دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

“أوضاع صعبة وسعياً لحياة كريمة”.. “مرتزقة سوريين” يكشفون السبب وراء “الارتزاق في النيجر”

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – باتت النيجر وجهة ارتزاق جديدة لمقاتلين في فصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا، بعد اشتراكهم في الحروب التي اندلعت في ليبيا وتلك التي ما بين أرمينيا وأذربيجان لصالح تركيا، بينما تستغل تركيا حاجة الشبان السوريين في ظل ما تعيشه البلاد من حالة اقتصادية مزرية وإغوائهم بالأموال لإجبارهم على القتال كمرتزقة خارج أرضهم.

“مئات القتلى والمعارك على أشدها في صحراء النيجر”

وخلال الفترة الماضية، سرب مقطع صوتي لاحد المقاتلين في فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا وهو من المشاركين في القتال في النيجر، بأن أوضاعهم صعبة للغاية في ظل المعارك العنيفة التي تشهدها صحراء النيجر، مشيراً إلى مقتل العشرات من المقاتلين السوريين الموالين لتركيا خلال المعارك، وأن من ما مجموعه 500 عنصر لم يبقى 25 مقاتلاً، حيث كان يجهش بالبكاء دون أن يكشف أن معلومات عن نفسه خشية من معاقبته من قبل الاستخبارات التركية التي أخدت منهم الأجهزة المحمولة لمنع التصوير والتواصل مع العالم الخارجي.

ونشرت وكالة “رويترز” تقريراً عن شاب يبلغ 24 عاماً، سافر إلى النيجر للقتال على غرار المئات من المقاتلين الموالين لأنقرة، حيث تم نقلهم عبر شركة أمنية تركية إلى البلد الأفريقي الذي بات وجهة جديدة للارتزاق لفصائل “الجيش الوطني”.

“مرتزق: أمنيتي فتح متجر صغير لأعيش مع عائلتي وأترك القتال”

الساب اسمه “عمر” وهو المعيل لوالدته وإخوانه، يقول لوكالة “فرانس بريس” عبر الهاتف من النيجر، مستخدماً اسم مستعار، ويشير إلى أن السبب وراء مغادرته هو “الحياة الصعبة في سوريا”، والانضمام إلى فصيل مسلح مقابل راتب لا يتجاوز 1500 ليرة تركية وهو ما يعادل 46 دولاراً أمريكياً.

ويوضح عمر، الذي يعمل كعنصر في فصيل موالي لأنقرة شمال سوريا، “هنا في النيجر الراتب 1500 دولار وهو راتب يحسن من نوعية حياتنا”، وعبر عن امنيته بأن يفتتح متجراً صغيراً ليعيش مع عائلته ويترك القتال.

أنقرة أرسلت ألف مقاتل سوري من الشمال إلى النيجر عبر تركيا

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، وثق إرسال تركيا لـ1000 مقاتل موالي لأنقرة إلى النيجر عبر تركيا منذ العام الماضي بهدف “حماية المصالح والمشاريع التركية بما فيها المناجم”.

ويكشف عمر أنه كان في عداد الدفعة الأولى التي ضمت 200 مقاتل غادرت شمال سوريا في آب/أغسطس الماضي إلى مطار غازي عنتاب ومنه إلى إسطنبول حيث أقلتهم طائرة عسكرية إلى بوركينا فاسو قبل نقلهم إلى معسكرات على حدود النيجر.

“قيادات الفصائل تقطع 350 دولاراً من راتب المرتزق الشهري”

بعد أسبوعين من التدريب على استخدام السلاح والرماية، نُقل عمر ضمن مجموعة الى النيجر لحراسة محيط منجم لا يعلم اسمه أو موقعه. ويوضح أن أشخاصا في النيجر بلباس عسكري، لم يتمكّن من تحديد ما إذا كانوا جنوداً، عاونوهم في نوبات الحراسة.

ويشرح أنه جرى توزيع المقاتلين السوريين “على مجموعات عدة، للحراسة أو القتال”، مضيفاً “هناك مجموعة أرسلت لقتال بوكو حرام وأخرى الى لومي”، عاصمة توغو.

وعمر الآن يتواجد في نقطة عند الحدود بين النيجر وبوركينا فاسو، ويقول أنه بانتظار انتهاء مهمته للعودة إلى سوريا حيث تحصلت عائلته على راتبه الشهري بعد اقتطاع الفصيل المنضوي ضمنه مبلغ 350 دولاراً منه.

