دمشق °C
أوغاريت بوست(مركز الأخبار) – تأثيرات سياسية واقتصادية واجتماعية خلفتها الأزمة السورية بعد11عاماً، حيث تتباين التقديرات حول مدى الخسائر التي دفعتها البلاد في المجالات كافة وتداعيات وانعكاسات ذلك على مستقبل السوريين.
وعاشت سوريا خلال العام 2022، مجموعة من الأحداث السياسية والاقتصادية المهمة، كما تأثرت بتطورات ومتغيرات إقليمية ودولية عديدة، فالأزمة مازالت مستمرة بل وازدادت صعوبة خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية التي يبدو أنها ذاهبة نحو انهيار تاريخي وغير مسبوق يشابه إلى حد كبير ما حدث على الصعيدين السياسي والعسكري أيضاً.
وخلال حوار خاص مع عضو هيئة التفاوض السورية “منصة القاهرة”، أحمد شبيب، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” العديد من الأسئلة حول قراءة الأزمة السورية في ضوء التطورات والأحداث التي شهدها عام 2022، وأين تقع سوريا من المعادلة الدولية في ظل تغير التوازنات والتحالفات والظروف الدولية، بالإضافة إلى العديد من التساؤلات والطروحات.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الأستاذ أحمد شبيب:
– كيف يمكن قراءة الأزمة في سوريا في ضوء التطورات والأحداث التي شهدها عام 2022 ؟
يخطيء الكثيرون عندما يربطون الأزمة السورية ببدء الحراك الثوري في آذار / مارس 2011.
الأزمة السورية هي نتيجة لسياسات داخلية وخارجية خاطئة ومتراكمة. داخلياً كان الفشل الاقتصادي والتنموي وتخلف التعليم المترافق مع قمع الحريات وتسلط أجهزة الأمن على المواطنين وانتشار الفساد كل ذلك أسهم في انعدام الأمل عند المواطنين بالإصلاح.
أما سياسياً فقد أغلقت كل الأبواب في وجه الأحزاب والنشاط السياسي واحتكر العمل السياسي بحزب البعث والمتحالفين معه وكانت الحياة السياسية معطلة لصالح الأجهزة الأمنية واحتياجاتها. وعلى الصعيد الإقليمي فقد خسرت سوريا مكانتها بعدما وضعت نفسها تحت جناح النظام الإيراني وناصبت العداء للمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودعمت إرهاب القاعدة وسهلت مرور المجرمين وشذاذ الآفاق إلى العراق لمحاربة الأمريكان وإلهائهم عن دخول سوريا بعدما صار الجيش الأمريكي على حدودها.
وقد ساءت العلاقات السورية مع الغرب والدول العربية أكثر بعدما تخلت سوريا عن التوازن في إدارة الملف اللبناني والذي كانت نقطة الفصل فيه اغتيال الشهيد رفيق الحريري. وفي العام ٢٠١١ جاء الانفجار نتيجة تراكم الفشل والسياسات الخاطئة والهدامة.
ولم يحمل العام ٢٠٢٢ إلا جولات فاشلة للجنة الدستورية وضغط أكثر على السوريين في الداخل نتيجة قانون قيصر. هذا الضغط والعوز الذي يعانيه السوريون في الداخل يشعرنا بالحرقة والألم ويدفعنا للعمل أكثر والضغط بكل الوسائل السياسية الممكنة من أجل إنجاز الانتقال السياسي. ومنذ أيام إعتمدت الإدارة الأمريكية قانون مكافحة المخدرات والذي ستكون له آثاره وللأسف سيدفع الثمن المواطن السوري المقهور أصلاً.
– أين سوريا من المعادلة الدولية مع الحديث عن تغير التوازنات والتحالفات والظروف الدولية بحكم الأحداث التي يشهدها العالم؟
اليوم سوريا في قلب المعادلة الدولية وكل ما يحكى عن تراجع الملف السوري في الأجندة الدولية غير دقيق. الجيوش الأجنبية على الأرض لحماية مصالح الدول المتباينة ولكن الحل السياسي لم تنضج ظروفه. والتحالفات مازالت ذاتها و لقد توقع بعض المحللين تأثر سوريا بالحرب الروسية على أوكرانيا ولكن لم تظهر أي تأثير لهذه الحرب على الملف السوري إلا من خلال قطع اي أمكانية لتوافق أمريكي – روسي في المستقبل القريب.
