أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يبدو أن تركيا بدأت تتخذ منحى جديد في حربها ضد قوات سوريا الديمقراطية، حيث عمليات الاغتيال عبر الطائرات المسيرة وعمليات الاستهداف، وذلك بعد رفض دولي قاطع لأي عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا “ستفيد الإرهاب والتنظيمات المتطرفة هناك، ولن تؤمن الأمن القومي لتركيا، بل على العكس ستشعل المنطقة برمتها”. وذلك بحسب ما يمكن تلخصيه من البيانات الرسمية التي صدرت عن دول العالم.
ومنذ أكثر من شهرين، بدأت تركيا لأول مرة خلال 2022، بتهديد الشمال السوري (مناطق الإدارة الذاتية) وقوات سوريا الديمقراطية بشن عمليات عسكرية جديدة، وذلك بهدف إنشاء “منطقة آمنة” على طول الحدود الشمالية السورية وبعمق 30 كيلومتراً، لإعادة مليون إلى مليون ونصف لاجئ سوري مقيمين في تركيا إليها، إلا أن المسعى التركي رفض أوروبياً وروسياً وأمريكياً وإيرانياً حتى، مع رفض قاطع لأي عملية عسكرية ضد قسد.
بعد “قمة طهران”.. تركيا تتخذ “سياسية الاغتيالات”
وبعد قمة طهران الماضية بين رؤساء كل من روسيا وتركيا وإيران، ظهرت العشرات من التقارير الإعلامية أكدت أن اتفاقاً حصل بشكل سري بين تلك الأطراف على أن تقوم إيران وروسيا بالموافقة على عمليات استهداف تقوم بها القوات التركية ضد قادة قوات سوريا الديمقراطية والقوى الأمنية التابعة للإدارة الذاتية مقابل إيقاف أنقرة لعمليتها العسكرية، ويبدو أن تركيا وافقت على ذلك.
ومنذ انتهاء “قمة طهران”، اغتالت تركيا عدد من القادة والعناصر التابعين لقوات سوريا الديمقراطية وقوى الامن الداخلي (الأسايش)، وذلك إما عبر الطائرات المسيرة أو عمليات الاستهداف البرية أو كما تقول أنقرة “بعمليات استخباراتية”، حيث كان من بين القادة المستهدفين جيان تولهلدان نائبة القيادة العامة لقسد، وهي قائدة عسكرية شاركت في العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في الرقة ودير الزور والحسكة، بحسب ما قالت مصادر عسكرية في قوات قسد.
من يعطي الإحداثيات لتركيا ؟
كما أعلنت أنقرة عن اغتيال قادة آخرون خلال الأيام الماضية، منهم المسؤول العسكري عن مدينة عين العرب/كوباني، مع 4 عناصر من قوى الأمن الداخلي (الأسايش) يوم الخميس، في ناحية عين عيسى عبر قصف سيارة كانوا يستقلونها بطائرة مسيرة، ما أدى لاستنكار سياسي وعسكري في شمال شرق سوريا، مع اتهام القوات الروسية بإعطاء الإحداثيات للقوات التركية لاغتيال القادة والعناصر هناك.
وحول ذلك، نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قوى الأمن الداخلي وبعد استهداف عناصر لها بعين عيسى الخميس، اتهمت القوات الروسية بإعطاء إحداثيات للجانب التركي الذي يصعد من الاستهدافات الجوية عبر الطائرات المسيرة، لاسيما مع وجود عناصر شيشان وتتر ضمن القوات الروسية، مقربين من الأتراك.
وذكر المرصد السوري أنه ارتفع عدد الاستهدافات الجوية التي نفذتها الطائرات المسيرة التركية على مناطق “الإدارة الذاتية” منذ مطلع العام 2022، تسببت بسقوط قتيل مدني و34 قتيلاً من العسكريين، بالإضافة لإصابة أكثر من 77 شخص بجراح متفاوتة.
قيادة قسد: المسيرات التركية تستهدف أمن المجتمع
إضافة لذلك ندد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، بشن تركيا لهجمات عبر طائراتها المسيرة، وقال إن هذه الطائرات باتت تستهدف مجتمع شمال وشرق سوريا ومؤسساته العاملة على استقرار المنطقة، وأكد أن استهداف مؤسسة الأمن الداخلي يهدد بشكل مباشر أمن المنطقة، مشيراً إلى أن مؤسسة الأمن الداخلي معنية بحماية أمن المدن، المؤسسات المدنية، مخيمات اللجوء ومعتقلات داعش.
إضعاف قسد هدف مشترك روسي تركي إيراني
وتشدد أوساط سياسية على أن إضعاف قوات سوريا الديمقراطية هو هدف مشترك بين روسيا وتركيا وإيران، حيث أن تركيا تريد القضاء على قسد من جهتها لأنها ترى في هذه القوات “خطراً على أمنها القومي”، بينما روسيا وإيران تريدان إضعاف هذه القوات لتقديم تنازلات للحكومة السورية أو تسليم المناطق التي تديرها لدمشق؛ كما حصل في باقي المناطق السورية خلال السنوات الماضية من عمليات “تسويات ومصالحات”.
وتقول تلك الأوساط أن روسيا بالتأكيد متورطة بإعطاء إحداثيات لمكان تواجد القادة وعناصر قسد والأمن الداخلي في تلك المناطق، حيث أن ذلك ليس غريباً على موسكو، فهي تعطي إحداثيات المواقع العسكرية الإيرانية لإسرائيل أيضاً التي بدورها تقوم باستهدافها حتى لو أدى ذلك لسقوط جنود سوريين قتلى، وكل ذلك لأجل مصالحهم السياسية وأهدافهم في البلاد.
إعداد: علي إبراهيم