دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

احتجاجات العراق ضد الفساد .. هل تحل مشاكل البلاد ؟

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تشهد العاصمة العراقية بغداد وبعض مدن في جنوب البلاد منذ الثلاثاء الماضي، موجة جديدة من التظاهرات احتجاجاً على سوء الخدمات والفساد، تطورت إلى أعمال عنف سقط فيها حتى ليل الخميس 27 قتيل والمئات من الجرحى، ويتميز الموسم الجديد من الاحتجاجات بعدم تبني أي طرف سياسي أو حزبي لها، إنما انطلقت بعد دعوات من نشطاء قبل شهور والذين حددوا أول تشرين الأول/اكتوبر موعد لها.

الاحتجاجات ضد الفساد تجتاح عدة مدن عراقية وتخلف قتلى وجرحى

وانطلقت انطلقت الثلاثاء الماضي، احتجاجاً على الفساد، والبطالة، وسوء الإدارة ونقص الخدمات، واتسعت رقعتها، الأربعاء والخميس، لتشمل مدن عدة بعد مقتل اثنين من المتظاهرين وجرح آخرين في بغداد الثلاثاء، وإتهام الحكومة ما سمتهم “معتدين” و”مندسين” بالتسبب عمداً بسقوط ضحايا بين المتظاهرين، فيما لجأت القوات الأمنية لإطلاق الرصاص الحي لتفريق المحتجين، ما رفع عدد القتلى إلى 27 شخصاً إضافة إلى مئات الجرحى، حتى ليل الخميس.

تتنوع مطالب المتظاهرين بين اسقاط النظام السياسي وعزل الرئيس وحل المشاكل الاقتصادية

وتميز موسم الاحتجاج الجديد في العراق وفق المراقبين، بخروجه عن المألوف، إذ لم يرتبط كالعادة بشهور الصيف الحارة، حيث انقطاع الكهرباء الذي يتسبب بغضب شعبي واسع يدفع الناس إلى الشوارع، ولم يستند إلى أي واجهة حزبية أو سياسية.

إلا أنها لم تخلو من أعمال عنف، حيث قتل 5 متظاهرين في الناصرية بمحافظة ذي قار إضافة إلى مقتل شرطي، غداة مقتل متظاهر آخر، وسط تقارير عن اشتباكات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، فيما قتل متظاهران الثلاثاء في بغداد.

وتنوعت الشعارات التي رفعها المتظاهرون بين المطالبة بإسقاط النظام السياسي الحاكم كله، وعزل رئيس الوزراء المتهم بقتل المتظاهرين، فضلاً عن الاحتجاج على شيوع البطالة في أوساط حملة الشهادات، والفساد المتفشي في المؤسسات الحكومية

وأقدم المتظاهرون في أحياء عدة من بغداد، على إشعال إطارات وقطع طرق رئيسية، أمس الأربعاء، وأدى ذلك إلى شل حركة سير المركبات، بحسب وكالة فرانس برس.

فيما قالت مصادر بالشرطة إن قوات مكافحة الإرهاب العراقية استخدمت الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع لمنع محتجين من اقتحام مطار بغداد

كما أغلقت السلطات العراقية المنطقة الخضراء التي تضم المقار الحكومية والسفارة الأميركية، وذلك منعاً لوصول المتظاهرين إليها، سبق ذلك استنفار أمني كثيف للقوات الأمنية، وقطع جزئي لخدمة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إضافة إلى إغلاق بعض الطرق العامة.

احتجاجات بدون غطاء سياسي

ويرى مراقبون أن استقلالية التظاهرات الحالية عن الأحزاب السياسية منحتها انتشاراً أوسع، إلا أنها في الوقت نفسه، شكلت مدخلاً لضربها، إذ استغلت الحكومة غياب الغطاء السياسي عن حركة الاحتجاج الجديدة لقمعها بقسوة. كما تفاجأت القوى التي عرفت بقيادة الأنشطة الاحتجاجية خلال الأعوام الماضية، مثل التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، باكتساب هذه التظاهرات لهذا الزخم الشعبي.

وبرغم أن الصدر دعا إلى فتح تحقيق في أسباب سقوط قتلى ومصابين خلال الاحتجاجات، وطالب أنصاره بمساندتها، إلا أنه لم يتبنى التظاهرات بشكل واضح، ما دفع أنصاره للالتحاق بها، من دون أن يلعبوا دورا قياديا فيها.

المواقف من الاحتجاجات

أما عن المواقف من التظاهرات الأخيرة، عبرت السفارة الأميركية في بغداد عن أسفها لـ “استخدام العنف” خلال الاحتجاجات، ودعت إلى “تخفيف حدة التوتر”

وأوضحت السفارة أنها تواصل مراقبتها عن كثب للاحتجاجات الأخيرة، مشيرة إلى أن التظاهر السلمي هو حق أساسي في جميع الأنظمة الديمقراطية إلا أنها لمحت بأن لا مجال للعنف في التظاهرات من قبل أي من الأطراف.

فيما أصدرت الأمم المتحدة، بياناً حول الاحتجاجات، داعيةً إلى التهدئة وضبط النفس، وأعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت عن قلقها البالغ إزاء العنف الذي رافق بعض التظاهرات في بغداد ومحافظات أخرى. وجدّدت التأكيد على الحق في الاحتجاج، داعيةً السلطات على توخي ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات لضمان سلامة المتظاهرين السلميين مع الحفاظ على القانون والنظام وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة، كما جاء في البيان.

مراقبون: الاحتجاجات البعيدة عن التمثيل الحزبي تشير إلى أن النظام السياسي عاجز عن تفكيك ماكينة الفساد

ويرى مراقبون إن الاحتجاجات الأخيرة التي تحمل طابعاً خدمياً واجتماعياً بعيداً عن التمثيل الحزبي، تشير إلى وعي سياسي لدى فئات الشباب العراقي الذين يعانون من مشكلات تأكدوا أن النظام السياسي القائم والحكومات المنبثقة عاجزة عن تفكيك ماكنة الفساد وإلغاء قوانين التمييز التي منحت فئات حزبية محددة امتيازات تسبب بالانهيار الاقتصادي الذي يمنع الالتفات إلى مشكلات الشباب وطموحاتهم وفي مقدمتها مشكلة البطالة والفقر.

إعداد: سمير الحمصي