أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تزداد التحذيرات الدولية حول امكانية عودة تنظيم داعش الإرهابي إلى الواجهة من جديد خاصة مع وجود آلاف المقاتلين والمؤيدين له في سوريا والعراق، وأضعاف هؤلاء محتجزين ضمن سجون تديرها الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا وتشرف عليها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وقوى الأمن الداخلي، وازدادت هذه التحذيرات مع كارثة الزلزال والانشغال في مواجهة تداعياتها وأن داعش سيستغل هذه الكارثة لشن هجمات جديدة.
“لقمة مغمسة بالدم”.. عمال الكمأة في مرمى نيران داعش
وخلال الفترة الماضية شن التنظيم وخلاياه النائمة عدد من الهجمات ضد عسكريين ومدنيين في سوريا، خاصة عمال وجامعي الكمأة في البادية وشرق البلاد، آخرها فقدان الاتصال بمجموعة من المدنيين من بلدة عياش بريف دير الزور الغربي خرجوا لجمع هذه المادة في بادية أبو حية على طريق جبل البشري، هذا الطريق الذي لطالما شنت خلايا التنظيم هجمات دموية على قوافل عسكرية.
تقارير إعلامية محلية أكدت أن سكان بلدة عياش فقدوا الاتصال مع 4 من أبنائهم رفقة مجموعة أخرى من بلدة البغيلية المجاورة خرجوا لجمع هذه المادة التي تخرج في هذه الفترة من السنة، وهذه المجموعة تعمل لصالح أحد القيادات المحلية التي تعمل لصالح قوات الحكومة السورية بدير الزور.
وخلال الفترة الماضية فقد العشرات من المدنيين حياتهم بهجمات متفرقة لداعش أثناء جمع الكمأة، منهم 53 شخصاً فقدوا حياتهم في هجوم شنه عناصر التنظيم بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في بادية السخنة بريف حمص الشرقي، وسط معلومات أن البعض من جامعي الكمأة أعدموا ميدانياً.
استنفار بعد أنباء عن هجمات على مراكز احتجاز عناصر التنظيم
إضافة لذلك، استنفرت قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي عناصرها في محيط سجني الحسكة في حي غويران و علايا في مدينة القامشلي، وهما سجنين يضمان عناصر وقيادات للتنظيم، بعد ورود معلومات عن هجوم لخلايا التنظيم.
وسبق أن تعرض سجن غويران في مدينة الحسكة لهجوم هو الأكبر والأعنف منذ إعلان السيطرة العسكرية على المناطق التي احتلها التنظيم في أوائل كانون الثاني/يناير 2022، وبعد إفشال الهجوم من قبل قسد والتحالف، تستمر العمليات الأمنية للبحث عن خلايا التنظيم حيث ألقي القبض على العشرات منهم بينهم قيادات وأمراء.
عين داعش على “مخيم الهول”
كما أفشلت القوات العسكرية في الشمال الشرقي السوري، هجومين للتنظيم وخلاياه كان يستهدف مخيم الهول (أخطر مخيمات الأرض) ويضم عشرات الآلاف من عوائل التنظيم، مع حملة أمنية داخله قبل اشهر أسفرت عن إلقاء القبض على أكثر من 120 عنصراً من التنظيم، ومصادرة أسلحة نوعية ومتفجرات كان داعش يجهزها لشن هجوم على النقاط العسكرية المحيطة بالمخيم من داخله، وهو ما أكدته بيانات قوى الأمن الداخلي “الأسايش” بناءاً على اعترافات من قيادات وعناصر داعش الذين تم القبض عليهم خلال الحملة الأمنية بالمخيم.
