، التي لم تتصرف بشكل أفضل من “تحرير الشام” وكانت توزع هذه المساعدات على المقربين مع حرمان الآلاف منها. دون الحديث عن الشمال الشرقي الذي لا تصله المساعدات إلا بشكل نادر وقليل.
موسكو مصرة.. لا موافقة على الآلية إلا بالتعاون مع دمشق
وبالعودة للموافق الروسية، لم تكن تسبب عائقاً كبيراً طيلة السنوات الماضية في إيقاف آلية العمل بإرسال المساعدات الإنسانية إلى البلاد، إلا مؤخراً، بعد استخدام موسكو حق النقض “الفيتو” في جلسة لمجلس الأمن قبل الـ10 من تموز/يوليو الجاري، لتمديد آلية العمل بإرسال المساعدات لشمال غرب سوريا، ما أدى لانتهاء المهلة وإيقاف الأمم المتحدة إرسال هذه المساعدات.
وفي بيان لها، قالت وزارة الخارجية الروسية، يوم الخميس، أن سريان مفعول قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2672 بشأن آلية إدخال المساعدات الإنسانية الدولية عبر الحدود إلى سوريا انتهى في الـ 10 من تموز/يوينو الحالي، وأشارت موسكو إلى أن موافقتها تكون وفق المقاربات الروسية التي تم التعبير عنها أكثر من مرة.
واتهمت الدول الغربية في محاولة توسيع “الآلية العابرة للحدود” والتي “تنتهك السيادة السورية ووحدة أراضيها .. فضلاً عن إطعام الإرهابيين في إدلب”، وشددت أن أي تسليم للمساعدات يجب أن يتم عبر دمشق.
دمشق تضع الشروط للموافقة على فتح باب الهوى
بعد التصريحات الروسية الرسمية بيوم واحد، منحت الحكومة السورية الأمم المتحدة موافقة على استخدام معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لنقل المساعدات إلى شمال غرب سوريا لمدة ستة أشهر أخرى.
وأرسل المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة، بسام الصباغ رسالة إلى مجلس الأمن، الخميس، جاء فيها أن تسليم مساعدات الأمم المتحدة يجب أن يُجرى “بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الحكومة السورية”، مع ضرورة أن تكون بإشراف الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري، ودون أي تواصل بين الأمم المتحدة مع “الإرهابيين” في إدلب. في إشارة “لهيئة تحرير الشام/جبهة النصرة”.
الأمم المتحدة ترفض شروط دمشق.. “يجب أن نتعاون مع جميع الأطراف المعنية”
بدورها كشفت الأمم المتحدة عن موقفها من شروط الحكومة السورية، والتي قالت أنها ستقوم بدراستها مع الحلفاء، حيث أعلنت الأمم المتحدة أن الشروط التي فرضتها الحكومة السورية لاستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية “غير مقبولة”.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا” في وثيقة موجهة إلى مجلس الأمن الدولي، إن “الرسالة التي بعثتها السلطات السورية وتسمح فيها باستخدام هذا المعبر لمدة 6 أشهر تحتوي على شرطَيْن غير مقبولين”.
وعبر المسؤول الأممي عن قلقهم إزاء الحظر المفروض على التحدث إلى كيانات “مصنفة إرهابية”، والإشراف على عملياته من جانب منظمات أخرى. (من شروط دمشق على الأمم المتحدة).
وأضاف، أن الأمم المتحدة وشركاءها “يجب أن يستمروا في التواصل مع الجهات الحكومية وغير الحكوميّة المعنيّة، وهو أمر ضروري من الناحية التشغيليّة لإجراء عمليّات إنسانية آمنة وبلا عوائق”، وأن “حوارا كهذا ضروري من أجل الوصول الآمن إلى المدنيين المُحتاجين، في الوقت المناسب”.
ما هي شروط دمشق ؟
وطالبت دمشق من الأمم المتحدة أن يكون إدخال المساعدات عبر باب الهوى “بالتعاون والتنسيق الكامل” معها، إضافة إلى طلب إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري على العملية، مع شرط آخر وهو أنه على الأمم المتحدة عدم التواصل مع “المنظمات والجماعات الإرهابية في شمال غرب سوريا”.
إعداد: ربى نجار