أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – قالت الإعلامية والناشطة السورية، إنصاف سليطين، إن قرار تمديد العقوبات الأوروبية على سوريا مدة عام آخر بالتزامن مع الأزمات التي تعيشها البلاد سيقيد الحركة الاقتصادية والخدمية في البلاد، مشيرةً إلى أن المتضرر الأول من هذه العقوبات هو المواطن السوري أياً كان توجهه السياسي.
وأوضحت أن أسباب الوضع الاقتصادي السيء في سوريا تعود إلى العقوبات والحرب معاً، مضيفة أن الناتج الاقتصادي السوري انخفض بمقدار الثلثين على الأقل منذ بدء الحرب، وفقدت العملة ثلثي قيمتها وبات أكثر من 80 بالمئة من الشعب السوري تحت خط الفقر.
هذه التصريحات أدلت بها الإعلامية والناشطة السورية، إنصاف سليطين، خلال حوار خاص مع شبكة أوغاريت بوست، وفيما يلي نص الحوار الكامل:
1- تمديد العقوبات الأوروبية على سوريا كيف يؤثر على أداء ونشاط الحكومة ؟
أن يتزامن تمديد العقوبات الأوروبية على سوريا مع الحرائق التي اجتاحت جبالنا وساحلنا أتت فيها على الشجر والحجر وأنفاس البشر وفي ظل التخوف من ذروة ثانية لجائحة فيروس كورونا وضعف الامكانات ونقص التجهيزات، والقدرة الشرائية المتآكلة لليرة السورية بسبب العقوبات السابقة وتطبيق قانون قيصر، فهذا كفيل بتوضيح مدى التعقيدات التي سيزيدها تمديد هذه العقوبات، التي ستضاعف من تقييد الحركة الاقتصادية والخدمية للمواطنين وتعزز قطع الطريق على الاستثمارات أو حتى مجرد التفكير بإعادة الإعمار، فلا تجهيزات يمكن التعاقد عليها ولا قطع غيار أو صيانة للتجهيزات العامة التي تستهلك عمرها في ورش ومنشآت تدور بقوى ذاتية وتستنزف رصيد عمالها من التجربة والخبرات .. وقطع الطريق على أي دوران لرؤوس الأموال وحركة البنوك باتجاه الدولة السورية .. إضافة إلى النقص الكبير في موارد الطاقة والمحروقات وإغلاق المنافذ أمام تأمينها.
2- من المتضرر من العقوبات الغربية على سوريا ؟
لا يختلف عاقلان أن المتضرر الأول هو المواطن السوري أياً كان توجهه السياسي، فهذا الخناق على كافة سبل الحياة يزيد من أعباء هذا المواطن بشكل يفوق طاقة الاحتمال الطبيعية للإنسان، لأنها انعكست مباشرة على تفاصيل حياته اليومية، و(بدعة) أن الهدف هو معاقبة النظام وتغيير سلوكه، سقطت كاشفة عن الهدف الأعمق وهو معاقبة السوريين ومحاولة ثنيهم عن خيارهم السياسي، فذهب الجميع ضحية هذه العقوبات الموالي مثل المعارض، لا فرق، لأن انقطاع مادة معينة سيزيد الطلب عليها أو يرفع سعرها أو ينشط السوق السوداء على حساب الأسواق الرسمية، فهل تفرق السلعة بين مشري وآخر? بكل تأكيد لا، وهل تختلف الحاجة إلى وقود بين تكسي يعمل عليها فلان وتكسي يعمل عليها فلان آخر? بالتأكيد لا .. هذا على سبيل المثال لا الحصر، ولكن يمكنك أن تقيس عليه بقية احتياجات الحياة اليومية للسوريين فكلها اليوم تخضع للعقوبات .. فتراوحت الاحتياجات بين الممنوع والمقطوع والسعر المرتفع والمواطن الملذوع بكل ما سبق.
3- هل تعتقدين أن الوضع الاقتصادي السيء للشعب السوري سببه فقط فرض العقوبات الغربية على البلاد ؟
دعنا نوسع الدائرة قليلاً ونقول هناك سببان هما العقوبات والحرب .. وإلا كيف نفسر أن متوسط دخل الموظف قبل الـ ٢٠١١ كان يعادل ثلاثمئة دولار، و في الـ ٢٠٢٠ بعد سلسلة العقوبات يعادل ثلاثين دولاراً ?
انظر موقع الفريد الأمريكي الذي نشر مقالاً يتحدث فيه عن القفزات التي حققها الناتج القومي الزراعي السوري بين علمي ١٩٦٠ و٢٠٠٧، من مليون دولار إلى ٣٩.٧ مليار دولار، هذا الناتج القومي للزراعة فقط بحسب هذا الموقع، أنظر زراعتنا اليوم، بيادر قمحنا محروقة وأشجارنا أكلتها النيران واستحالت فحماً أو رماد .. ألا يعني هذا لك شيئاً؟
ووفقها انخفض الناتج الاقتصادي السوري بمقدار الثلثين على الأقل منذ بدء الحرب. فقدت العملة الوطنية ثلثي قيمتها وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 80 في المائة من السكان قد سقطوا تحت خط الفقر، وأن 9.3 مليون سوري “يعانون من انعدام الأمن الغذائي”. كل ما سبق بين عامي ٢٠١١ و2020 أي سنوات الحرب والعقوبات.
4- هل تتفقين مع وجهة النظر التي تقول بأن تركيا تستغل حاجة الشعب السوري وتستخدمهم كـ “مرتزقة” في الدول التي تشهد صراعات ؟
تركيا تنشط حركة البضائع والأموال باتجاه المناطق التي تستبيحها فصائلها من النصرة إلى الزنكي إلى الحمزات والقائمة تطول، تفرض التعامل بعملتها المحلية وتستغل من لا عمل لهم في أعمالها غير المشروعة إما كمرتزقة هنا أو في ليبيا أو في أذربيجان، نعم. فهذا الأمر صار واضحاً للقاصي والداني، يبدو أن واقع المنظومة القيمية لا يقل رداءة وسوءاً عن الواقع الاقتصادي إما بسبب الحرب أو الدول المتدخلة أو العقوبات .. لا فرق فالنتيجة واحدة يذهب ضحيتها جميعا المواطن السوري اينما كان.
ختاما اقول ومن منطلق سوسيولوجي وفقاً لقراءة معطيات الشارع والذهنية العامة ووفقاً لقراءات الكثير من الخبراء والمتابعين أن هذه العقوبات وإن كانت خانقة وضاغطة إلا أنها قد تنتج رد فعل عكسي، فكلما ضاقت لثني السوريين عن خياراتهم كلما ازدادوا قناعة بهذه الخيارات وتمسكوا بها ودافعوا عنها.
حوار: فادي حسن