أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لاتزال السلطات اللبنانية مصرة على ترحيل اللاجئين السوريين من أراضيها على الرغم من كل الدعوات الدولية ولمنظمات حقوق الإنسان بعدم الإقدام على هذا الفعل، وذلك لما له من تداعيات وخطورة على حياة المرحلين الذين يحمتل تعرضهم للاضطهاد والاعتقال التعسفي، إضافة لسوق الشبان من المطلوبين للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.
الاتحاد الأوروبي طالب لبنان بعدم ترحيل السوريين.. وردود أفعال لبنانية غاضبة
وقبل 3 أسابيع من الآن، طالب الاتحاد الأوروبي من السلطات اللبنانية بالتوقف عن ترحيل اللاجئين السوريين، وذلك خلال اجتماع للدول المانحة في بروكسل، حول الملف السوري ومسألة اللاجئين، ورفض مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ترحيل السوريين من لبنان، وشدد حينها أن سوريا ليست آمنة وأنهم سيواصلون دعم الدول المستضيفة.
إلا أن هذه التصريحات أثارت ردود أفعال غاضبة جداً من قبل مسؤولين لبنانيين وشخصيات سياسية، منددين بتصريحات الاتحاد الأوروبي، ومؤكدين على أن ترحيل السوريين بات أمراً محتماً.
رايس ووتش: الجيش اللبناني اعتقل ورحل آلاف السوريين قسراً
حديثاً كشفت منظمة هيومن رايس ووتش في تقرير لها، أن الجيش اللبناني رحل بشكل قسري واعتقل آلاف السوريين بينهم أطفال غير مصحوبين بذويهم إلى سوريا في الفترة الممتدة ما بين نيسان/أبريل و أيار/مايو 2023.
وأشارت المنظمة إلى أن السوريون في لبنان “يعيشون في خوف دائم من امكانية اعتقالهم وإعادتهم إلى ظروف مروعة (الأوضاع في البلاد)، حتى لو كان لديهم وضع لجوء، ودعت السلطات اللبنانية تمكين السوريين من تسوية أوضاعهم، إضافة للدول الأخرى التي تستضيفهم ضمان أن تمويلها لا يسهم في انتهاكات الحقوق.
ونقلت المنظمة الدولية عن “سوريين مرحلين” أن الجيش اللبناني تجاهل وضعهم كلاجئين أو مخاوفهم من تعرضهم للاضطهاد في حالة إعادتهم، ويقول أحد المرحلين أن “الجيش السوري احتجزه تعسفياً، وعذبه، وجنّده قسراً في قوات الاحتياط العسكرية السورية بعد ترحيله في أبريل/نيسان”.
ولفتت المنظمة أن عمليات الترحيل تصاعدت في لبنان منذ الأول من كانون الثاني/يناير 2023، واستهدف عموما السوريين الذين ليس لديهم وضع قانوني، وأشارت إلى أنه على الحكومات المانحة التي تدعم الجيش اللبناني أن تحث السلطات اللبنانية على وقف عمليات الترحيل وضمان أن الأموال التي تقدمها لا تسهم في انتهاكات الحقوق أو تديمها.
“الأزمة الاقتصادية في لبنان ليست عذراً لترحيل السوريين”
وقال باحث لبنان في “رايتس ووتش”، رمزي قيس، “يستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان وسط أزمة اقتصادية شديدة، لكن هذا ليس عذراً للإمساك بالسوريين ورميهم خلف الحدود ليقعوا في قبضة حكومتهم المتعسفة.. يعيش السوريون في لبنان في خوف دائم من إمكانية اعتقالهم، حتى لو كان لديهم وضع اللجوء”.
وفي الـ8 من حزيران/يونيو، وجّهت “رايتس ووتش” رسائل تحتوي نتائج بحثية إلى الجيش و”الأمن العام” اللبنانيَّين وطلبت الرد، ولفتت إلى أن رد الجيش اللبناني جاء في الـ22 من الشهر ذاته، وقال أن ما يقومون به هو بقرار من المجلس الأعلى للدفاع.
ونفى الجيش الترحيل التعسفي أو المنهجي للسوريين، بينما أكدت المنظمة أنها راجعت في 15 من 16 حالة، دخل المرحَّلون لبنان قبل 2019 ورُحّلوا، 10 قبل الاجتماع الوزاري في 26 أبريل/نيسان.
ونقلت “رايس ووتش” عن لاجئ سوري مرحل، انهم اعتقلوا مع 12 شخص آخرين من قبل “المخابرات العسكرية” وتم احتجازهم في “الفرع 235″، المعروف بـ “فرع فلسطين”، في دمشق، مؤكداً إنهم تعرضوا لتعذيب شديد، بما فيه بالصعق بالكهرباء، والضرب بأنبوب ماء، والتعليق بالسقف من أيديهم.
2023 هي الأشد خطورة.. “100 مداهمة واعتقال 2200 شخص وترحيل 1800”
وكشفت “رايس ووتش” في احصائية لها، أن السلطات اللبنانية نفذت 100 مداهمة واعتقلت 2.200 شخص، وترحيل 1800 لاجئ سوري، وقال عاملون في المجال الإنساني أن موجة الترحيل في 2023 هي الأشد خطورة.
وأكدت “رايس ووتش” أن الجيش اللبناني لم يعطي أي فرصة للمرحلين للاعتراض، كما تم تجاهل مناشداتهم بأنهم مسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لسؤون اللاجئين”، إضافة لتعرضهم للضرب والتعذيب والتهديد والتحرش الجنسي والمعاملة المهينة.
ما تفعله بيروت: منافي للقوانين اللبنانية والدولية
واعتبرت المنظمة أن ما تقوم به السلطات اللبنانية “انتهاك للقانون اللبناني” الذي يتطلب عمليات الترحيل من خلال سلطة قضائية، وفي الحالات الاستثنائية، بقرار من المدير العام للأمن العام، كما أن هذه العمليات انتهاك “لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب” وحقوق الطفل، من حيث احتجاز بعض الأطفال وإساءة معاملتهم وتشتيت العائلات.
وتؤكد الوكالة الأممية المكلفة بتوفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للاجئين، “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، أن سوريا غير آمنة وأنها لن تسهّل عمليات العودة الجماعية في غياب شروط الحماية الأساسية.
“إصلاح أنظمة الإقامة واستئناف التسجيل في مفوضية اللاجئين”
وطالبت المنظمة السلطات اللبنانية إصلاح أنظمة الإقامة واستئناف التسجيل في مفوضية اللاجئين، مع إلغاء قرار المجلس الأعلى للدفاع بشأن ترحيل السوريين، وهذا بدوره سيعزز المزيد من الاستقرار في لبنان من خلال ضمان عدم دفع اللاجئين السوريين إلى الفقر المدقع.
وتعتزم الحكومة اللبنانية على البدء بالخطوات العملية والفعلية لعودة وترحيل اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلادهم، وذلك بالتعاون مع الحكومة السورية.
ويعاني السوريون في لبنان من عنصرية وكراهية كبيرة، غذتها أطراف حكومية ومنظمات وأحزاب محلية، وسط اتهام السوريين بأنهم السبب وراء ما تعيشه البلاد من أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وغيرها، متناسين الفساد المتغلغل في المؤسسات والسياسات الاقتصادية السيئة التي أودت بالبلاد لحافة الانهيار.
إعداد: ربى نجار