أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع الهدوء الحذر الذي يسيطر على الريف الحلبي الذي يخضع لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها، لاتزال المخاوف الشعبية من عودة الاشتباكات والعنف موجودة، خاصة وأن الأطراف المتنازعة “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” و فصائل “الجيش الوطني” لم يتوصلا إلى اتفاق نهائي ينهي بشكل كامل المخاوف من عودة الاقتتال.
وكانت تركيا هددت “بالرد العسكري” على أي طرف يقوم بانتهاك أو خرق الاتفاق الذي تم الحديث عنه في وقت سابق، مع دخول “هيئة ثائرون” التي تضم فصائل (السلطان مراد والمنتصر وفيلق الرحمن وفيلق الشام ولواء المعتصم ولواء الوقاص ولواء السمرقند والفرقة التاسعة وحركة نور الدين الزنكي)، كطرف وسيط بين الأطراف المتقاتلة واستلام المقرات.
اجتماع جديد لنقل “تجربة إدلب” إلى “شمال حلب”
ومع مرور 24 ساعة من الاتفاق بين “تحرير الشام” و “الفيلق الثالث”، اجتمعت “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” مع ممثلين عن فصائل المعارضة في “الجيش الوطني” الموالي لتركيا وذلك للتوافق على “مشروع ينقذ المنطقة الآمنة”.
وفي التفاصيل، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء الأربعاء، أن “تحرير الشام عقدت اجتماع مغلق، مع معظم فصائل الجيش الوطني منذ ساعات، للاتفاق على مشروع يرضي جميع الأطراف العسكرية”، وأشار المرصد إلى أن “الهيئة” تصر على إدارة موحدة في منطقتي “درع الفرات” وغصن الزيتون” بريف حلب، بينما ترفض فصائل “الجيش الوطني” هذه المطالب.
تركيا ترغب بانتهاء “الانتهاكات” في شمال حلب
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن تركيا تسعى لإنشاء “منطقة آمنة” اعتماداً على الذراع الأمني لتحرير الشام الذي نجح في إدارة إدلب. حيث يحسب “لتحرير الشام” أن المناطق التي تسيطر عليها لم تشهد أي انتهاكات وجرائم قتل وتفجيرات واعتقالات واقتتالات، الأمر الذي كان موجوداً في مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة.
وتشهد مناطق سيطرة فصائل المعارضة في “غصن الزيتون و درع الفرات”، الكثير من “الانتهاكات والجرائم” التي سلطت عشرات التقارير الإعلامية الدولية والأممية حتى الضوء عليها، ولفتت إلى أن الكثير من الانتهاكات تحصل في هذه المناطق وفصائل “الجيش الوطني” مسؤولة عنها، وخاصة ضد المواطنين الأكراد.
كما أن حالة الفلتان الأمني والاقتتالات التي تحصل بين الفصائل نفسها في هذه المناطق وعمليات التخريب للطبيعة وقطع الأشجار والاستيلاء على ممتلكات المدنيين وفرض إتاوات عليها، تضع تركيا في موقف محرج، كونها لم تستطع إخفاء حقيقة ما يجري في هذه المناطق على الرغم من كل محاولات التعتيم.
وعن أهداف تركيا أيضاً بأن تكون “النصرة” هي المسيطرة على ريف حلب، ذكر المرصد ان أنقرة تسعى لإنشاء “المنطقة الآمنة” اعتماداً على الذراع الأمني “لتحرير الشام” الذي نجح في إدارة إدلب، في حين غرقت مناطق “الجيش الوطني” بالفوضى وانتشار المخدرات، فضلا عن الانتهاكات التي ترتكبها الفصائل في منطقتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، التي وصلت إلى مرحلة خطيرة.
“الرفض الشعبي” عائق أمام “المشروع”
وهناك رفض شعبي كبير من قبل أهالي مدن مارع والباب وإعزاز لأي تواجد لتحرير الشام، مع دعوات للخروج في تظاهرات للتعبير عن ذلك، وهذه المواقف يبدو أنها لا تعجب الأطراف المتدخلة في الأزمة السورية التي وافقت على ما يبدو لسيطرة “النصرة” على ريف حلب، لذلك يسعون بسحب متابعين إلى أن تكون هذه المناطق تحت سيطرة الهيئة بطريقة غير مباشرة.
وكان “الائتلاف الوطني السوري” المعارض أصدر بيانا حول الاشتباكات بين “تحرير الشام” وفصائل “الجيش الوطني” مندداً بما وصفه “العدوان على المناطق المحررة” مؤكدا رفضه لوجود “تحرير الشام” في منطقة عمليات “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، ودعم “الائتلاف” في بيانه الحراك الثوري في التعبير عن حرية الرأي للمواطنين.
كما أن الرفض الشعبي “لتحرير الشام” يأتي من بوابة أن تواجد الهيئة قد يحول المنطقة لمنطقة صراع، وهذا سيعطي بدوره الحجة الكاملة للحكومة السورية وروسيا وحتى التحالف الدولي بأن تكثف من عملياتها العسكرية واستهدافاتها للمنطقة ما يمكن أن يضع حياتهم في خطر، ويفتح الباب أمام موجات هجرة ونزوح جديدة.
ولا تزال تصر الأوساط السياسية والمتابعة للأزمة السورية، أنه لولا اتفاق الأطراف المتدخلة الرئيسية في الأزمة السورية لما كانت “تحرير الشام” تجرأت على الدخول في معركة للسيطرة على ريف حلب الشمالي، مشددين على أن المنطقة أصبحت أمام مرحلة يمكن أن تشهد تصعيداً عسكرياً بعد دخول تحرير الشام.
إعداد: ربى نجار