من رحمة الله بنا في هذا الزمان الصعب، فضحه المجرمين بالصوت والصورة، وما من دليل على هدم بيت العنكبوت الإردوغاني أقوى من خطيب أول صلاة جمعة في ثاني احتلال لكتدرائية آيا صوفيا، المتكئ على سيف عثماني تم “تجليخه” حديثاً، مشهد سوريالي يجمع السيف بالمنبر، فيعيد الخطيئة إلى نشأتها الأولى.
المشهد لم يكن سوريالياً فحسب، وإنما مضحكاً إلى حد البكاء، فكوميديا بني عثمان السوداء ذكرتني بإحدى روائع “الزعيم” السينمائية، وهو فيلم عادل إمام “عنتر شايل سيفه”! تعمدت هنا لغايات الوخز التاريخي في ضمائر الميتين الأحياء والمغيبين البلهاء، كتابة كلمة “سيفه” مستبدلاً الهاء بواو (سيفو).
هذا ليس بخطأ مطبعي يا سادة. هذه خطيئة تاريخية اسمها مجازر سيفو التي أزهق فيها المجرم الإرهابي العثماني الأجداد والآباء والأحفاد، دماء أجدادنا الزكية في سوريانا النازفة وعراقنا السليب ومشرقنا المكلوم بالخونة والغزاة والطغاة.
لست أدري كيف أسلم من يد أخوتي في الدم أو التراب الوطني والإنساني في الوطن وحتى المهجر من هؤلاء الوحوش الذين يستغبون هذا العالم المفتوح المفضوح في نفاقه الساكت عن باعث العثمانية في نسختها الجديدة، نسخة الجيل الخامس من الذكاء أو لعله التذاكي الاصطناعي!
أين قوانين محاربة خطاب الكراهية ومكافحة الإرهاب؟، أين تشريعات المواطنة والإقامة واللجوء ممن يهللون ويطبلون لخطيب يعتلي منبراً في كاتدرائية عمرها نحو ألفية، مرتكياً على سيف محمد “الفاتح”، مستقبلاً طاقية “الكروشيه” على رأس المقرئ إردوغان الذي حرص على تلاوة الفاتحة وترك للإمام أبو سيف قراءة سورة الفتح؟!
ليست هذه مقالتي الأولى ولن تكون الأخيرة عما اقترفه إردوغان من جريمة بحق حوار الأديان والحضارات وتعايش الأمم وعيش الشعوب المشترك، لكني أحار في صمت قائدين دوليين على نحو الخصوص على جرائم إردوغان وهما الرئيسان الأميركي والروسي.
سأحصر عتابي على الأخير، ففلاديمير بوتين هو الأقرب إلى مسرح الجريمة عقائدياً وتاريخياً وسياسياً. فما أنت فاعل يا “قيصر” بالسلطان الفاتح الكاسح؟! إردوغان اكتسح برعونته حقول ألغام قد لا يكون آخرها إعادة احتلال المقدسات. هل يفعلها “أبو علي” كما يحلو لبعض مؤيديه في الشرق تسميته بعد دعمه لسوريا في وجه الإرهاب الإسلامي؟ هل تكون نهاية إردوغان في سوريا أم في ليبيا أم يثأر المخلصون لكمال أتاتورك في الدولة التركية العميقة خاصة في الجيش والأمن لكرامة تركيا التي أرداها مؤسس الدولة جسراً حضارياً بين الشرق والغرب؟.
الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي بشار جرار – أوغاريت بوست