أوغاريت بوست (مركز الاخبار) – تخلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن مطالبه التي سبقت القمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، بعدما توصل لاتفاق توقفت العمليات العسكرية بموجبها في مناطق “خفض التصعيد”، التي لاتزال تشهد بعض الخروقات، في مشهد وصفه مراقبون أن “بوتين نجح في احتواء أردوغان”.
وكان الرئيس التركي يطالب سابقاً بإعادة القوات الحكومية السورية إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية، التي نص عليها اتفاق سوتشي 2018، وأطلق لها عشرات التهديدات للحكومة السورية، وحشد لها أكثر من 4 آلاف قطعة عسكرية ومايزيد عن 8 آلاف جندي تركي في إدلب.
نصر معنوي وآخر حقيقي
محللون سياسيون قالوا، “بوتين نجح في إيهام الرئيس التركي بنصر معنوي يحفظ له ماء وجهه في إدلب، في ظل عدم قبول روسيا بالتخلي عن الانجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية من الحرب على التنظيمات الإرهابية التي تراها موسكو خطراً على تواجدها العسكري في سوريا”.
وأشارت تلك الأوساط إلى أن الاتفاق بين الطرفين لم يحمل أي إشارات إلى أن القوات الحكومية ستعود إلى ما قبل نقاط المراقبة التركية، حيث يفهم من نص الاتفاق أنه سيتم الإبقاء على الوضع في إدلب على ما هو عليه، ليس ذلك فحسب بل أن روسيا أصبحت قريبة من الطريق الدولي حلب – اللاذقية M-4، التي ستكون “منطقة آمنة” خالية من السلاح، وهو الهدف الروسي الثاني للعملية العسكرية في إدلب والنصر الحقيقي.
الهدنة مرحلة آنية
دبلوماسيون روس تحدثوا خلال وسائل إعلامهم عن أن الهدنة والاتفاق سيكون “مرحلياً” إلى حين تهدئة الرئيس التركي، مشيرين إلى أن الخطة الروسية لاستعادة إدلب لاتزال قائمة، ولن يتراجع بوتين عنها، وهذا ما أشار إليه المسؤولين الروس قبل لقاء بوتين وأردوغان “أن الحرب ضد التنظيمات الإرهابية ستستمر”، في رسالة واضحة أن إدلب يجب أن تعود لسلطة الدولة السورية.
وقالوا أن الإبقاء على النقاط التركية في إدلب “حالياً” لإظهار الرئيس التركي على أنه حقق شيئاً وفرض آراءه على الروس، بينما سيكون مجبراً على الانسحاب حال إغلاق المجال الجوي من قبل روسيا وسيطرتها مع القوات الحكومية السورية على كامل محافظة إدلب.
لا دعم غربي لتركيا
وفي ظل تخلف الدول الغربية والولايات المتحدة خصوصاً عن تقديم المساعدة العسكرية لتركيا في مواجهة روسيا، يبدو واضحاً أن الرئيس التركي سيجد نفسه في المراحل القادمة من الحرب في إدلب، مجبراً على تنفيذ رغبات الدب الروسي، وإلا فإن أنقرة ستخسر كثيراً في إدلب عسكرياً وسياسياً، وهذا ما لا يمكن للشعب التركي تحمله، ونزل إلى الشوارع ليعبر عن رفضه لدخول بلادهم في معارك خارج الحدود التركية، بعد مقتل أكثر من 30 عنصراً من قواتهم.
اتفاق ليس جيداً
وفي سياق متصل لا يمثل اتفاق وقف إطلاق النار بين روسيا وتركيا في مناطق “خفض التصعيد” أهمية لدى المعارضين السوريين، الذين عبروا عن استيائهم حوله (الاتفاق) والذي تجاهل وضعهم كلياً، ووصفوه بأنه “اتفاق ليس جيداً.. وما الفائدة منه لطالما لا نستطيع العودة إلى بيوتنا”.
مشككين في أن تبقى الهدنة قائمة لوقت طويل، لإدراكهم أن روسيا عازمة على الدخول والسيطرة على إدلب، وبالتالي لايمكنهم العودة أبداً، “نظراً للعداء الذي تحمله القوات الحكومية السورية لمعارضيه وخصوصاً الإدلبيين”.
ونقلت وكالات أجنبية عن بعض السوريين النازحين قولهم، إنهم فقدوا الأمل بعد الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وتركيا، فيما أبدى آخرون استيائهم منه، وتساءلوا “ما الجديد فيه إذا تم تهجير الناس وتدمير منازلهم.. اليوم نعيش في مخيمات.. الاتفاق غير جيد ولا يوجد أحد مقتنع به”.
إعداد: علي إبراهيم