دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

إذا لم تكن العقوبات الغربية والحصار.. فما الذي يجعل من الاقتصاد السوري ينهار بهذه السرعة ؟

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – دائماً ما كانت السلطة في دمشق تحمل “العقوبات الغربية بما فيها الأمريكية” إضافة إلى “الحرب الإرهابية على سوريا” و “الحصار” وغيرها، مسؤولية ما تشهده البلاد من أزمة اقتصادية وانهيار كبير في قيمة العملة المحلية، والتي بدورها أثرت على كافة جوانب الحياة ورفعت نسب الفقر وزادت من معدلات انعدام الأمن الغذائي.

الليرة تقترب من عتبة 14 ألف لكل دولار واحد

وفي وقت يعيش 85 بالمئة من الشعب السوري تحت خط الفقر وفق إحصائيات لمنظمات أممية، لاتزال الليرة تفقد المزيد من قيمتها وفي أوقات متقاربة، حيث بعدما كان سعر الصرف أمام الدولار الأمريكي يساوي 8800 ليرة في الأول من تموز/يوليو الماضي، أصبح سعر الصرف في منتصف شهر آب/أغسطس الجاري على عتبة الـ14 ألف لكل دولار أمريكي، هذا إذا لم تتجاوز هذه القيمة مع نشر هذا التقرير.

ودائماً الحكومة السورية كانت تبرأ نفسها ولا تحمل نفسها وسياساتها الاقتصادية وعدم تدخلها لوقف انهيار الليرة مسؤولية الأزمة الاقتصادية، بل كانت المسؤولية دائما تقع على عاتق العقوبات الغربية أحادية الجانب – كما يصفونها – ومن بينها العقوبات الأمريكية وعلى رأسها عقوبات “قيصر”.

الليرة بدأت بالتراجع منذ تطبيق قيصر 2020

وبدأ مسلسل انهيار الليرة السورية مع فرض عقوبات قانون قيصر في 17 حزيران/يونيو 2020، من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهي عقوبات بحسب ما تصفها واشنطن “لحماية المدنيين”، وهي لا تشمل عادة المساعدات أو الأنشطة الإنسانية حسنة النية.

بينما يستهدف القانون كل من يتعامل مع الحكومة السورية، والذي من شأنه أن تنتفع منه دمشق في استمرار الصراع في سوريا، من تمويل أو مشاركة في أنشطة أو عرقلة أو منع أو تعطيل التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو حل سياسي للصراع في سوريا، بالإضافة إلى إجراءات أخرى.

الرئيس السوري يقلل من شأن “قيصر”

وخلال حديث له مع شبكة “سكاي نيوز عربية” قال الرئيس السوري بشار الأسد، أنهم تمكنوا من تجاوز العقوبات المفروضة بموجب قانون “قيصر” الأميركي، وبالتالي قلل من أهمية أثر هذه العقوبات. في وقت يتسائل السوريون عن السبب إذاً في هذا الانهيار الاقتصادي إذا لم تكن العقوبات أو الحصار من الأسباب.

وأضاف الرئيس الأسد في حديث للشبكة الإماراتية، “قانون قيصر بلا شك عقبة لكننا نجحنا بعدة طرق، في تجاوز هذا القانون”، مضيفاً “إنها ليست أكبر عقبة، بل أكبر عقبة هي تدمير البنية التحتية من قبل الإرهابيين”.

وتابع أن “هناك سيناريوهات لخلق حالة من الرعب في سوريا مثلما حدث مع معمر القذافي وصدام حسين”، معتبراً أن “الدول التي خلقت الفوضى في سوريا، هي التي تتحمل مسؤولية تجارة المخدرات”.

واشنطن ترد: سنواصل فرض العقوبات

تقليل الأسد من شأن العقوبات الأمريكية وتأثيرها، دفع بالولايات المتحدة الأمريكية للرد، حيث قال مسؤول في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض لصحيفة “ذا ناشيونال” إن “بشار الأسد يحاول التقليل من تأثير العقوبات، والتي تعكس إدانة شبه جماعية دولية لانتهاكات نظامه والفظائع”.

وشدد المسؤول الأمريكي على أن العقوبات الأمريكية ستظل سارية إلى أن “ترى واشنطن تقدمًا” في حل الصراع السوري، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015، والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والتسوية السياسية في سوريا، مؤكدا أن واشنطن  “لم تر ذلك بعد” .

مسؤول أمريكي يحمل روسيا وإيران مسؤولية تدهور الليرة السورية

كما رد مايك ماكول، الرئيس الجمهوري للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، على حديث بشار الأسد وقال لذات الصحيفة “تم تصميم العقوبات الأمريكية بعناية لاستهداف أفراد وكيانات محددة، مسؤولة عن الجرائم ضد الشعب السوري، مع ضمان استمرار تدفق المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها”.

وأضاف “ماكول”: “لقد أصيبت الليرة السورية بالشلل بسبب تصرفات الأسد وداعميه الروس والإيرانيين، وليس بسبب العقوبات الأمريكية”.

ولفتت الصحيفة إلى أن نبرة مجلس الأمن القومي تعد الأقوى بشأن سوريا، بعد أن خففت واشنطن لهجتها الرافضة لإعادة الأسد إلى الحظيرة الإقليمية، بعد محادثات استضافها الأردن مع وزراء الخارجية العرب تحسباً لعودة الحكومة السورية إلى جامعة الدول العربية، حيث قال البيت الأبيض لصحيفة ذا ناشيونال إنه “متشجع لرؤية البيان المشترك يذكر العديد من الأولويات التي نتشاركها نحن وشركاؤنا”.

استئناف قيصر بعد 6 أشهر من تجميدها

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء الماضي، انتهاء تجميد العقوبات على الحكومة السورية، والتي تم تعليقها بشل مؤقت بعد كارثة الزلزال في شباط/فبراير الماضي.

وحذرت الولايات المتحدة ”الأشخاص الأجانب من أنهم يخاطرون بتعرضهم للعقوبات إذا قدموا دعما ماليا أو ماديا أو تكنولوجيًا كبيرًا للحكومة السورية عمداً، دون تصريح من مكتب (أوفاك)”.

استئناف العقوبات قد يؤدي للمزيد من المعاناة للسوريين

وكان برنامج “الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة حذر من زيادة نسبة الفقر والجوع في المجتمع السوري، بعد زيادة سعر سلة الحد الأدنى للإنفاق (التكلفة المعيشية) لمستويات قياسية جديدة، وأكد البرنامج أن سعر سلة الحد الأدنى من الإنفاق ارتفع 15% في سوريا، خلال النصف الأول من العام الحالي، ليصل إلى 1.346 مليون ليرة سورية، ولفت إلى أن خط الفقر ارتفع إلى 74 بالمئة خلال عام، و160 بالمئة منذ أواخر عام 2021.

وشهد النصف الأول من العام الحالي زيادة في متوسط سعر سلة الغذاء المرجعية، بنسبة 27%، لتصل إلى أكثر من 530 ألف ليرة، وهذا السعر للسلة أعلى بنسبة 70% مما كان عليه قبل 12 شهراً، ونحو 7 مرات منذ أكثر من 3 سنوات، وبالتالي فإن الليرة السورية خسرت خلال العام 51% من قيمتها، و69% خلال عام، و95% منذ أواخر 2019.

 

إعداد: رشا إسماعيل