أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهدت مناطق ريف دير الزور ضمن مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، اشتباكات عنيفة وعمليات كر وفر بين قسد وما أطلق عليهم “مقاتلو العشائر” والذين تبين لاحقاً أنهم مجموعات مسلحة موالية لإيران ومسلحي “الدفاع الوطني” التابعين للحكومة السورية والذين يعملون تحت إمرة الشيخ “نواف البشير” إضافة لمشاركة خلايا لتنظيم داعش الإرهابي فيها.
عملية أمنية لقسد ضد “بؤر الفساد والإرهاب وتجارة المخدرات”
جاء ذلك بعد إطلاق قوات سوريا الديمقراطية لحملة أمنية تحت مسمى “تعزيز الأمن” وقالت إنها تستهدف أرياف دير الزور الشمالية والشرقية والغربية والجنوبية ومنها القريبة من ضفة نهر الفرات، وهي مناطق تعتبر خط تماس مع قوات الحكومة والمجموعات الإيرانية في غرب الضفة.
هذه العملية الأمنية قالت قسد أنها للقضاء على بؤر الفساد والقضاء على خلايا تنظيم داعش الإرهابي وتجارة المخدرات التي انتشرت بشكل كبير في هذه المناطق، وأشارت إلى أنها انطلقت بناءً على طلب العشائر والقبائل المحلية الذين عانوا كثيراً من الأوضاع الأمنية التي كانوا يعيشونها.
أمور وتحركات كثيرة حصلت قبل أحداث دير الزور
أمور وتحركات عدة حصلت في كواليس ما كان سيجري في دير الزور، ومن المشاركين أيضاً، الدولة التركية وفصائل المعارضة في “الجيش الوطني”، والعشائر في مناطق سيطرة “درع الفرات وغصن الزيتون”، الذين تحدثوا مع أقربائهم في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية وقسد” لتأجيج العشائر هناك.
وجاء يوم الأحد الـ27 من آب/أغسطس الماضي، وفي ساعات المساء، أصدرت قسد بياناً أعلنت فيه بداية عملية “تعزيز الأمن”، تزامن ذلك مع بدأ تنفيذ الخطة التركية الإيرانية وللحكومة السورية المشتركة، من خلال الدفع بمجموعات مسلحة من غرب الفرات إلى مناطق العملية الأمنية، والعمل إعلامياً على إظهار أنها حرب عشائرية مع قوات سوريا الديمقراطية وتصويرها بحرب كردية عربية، بهدف خلق حرب أهلية في المنطقة.
وفي الساعات الأولى من العملية أيضاً، كان لافتاً التصعيد العسكري الكبير للقوات التركية وفصائل المعارضة على جبهات حدودية كانت شبه هادئة خلال الأشهر الماضية، ومحاولة إشعالها، ويقال أن ذلك كان محاولة “لتشتيت انتباه قسد في دير الزور”.
اجتماعات للاستخبارات التركية مع قادة الفصائل وشيوخ العشائر بمناطق سيطرة أنقرة
وللدخول في كواليس وتفاصيل الأمور التي حدثت خلال الفترة الماضية والتي كانت تحضر لحرب كبيرة في ريف دير الزور، نشرت وكالة الأنباء الكردية “هوار” تقريراً حول هذه الوقائع، وسنبينها بحسب ما نشرت الوكالة.
وتقول الوكالة، أنه المعلومات التي حصلوا عليها من مصادر وصفتها “بالموثوقة” أكدت، عقد الدولة التركية اجتماعات عدة في “عفرين وإعزاز وجرابلس والباب وسري كانيه (رأس العين) مع قيادات الفصائل والعشائر المحلية.
وخلال شهر آب/أغسطس الماضي، عقدت الاستخبارات التركية اجتماعاً لـ400 عنصر من المنشقين عن قوات الحكومة السورية في بلدة حوار كلس بريف إعزاز، وبدأت تدريبهم، حيث سيجري نشرهم على الحدود منحهم مبالغ مالية مقابل ذلك.
أما في تموز/يوليو الماضي، تقول الوكالة الكردية أن وفد عسكري واستخباراتي زار منطقة رأس العين (سري كانيه) وعقدوا اجتماعاً مع العشائر المحلية في قرية قطينة، وطالبت الاستخبارات التركية من العشائر بالتواصل مع أقربائهم وأفراد عشيرتهم في المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية ومخيمات نازحي المنطقة بمدينة الحسكة “واشوكاني والطلائع” ودعمهم.
التعاون مع خلايا تنظيم داعش الإرهابي
وفي الـ11 من الشهر نفسه (تموز)، عقدت الاستخبارات التركية اجتماعاً مع قيادات للفصائل في العديد من مناطق سيطرتها، وطالبوهم بتعزيز تعاملاتهم وعلاقاتهم بخلايا تنظيم داعش الإرهابي، ومناقشة موضوع تهريب ونشر المخدرات ونشرها في مناطق “الإدارة الذاتية”.