– الاقتصاد السوري انهار بشكل كبير في سنة 2022 وبات المواطن يعيش في حالة صعبة بظروف قاسية جداً.. ما أسباب ذلك وهل تعتقد أنه هناك حلول لإنقاذ الاقتصاد؟
بالأساس المنظومة الاقتصادية السورية كانت تعاني من التخلف والفساد وكان لزاماً على السلطة بناء منظومة اقتصادية حديثة وتعطي الثقة لرأس المال وتشجع كل القطاعات المتأثرة بالاقتصاد وهذا لم يحدث. ولاحل بإنقاذ الاقتصاد إلا بإنجاز الحل السياسي وهو الشرط من أجل إعادة الإعمار وهذا يتطلب وجود حكم رشيد ونهج اقتصادي واضح من اجل إعادة النهضة بالاقتصاد وقوننته بما يتوافق مع مفاهيم السوق الحديثة ومحاربة الفساد وإعطاء الثقة للمانح أو المستثمر ورأس المال.
– بالتزامن مع الحديث عن الحل السوري.. هناك مساعي للتقارب بين حكومة دمشق و تركيا.. كيف تقرؤون هذا التطور.. وهل يمكن أن يساهم في حل الأزمة ؟
سمعنا تصريحات عديدة من مسؤولين أتراك حول لقاءات سياسية محتملة بين النظام والأتراك وإتمام هذه اللقاءات أولا هو رهن مخرجات الحوارات الأمنية بين الدولتين والبارحة اجتمع وزيري الدفاع ورئيسي المخابرات برعاية روسية من جانب وثانياً رهن ما سيقدمه الغرب لتركيا من جانب آخر فيما يتعلق بمطالبهم الأمنية داخل سوريا. بالتالي نحن أمام لوحة غير مكتملة ويصعب استنتاج إلى أين ستصل و انعكاساتها على الملف السوري.
– ماذا يعني سيطرة هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة على مناطق واسعة كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة ؟
هيئة تحرير الشام هي كيان إرهابي وانا هنا لا أتحدث عن تصنيف مجلس الأمن فقط وإنما هذا رأي السوريين وشاهدنا الحراك الشعبي ضد هذا الكيان وضد سياساته وتجاوزاته بحق المدنيين والفصائل الأخرى. وهذا الكيان لاعهد له وأجندته دخيلة على مجتمعنا ولكن لن يكون بمقدور السوريين التخلص من هيئة تحرير الشام ومثيلاتها من التنظيمات الإرهابية كداعش وحزب الله والميليشيات العراقية الطائفية إلا بإنجاز الحل السياسي المنشود وحشد كل الطاقات الممكنة من أجل اجتثاثهم وطردهم خارج سوريا. اليوم عندهم القوة والمال والوضع الراهن بيئة خصبة لتمدد هكذا قوى.
– هل يمكن أن نشهد مرة أخرى ظهور تنظيم داعش الإرهابي في سوريا مع الحديث عن ازدياد نشاطه في الشمال والشرق والبادية؟
داعش هي فكرة أكثر منها تنظيم ووأد داعش إلى الأبد يكون بإنشاء حكم ديمقراطي يحاربهم ويجفف منابع تمويلهم ويفضح آيديولوجيتهم ويحصن المجتمع من هكذا أفكار إجرامية. وباعتقادي أن على التحالف الدولي التفكير أكثر في توسيع شراكاته المحلية للقضاء على هذا التنظيم.
– كيف تقرأ مستقبل منطقة إدلب والسويداء وشرق الفرات خلال عام 2023؟
لا مستقبل لأي منطقة سورية إلا بعد إنجاز الانتقال السياسي وتشكيل حكومة تشمل الجميع وذات مصداقية وغير طائفية تتولى حل جميع المشاكل وبكل المناطق لأن الوضع الراهن هو سبب وجود هذه الانقسامات وهذا التشتت.
فالوطن كالجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
– ما توقعاتكم لعام 2023 ؟
يصعب التنبؤ بما سيحمله العام القادم ولكن يجب على المعارضة إعادة تنظيم نفسها والاقتراب أكثر من السوريين والاستماع لهم وعكس مطالبهم والمساعدة في تأمين احتياجاتهم وتخفيف معاناتهم وإرسال رسائل سياسية واضحة توحد الناس ولا ننسى شعار ثورتنا أن الشعب السوري واحد في الداخل والخارج وبطبيعة الحال ستتكشف العديد من المسائل التي سيكون لها انعكاس على الملف السوري وبالعموم الحق يعلو ولايعلى علية وأتمنى أن تحمل السنة الجديدة الفرج وتحقيق طموح السوريين وإنهاء مأساتهم.
حاوره: يعقوب سليمان
