أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – منذ سنتين تقريباً، خفضت تركيا بشكل كبير الحصة القانونية لسوريا من مياه نهر الفرات، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على كافة جوانب الحياة لتلك المناطق إضافة لتأثيرها الكبير على الثروة الزراعية والحيوانية وتأمين الطاقة الكهربائية، إضافة إلى أن نقص المياه يهدد أيضاً بنية سد الفرات الذي يسمى محلياً “بسد تشرين”.
“لتأمين المياه”.. تركيا بنت السدود على مجرى نهر الفرات
انخفاض كميات المياه بدأ تدريجياً من قبل تركيا، وذلك بعد أن بنت تركيا العديد من السدود على مجرى نهري الفرات ودجلة أيضاً، بينما بررت أنقرة ذلك بانخفاض كمية المياه لديها بعد سنوات الجفاف التي حلت بالمنطقة، وسط اتهامات لها بشن “حرب المياه” على الشمال السوري وخاصة مناطق “الإدارة الذاتية”.
وبعد أن انخفضت كمية المياه الواردة إلى الشمال السوري إلى الربع، قررت “إدارة السدود” التابعة للإدارة الذاتية إيقاف عمل سد الفرات لمدة أسبوع، وذلك “لإنقاذ الموسم الزراعي 2023”.
سد الفرات خارج عن الخدمة
وعلقت “الادارة العامة للسدود” على مشكلة جفاف نهر الفرات وقالت أنه “بسبب النقص الحاد للوارد المائي ومدى تأثيره على البحيرات الموجودة على نهر الفرات، إن كانت بحيرة سد تشرين أو بحيرة سد الفرات”، وأشارت إلى أن إيقاف عمل السد يأتي بالهدف الأول لإنقاذ موسم 2023 الزراعي، ولذلك تم اتخاذ قرار الإيقاف لمدة أسبوع”.
ولفتت “إدارة السدود” التابعة “للإدارة الذاتية” إلى أن الأولوية هي لتأمين مياه الشرب والري للأراضي الزراعية للمنطقة.
ويهدد الجفاف المناطق الشمالية الشرقية السورية وخاصة تلك التي تعتمد على مياه نهر الفرات، يأتي ذلك في ظل جفاف تشهده هذه المناطق مع نقص هطول الأمطار في مواسم الشتاء السابقة.
انتهاك للاتفاقيات الموقعة
وانخفض النهر بمعدل أكثر من 5 أمتار لأول مرة في التاريخ بحيث بات لا يتجاوز تدفقه 200 متر مكعب في الثانية، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للاتفاقية الموقعة بين سوريا وتركيا عام 1987، حيث التزمت تركيا بإطلاق 500 متر مكعب في الثانية على الأقل يتقاسمها العراق وسوريا.
ووقعت سوريا اتفاقية مع العراق (دولة المصب) عام 1989 ونصت بأن تكون حصة الأخيرة الممررة لها عند الحدود السورية العراقية 58 بالمئة من مياه الفرات مقابل 42 بالمئة لسوريا من أجمالي الكمية التي تردها من تركيا.
تأثير على كافة جوانب الحياة.. والكوليرا جاءت بسبب جفاف النهر
وتحذر التقارير الواردة من المنطقة من كارثة وشيكة تهدد حياة وسبل معيشة أكثر من 3 ملايين سوري يعتمدون على النهر في تأمين مياه الشرب والكهرباء والري.
كما أخرج هذا الانخفاض الشديد معظم عنفات توليد الكهرباء من الخدمة، بسبب عدم توفر المياه، ما اضطر السلطات المحلية إلى تقنين الكهرباء لساعات طويلة.
وتبلغ الطاقة التخزينية لبحيرة سد الفرات المقام عند مدينة الطبقة في محافظة الرقة 14 مليار متر مكعب، لكن الكميات الفعلية الموجودة في البحيرة أقل من ذلك بكثير، حيث ذكر أحد المسؤولين المحليين أن كمية المياه في البحيرة أواسط عام 2020 لم تكن تتجاوز ربع طاقة البحيرة وبالتالي فإن المخزون الحالي قد يكون أقل من ذلك بكثير.
وكان هناك اتهامات من قبل “الإدارة الذاتية” والحكومة السورية مع تقارير أممية أن أحد أسباب انتشار مرض الكوليرا في سوريا مجدداً هو لجفاف مساحات واسعة من نهر الفرات، وهو الأمر الذي أشارت إليه بعض التقارير الدولية والأممية.
منع المياه عن مليون نسمة في الحسكة
إضافة لذلك كله، تمنع تركيا المياه عن مدينة الحسكة وذلك منذ سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها على مدينة رأس العين وريفها في 2019، ومن ضمنها قرية علوك التي فيها محطة الضخ، حيث يعتمد على هذه المياه أكثر من مليون نسمة في مدينة الحسكة.
وتعاني مدينة الحسكة من أزمة إنسانية كبيرة ونقص حاد في المياه الصالحة للشرب وسط جشع واستفراد أصحاب صهاريج المياه ببيعها للناس بأسعار مرتفعة، بينما هناك ابناء عن اعتزام الإدارة الذاتية على بناء مشروع جر مياه من ريف منطقة عامودا بريف الحسكة لتغذية مدينة الحسكة وحل المشكلة من جذورها.
إعداد: رشا إسماعيل