التحالف يحذر من “جيش حقيقي” لداعش
“جيش حقيقي قيد الاعتقال في سوريا والعراق”.. بهذه الجملة حذر قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي “سنتكوم” مايكل كوريلا خلال زيارة إلى شمال شرق سوريا، حيث تفقد الجنرال الأمريكي المنطقة خلال زيارته والتقى بقيادات قسد إضافة لتفقده سجن غويران بمدينة الحسكة، محذراً أنه في حال تحرير المحتجزين في السجون سيشكلون خطراً كبيراً، وأوضح أنه لا حل عسكري لمعتقلي التنظيم.
وكرر الجنرال الأمريكي أن القتال ضد التنظيم هو “قتال من أجل الأمن والاستقرار ليس في سوريا والعراق فحسب، بل في المنطقة بأكملها” مشددا على أنه “لا يمكننا على الإطلاق السماح بعودة ظهور” التنظيم.
واعتبر كوريلا، بحسب البيان، أن الأطفال في مخيم الهول “هم في خطر يومي” لناحية “تلقينهم العنف”. وحض على ضرورة “ترحيل سكان المخيمات وإعادة تأهيلهم ودمجهم في بلدانهم ومجتمعاتهم الأصلية”.
العراق يقلل من شأن التحذيرات
العراق في تصريح لمسؤول عسكري، قلل إلى حد ما من خطورة داعش في بلاده، حيث كشف أن التنظيم يحتفظ بما يصل إلى 500 مسلح في العراق.
وقال رئيس جهاز مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي، ونائب رئيس قيادة العمليات المشتركة ركن قيس المحمداوي، في مؤتمر صحفي، أنه وفقاً لوكالة الاستخبارات والمعلومات الدقيقة فإن مجمل عناصر التنظيم لا يتجاوز الـ500 مقاتل، في 3 إلى 4 محافظات، واعتبر أن التنظيم فقد القدرة على كسب عناصر جديدة.
وكشفت المصادر العسكرية العراقية عن عملية نفذت في شباط/فبراير الماضي ضد معسكر للتنظيم في صحراء الأنباء غرب البلاد أسفرت عن مقتل 22 مسلحاً، والعملية أطلق عليها اسم “فرسان الحق” جرت في 26 من الشهر الماضي، واستهدفت معسكراً يضم قيادات ويوجه المفارز في المحافظات.
“يصل لـ7 آلاف مقاتل”.. مجلس الأمن يحذر من خطر داعش
وكان مجلس الأمن الدولي حذر في شباط/فبراير الماضي في تقرير له، أن التنظيم لديه ما يصل إلى 7 آلاف عضو ومؤيد ينتشرون بين العراق وسوريا نصفهم تقريباً من المقاتلين.
تقرير مجلس الأمن أكد أن التنظيم لايزال نشطاً في العراق رغم جهود محاربته، وأشار إلى مقتل 150 عنصراً من التنظيم خلال عام 2022، وأضاف التقرير أن التنظيم عمل في العراق داخل “المناطق الجبلية الريفية، مستفيدا من الحدود العراقية السورية التي يسهل اختراقها”.
وتركزت أنشطته “في العراق في مسرح لوجستي في الأنبار ونينوى والموصل ومسرح عمليات يضم كركوك وديالى وصلاح الدين وشمال بغداد”.
ورغم تراجع احتياطاته المالية المقدرة حاليا بين 25 إلى 50 مليون دولار، وفق مجلس الأمن، فإن التنظيم “بدأ بغسل الأموال من خلال استثمارات في أعمال تجارية مشروعة مثل الفنادق والعقارات” في سوريا والعراق. واستخدم التنظيم أيضا “سرقة الماشية لجمع الأموال”.
ولم تتوقف هجمات التنظيم في سوريا والعراق حتى بعد إعلان الانتصار العسكري عليه في 2017 بالعراق، و 2019 في سوريا، حيث تشهد مناطق متفرقة من البلدين هجمات دموية تشير إلى أن التنظيم لم يفقد القدرة على الأخذ بزمام المبادرة، وأنه قادر على السيطرة على مناطق جديدة في حال أي خلل أمني في سجون ومراكز الاحتجاز.
إعداد: ربى نجار