أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يبدو أن قمة “لم الشمل” في الجزائر لم تكن كما يرجو منها، خاصة حيال التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، والتي أسفرت على مر السنوات صراعات وحروب أثرت بدورها على دول الجوار وأمنهم واستقرارهم، وباتت هذه الدول تخشى على مستقبلها في ظل استمرار تحكم المصالح المتبادلة بالسياسات المتبعة.
“لتأمين استقرارها أولا”.. مساعي أردنية للحل في سوريا
المملكة الأردنية وخلال السنتين الماضيتين، قامت ببعض الخطوات التي من شأنها تحريك المياه الراكدة للأزمة السورية من جهة وحماية أمنها القومي من جهة أخرى، وإبعاد المناطق الشمالية المحاذية لسوريا عن الصراع الإسرائيلي الإيراني، الذي سرعان ما امتد للجنوب السوري، وباتت إيران متواجدة هناك بمجموعات عسكرية موالية لها.
وكانت تقارير إعلامية كشفت بأن الأردن يسعى جاهداً لإعادة العلاقات مع الحكومة السورية، بشأن حل الأزمة والخلاص من كابوس الجنوب السوري، وإغلاق الباب أمام أي امتداد للصراع الإسرائيلي الإيراني إلى أراضيها، إضافة لوضع حد لتدفق شحنات المخدرات إليها.
لقاءات فاشلة.. واللجوء إلى روسيا
وخلال الأشهر الماضية جرت لقاءات عدة بين الحكومتين السورية الأردنية بشان إعادة تطبيع العلاقات، بيد أن هذه الاجتماعات لم تسفر عن أي نتائج، وطغت على هذه الاجتماعات “التواجد الإيراني في الجنوب” و ملف “اللاجئين السوريين” إضافة “للمخدرات التي تهرب عبر الحدود إلى الداخل الأردني” وضرورة ضبط الحدود.
ومع أن هذه الاجتماعات لم تسفر عن نتائج، والقمة العربية لم تدين التدخلات الخارجية صراحة، التي بدورها تؤدي لتفاقم الأزمات في الدول العربية وتغلق الباب أمام الحلول السياسية فيها، كان لابد من الأردن اللجوء إلى روسيا هذه المرة أيضاً لإبعاد المملكة عن الصراعات الإقليمية والحصول على ضمانات بعدم جعل حدود المملكة مرتعاً للمجموعات المسلحة الإيرانية.
الجنوب السوري والصراع الإسرائيلي الإيراني
ووجد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى عمّان فرصة لهذا الاستنجاد الذي يهدف بالدرجة الأولى للضغط على إيران ودفعها إلى مراجعة وجودها المكثف في جنوب سوريا عبر روسيا، حيث تخشى عمان بأن تكون هي من ستدفع الثمن في أي تصعيد بين إيران وإسرائيل.
وكان الملك الأردني أكد على أهمية تثبيت الاستقرار في سوريا وخاصة المنطقة الجنوبية، وشدد على “أهمية تفعيل جهود التوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية، بما يحفظ وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، ويضمن عودةً طوعية وآمنة للاجئين”. ومنذ سيطرة الحكومة السورية على الجنوب، ولعمان مخاوف على أمنها القومي، خاصة مع الحديث الذي دار حول مشاركة قوات إيرانية ومجموعات مواليها لها في حرب السيطرة على الجنوب قبل سنوات.
مخاوف الأردن
سياسيون أردنيون قالوا أن الملك الأردني صارح وزير الخارجية الروسي بمخاوف بلاده من إيران، خاصة مع انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية، وهو ما سمح لطهران بتوسيع امتدادها في المناطق السورية وزيادة تواجدها العسكري والاستخباراتي، مشيرين إلى أن هذا الأمر لن تقبل به إسرائيل، وصرحت تل أبيب به بشكل علني، وتقوم بين الحين والآخر بشن ضربات على مواقع عسكرية إيرانية في سوريا، وقد تقوم إيران بالرد على هذه الهجمات من المناطق الجنوبية مثلاً، وهذا ما يثير رعب الأردن، وأن تكون أراضيه فيما بعد مسرحاً لتصفية الحسابات بين هذه الأطراف.
وأكدت تقارير إعلامية بأن عمان عبرت عن مخاوفها من خروج الأوضاع عن السيطرة في الجنوب السوري، وأن تتسع دائرة المواجهات بين إسرائيل وإيران لتمتد للمناطق الجنوبية السورية، إضافة لتحول المناطق الشمالية الأردنية لخطوط فعالة لتهريب شحنات المخدرات للداخل الأردني والدول العربية الأخرى والعالم.
هل تقدم روسيا ضمانات للأردن ؟
كما أن هناك مخاوف أردنية من أي موجة لجوء جديدة من السوريين، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة التي تعيشها المناطق الجنوبية، وأي تصعيد عسكري في هذه المناطق سيؤدي بالتأكيد لفرار المدنيين نحو الأردن. ولذلك فلابد من روسيا تقديم الضمانات للأردن بأن تكون الحدود مع سوريا تحت مراقبة الجيش الروسي، وهو ما يرجح أن تكون عمان طلبته من المسؤول الروسي صراحة.
وبذلك تكون الأردن أمنت بأن التواجد الإيراني لن يصل لمناطقها، كما أن عمليات تهريب المخدرات لن تكون كسابق عهدها، حيث شهدت هذه العمليات خلال السنة الفائتة نشاطاً كبيراً، وهي عمليات تُتهم برعايتها ضباط وعناصر من “الفرقة الرابعة” التابعة للجيش السوري والتي توالي إيران.
وبحسب بيان للقصر الملكي، فإن القوات المسلحة الأردنية أحبطت منذ مطلع العام 2022 تهريب 16 مليون حبة مخدرة و17348 كف حشيش عبر الحدود، فيما قُتل 29 مهرباً بعد تطبيق قواعد اشتباك مشددة، مع قتلى وإصابات في صفوف القوات المسلحة الأردنية أيضاً.
إعداد: رشا إسماعيل