أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع غياب الحلول السياسية وبوادر يمكن التعويل عليها لخفض مستوى العنف والفلتان الأمني، حذرت تقارير أممية مرة أخرى من ارتفاع مستوى العمليات العسكرية في سوريا، وأشارت إلى امكانية أن تمتد هذه العمليات إلى مناطق تعتبر آمنة وهادئة نسبياً، يتزامن ذلك مع حديث عن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم سواءً من لبنان وتركيا.
عنف وقتال وانتعاش للإرهاب وفلتان أمني.. هذا ما تعيشه سوريا
ومع مواصلة قوات الحكومة السورية وروسيا عملياتها العسكرية في مناطق “خفض التصعيد” والقصف اليومي بالقذائف الصاروخية والمدفعية والطيران الحربي أحياناً، تستمر القوات التركية وفصائل المعارضة في “الجيش الوطني” التصعيد في الشق الشرقي من الشمال السوري، عبر كافة صنوف الأسلحة و “الطائرات المسيرة”.
ليس العمليات العسكرية والقصف وحدها ما يقلق بل استعادة الإرهاب لقوته مرة أخرى والمتمثل بتنظيم داعش، كما أن جولة العنف التي شهدتها منطقة الريف الشمالي لحلب بين “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” (المصنفة إرهابية على قوائم الأمم المتحدة) و فصائل من “الجيش الوطني” زادت في قلق السوريين والجهات الدولية والأممية من تصاعد العنف مجدداً في سوريا.
هل الأوضاع في سوريا ملائمة لعودة اللاجئين ؟
وبما أنه لا بوادر لأي حلول سياسية تلوح في الأفق وغياب أي اجتماعات دولية أو إقليمية لحل الصراع على السلطة في سوريا، حذّرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من امتداد التصعيد العسكري والأعمال العدائية شمال سوريا إلى مناطق أخرى.
تقرير الأمم المتحدة يثبت رأي الكثير من المحللين والمتابعين للشأن السوري، أن توقيت إعادة السوريين إلى بلدهم من “دول الشتات” لم يحن بعد، كون البلاد لاتزال تشهد عمليات عنف من الممكن أن تتصاعد بين ليلة وضحاها، إضافة إلى أن المناطق البعيدة عن الشمال (كالداخل والجنوب) فهي أيضاً تشهد فلتاناً أمنياً والهدوء نسبي فيها، ناهيك عن انتعاش تنظيم داعش من جديد وعودته إلى الواجهة الميدانية بعد 3 سنوات من القضاء عليه.
وتشدد تلك الأوساط أنه على الأمم المتحدة التي حذرت من امتداد العنف للمناطق السورية الأخرى، التدخل لمنع عودة أي لاجئ سوري إلى البلد الآن، فمن ناحية لا استقرار ومن ناحية أخرى قد يتعرض اللاجئ للملاحقة القانونية والأمنية والتعرض للاعتقال والانتهاكات، مشددين أن العودة يجب أن يكون بعد الحل السياسي وفق القرار 2254، وبضمانات دولية.
قلق أممي.. العنف قد يمتد لمناطق أخرى
وبالعودة لتقرير الأمم المتحدة، قالت مفوضة حقوق الإنسان، رافينا شامداساني، إن تصاعد الأعمال القتالية هذا الشهر (تشرين الأول) أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين، وأضافت أن هذا “التطور المقلق تميز أيضا بقتل ناشط اعلامي على مواقع التواصل الاجتماعي وزوجته في ريف حلب الشرقي.”
وأعربت المفوضية عن “خشيتها من أن ينتشر التصعيد الأخير في الأعمال العدائية في شمال سوريا بمشاركة عدد من الأطراف، و ”لا سيما هيئة تحرير الشام وبعض الجماعات المسلحة التابعة لتركيا، ويؤثر على مناطق أخرى في شمال غربي سوريا، بما في ذلك حلب وإدلب”.
وعبرت المسؤولة الأممية عن “القلق البالغ إزاء عدد السكان المتضررين من القتال، فضلاً عن النزوح الجماعي للمدنيين”، وتحدث عن سقوط قتلى من المدنيين بعد اغتيال الناشط أبو غنوم بينهم نساء وأطفال، وأكدت أن أعداد القتلى هي أعلى مما أعلن عنه.
تحذيرات من وقوع خسائر بشرية جراء الهجمات العشوائية
ووفق مكتب حقوق الإنسان، فإن القتلى والجرحى وقعوا في مناطق داخل وحول مدن الباب وعفرين وكفر جنة، وكذلك مناطق أخرى في شمال حلب”، وأعرب عن قلقه إزاء التقارير المتعلقة بضربات برية تؤثر على المناطق السكنية، مما يثير مخاوف بشأن انتهاك حظر الهجمات العشوائية.
وحثت المفوضية السامية لحقوق الإنسان جميع الدول، لا سيما تلك التي تسيطر على الجماعات المسلحة أو لها نفوذ على أطراف النزاع، على “استخدام سلطتها لضمان وقف تصعيد العمليات العسكرية وحماية المدنيين في شمال سوريا”.
تركيا ولبنان تتجاهلان الأوضاع في سوريا
وبالتزامن مع ما تشهده سوريا من عنف وفلتان أمني وانتعاش للإرهاب ومستوى اقتصادي ومعيشي مزري للغاية، تتوجه بعض الدول “كتركيا ولبنان” لإعادة السوريين إلى بلادهم تحت مسمى “العودة الطوعية”.
حيث باتت تركيا تتحدث عن مئات الآلاف من السوريين الذين عادوا “طواعية” لمناطق تصفها “بالآمنة” وهي التي حذرت الأمم المتحدة من العنف فيها، مع وجود مخططات لإعادة مليون لاجئ سوري خلال الفترة المقبلة.
بينما لبنان الذي فاجئ الجميع سيبدأ الأربعاء المقبل بإعادة أول دفعة من اللاجئين السوريين بواقع 6 آلاف لاجئ، إلى بلادهم عبر 3 منافذ، وذلك بالتنسيق مع الحكومة السورية، دون الأخذ بعين الاعتبار ما إذا كان هذا السوري يرغب بالعودة أو أنه سيبقى بأمان في بلده أم أنه سيتعرض للتعنيف والاعتقال والملاحقة الأمنية وربما القتل.
إعداد: علي إبراهيم