“توقيع العقود تجري عبر شركة السادات الأمنية التركية”

ونقلت المصادر ذاتها عن ثلاثة مقاتلين سوريين موالين لأنقرة، بينهم عمر، أنهم سجّلوا أسماءهم للالتحاق بالنيجر لدى قيادة فصيل السلطان مراد الذي يعد الأكثر ولاءً لتركيا، ووقّعوا عقوداً لمدة ستة أشهر لصالح شركة أمن تركية.

ويقول مقاتل آخر يدعى أحمد 30 عاماً، ويستعدّ للسفر الى النيجر، أن توقيع العقد “حصل مع ضباط من شركة +سادات+ الأمنية”، مضيفاً أن هؤلاء “يتولّون كلّ شيء، وتتمّ إجراءات الحماية والسفر عن طريقهم”.

وبحسب المركز السوري للعدالة والمساءلة، فإن شركة سادات “مسؤولة عن النقل الجوي الدولي للمرتزقة بمجرّد عبورهم” من سوريا الى الأراضي التركية، الى كلّ من ليبيا وأذربيجان.

ومنذ سنوات تنتهج تركيا سياسة استغلال الشبان السوريين ومن بينهم المقاتلين ضمن الفصائل الموالية لها لتجنيدهم عبر إغرائهم بالأموال وإرسالهم إلى ليبيا وليحاربوا إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا في نزاع باكو ضد يريفان على إقليم ناغورني قره باغ.

“الدفاع التركية تنفي إرسال المرتزقة للنيجر”

بدورها نفت وزارة الدفاع التركية، بحسب “فرانس بريس” كل ما تردد حول هذا الموضوع وقالت “كلّ هذه الادعاءات خاطئة ولا أساس لها من الصحة”.

وسبق أن نفت وزارة الدفاع التركية كل ما تردد عن تجنيد وإرسال المرتزقة للقتال في ليبيا وأرمينيا لمشاركة أذربيجان في عملية السيطرة على إقليم ناغورني قره باغ.

“خداع تركي بأن المهمة حماية المصالح ولن يشاركوا بالقتال حتى الاعتياد على الأوضاع”

ويقول أحمد 30 عاماً، الذي يخلط بين النيجر ونيجيريا ظناً منه أنهما بلد واحد، أنه تم تبليغه على غرار ما أكد مقاتلون آخرون أن مهمته ستكون “الخضوع لتدريبات داخل قواعد حتى يعتاد المقاتلون على الأوضاع هناك وحماية معسكرات”، مضيفا “قد تحصل معارك” مع جهات يقول إنه يجهل هويتها.

ويأتي إرسال مقاتلين الى النيجر، في وقت تُعدّ تركيا، وفق محلّلين، في عداد دول تتقرّب من الأنظمة العسكرية الحاكمة في منطقة الساحل الإفريقي، وبينها النيجر حيث عيّنت أول ملحق عسكري فيها في آذار/مارس.

واستولى الجيش على الحكم في النيجر منذ أواخر تموز/يوليو 2023 وأنهى اتفاقات أمنية ودفاعية مع دول غربية بينها فرنسا والولايات المتحدة.

وبرّر الجيش الانقلاب باحتواء هجمات دامية تشنّها تنظيمات جهادية، بينها مجموعات بايعت تنظيم الدولة الإسلامية وأخرى تنظيم القاعدة. لكن وتيرة الهجمات لم تتراجع.

وتقول الباحثة غابرييلا كورلينغ من المعهد السويدي لأبحاث الدفاع لفرانس برس “المكوّن الدفاعي في العلاقة القائمة بين النيجر وتركيا بات أكثر أهمية مع مرور الوقت مع توقيع اتفاقية تعاون عسكري عام 2020 وبيع تركيا طائرات مسلحة بدون طيار للنيجر”.

وتوضح أن “انقلاب 2023 لم يعرقل العلاقات الدبلوماسية” بين البلدين، بل ساهم في توثيقها.

وقتل المئات من المقاتلين المنضوين تحت سقف “الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا خلال رحلتي الارتزاق السابقتين في ليبيا والحرب بين أذربيجان وأرمينيا، ولاتزال تركيا تنفي التقارير التي تؤكد وتوثق مشاركة هؤلاء في النزاعات المسلحة في تلك البلدان.

إعداد: ربى نجار