يشار إلى أن المرصد السوري لحقوق الإنسان سبق وأن نشر تقريراً أشار فيه إلى بناء علاقات بين القوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها، بينهم حزب الله اللبناني، والاتفاق على عدم مهاجمة نقاط بعضهم البعض، والتعاون لضرب قوات سوريا الديمقراطية والتحالف.
ضغوطات وتهديدات تركية للعشائر بمناطق سيطرتها
وبالعودة للاجتماعات التركية التي تعددت بين جهاز استخباراتها وعشائر رأس العين وتل أبيض وجرابلس والباب، حيث جرى اجتماع آخر في منتصف آب الماضي، حيث ضغطت الاستخبارات التركية على العشائر للتواصل مع أقربائهم في مناطق الإدارة الذاتية كدير الزور والحسكة والرقة، وتحريضهم على الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى محاولتهم الترويج للنزاع العرقي بين الكرد والعرب وادعاء أن الكرد يهاجمون العرب، وتهديد من عارضوا هذه المطالب.
وفي الـ21 من الشهر نفسه، ضم اجتماع حضره 100 قيادي لفصائل المعارضة في مدينة كلس التركية، وطلب المسؤولون الأتراك منهم الاستعداد للحرب والهجمات.
قسد أدركت المخطط في اللحظات الأخيرة
وكان لافتاً الهجمات التي كان يشنها تنظيم داعش الإرهابي وخلاياه النائمة ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في ريف دير الزور في الآونة الأخيرة، وبناءً على ذلك ومع وصول معلومات استخباراتية لقسد بوجود هكذا مخطط، سارعت لإطلاق عملية “تعزيز الأمن” في هذه المناطق والتي بدأت يوم الأحد الماضي.
ولفتت الوكالة الكردية، أن كل المعلومات الواردة مصدرها مصادر عسكرية واستخباراتية من قسد، والمعلومات تكشف أيضاً بأن فصائل المعارضة تلقت أوامر بالهجوم على نقاط عسكرية لقسد في المناطق الحدودية مع تركيا، كـ منبج وتل تمر وعين عيسى، التي تشهد اشتباكات وقصف عنيف من قبل القوات التركية والفصائل منذ أيام. ويبدو أن ذلك بهدف التشويش على القوات العسكرية العاملة في ريف دير الزور، وفتح أكثر من جبهة عليهم.
خلايا داعش دعت العشائر لقتال قسد والهجوم على مخيمي الهول وروج
ولفتت الوكالة إلى أن خلايا داعش في مناطق سيطرة القوات التركية تعمل أيضاً وفق مضمون الاجتماعات التي جرت في الأشهر الماضي، وتقوم بدورها في خلق الفوضى والاضطرابات بالمنطقة.
ولفتت المصادر ذاتها إلى أن خلايا داعش في ريف دير الزور، والتي تربطها علاقات مع نظيرتها ضمن مناطق سيطرة الأتراك تتصرف ضمن المخططات ومضامين الاجتماعات، وتصريحاتها القيام بخلق الفوضى والاضطرابات في المنطقة، “وذكر المرتزقة في دير الزور في مشاهد مصورة صوروها أمام علم لداعش مطالب المحتلين هذه”.
حيث تقول تلك الخلايا في دعوتهم لداعش علناً، “ندعو مقاتلي ولاية الخير (منطقة الجزيرة ودير الزور) إلى مساندة أشقائهم من أبناء العشائر ضد الكرد، فشقيقاتكم وأشقاؤكم في مخيم روج والهول يدعونكم إلى الاستيقاظ من غفلتكم والانتفاض، وسيشهد العالم الإسلامي والمدن الإسلامية تغيرات كبيرة في المستقبل، وسيشهد القرن الجديد تحولات عدة، فاستعدوا جيداً لهذه المرحلة”.
كشف “الأطراف المتواطئة”.. والبدء بالعملية وقرب انتهائها
المعلومات الاستخباراتية التي وصلت لقسد في اللحظة الأخيرة جعلتها تتدارك ما كان يجري وما كان يخطط له للمنطقة، حيث شاركت قيادات عسكرية تابعة لها في هذا المخطط ومن بينهم القائد المعزول والسابق لمجلس دير الزور العسكري “أحمد الخبيل” الملقب “بأبو خولة” والتي أكدت قسد تواصله مع جهات خارجية معادية، وقيامه بجرائم ضد الأهالي في ريف دير الزور.
وبحسب بيانات المركز الإعلامي لقسد، فإن عمليتهم الأمنية تسير وفق المخطط لها، حيث استطاعت هذه القوات استعادة السيطرة على مناطق خرجت عن سيطرتهم كالبصيرة والصبحة والشحيل ومحاصرة ذيبان، ومعلومات عن فرار الشيخ نواف البشير الذي قاد المجموعات المسلحة التي دخلت “لشرق الفرات” وإبراهيم الهفل الذي أعلن النفير العام لعشيرته وقتال قسد، إلا أن عشيرته لم ترد عليه.
إعداد: علي إبراهيم