أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهدت الفترة الماضية تحرك روسي ملحوظ على المستوى الاقليمي والعربي وذلك عبر إقناع الدول الخليجية بتحرير أموال مجمدة تعود للحكومة السورية في عدد من المصارف والبنوك العربية وذلك لاستخدامها في تمويل القمح ومشتقات النفط .
صحيفة الشرق الأوسط تحدثت ضمن تقرير نشر في وقت سابق عن تعهد روسيا بتقديم 500 مليون دولار أميركي قرضاً ميسراً إلى الحكومة السورية، ضمن إجراءات معالجة تدهور سعر صرف الليرة، حيث يؤكد الروس على ضرورة منع انهيار الحكومة بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية التي بدأت تضيق الخناق عليها … الأمر الذي تجاوز أيضا حث موسكو للعديد من الدول العربية لتقديم مساعدات مالية و دعم سياسي يتمثل بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
كل ذلك فتح الباب أمام إمكانية “الالتفاف” على العقوبات الغربية عبر تقديم المساعدات الإنسانية، خصوصاً بعد إعلان أميركا “توضيحات” عن أن “قانون قيصر” لا يمنع تقديم مساعدات دوائية وإنسانية إلى دمشق، في “بادرة حسن نية” من واشنطن التي اتصل بها أكثر من طرف عربي يحثها على “غض الطرف” عن التواصل مع الحكومة السورية.
وخلال حديث خاص مع الكاتبة والسياسية السورية، ميس كريدي، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” تساؤلات عدة، حول سعي روسيا لتحرير أموال مجمدة للحكومة السورية في البنوك العربية ومدى نجاعة هذه التحركات في التخفيف من العقوبات الأمريكية والغربية، ومن يتحمل مسؤولية الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة للمواطن السوري.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الأستاذة ميس كريدي:
ما الهدف من السعي الروسي لتحرير أموال مجمدة للحكومة السورية في البنوك العربية ؟
من الطبيعي أن يكون الحليف الروسي للحكومة السورية مواقف وأدوار ونشاطات إيجابية للحكومة السورية كهذه، حيث أن التحالف السوري الروسي من الممكن أن يؤسس في المستقبل لعالم متعدد الأقطاب.
هل باعتقادك أن الدول العربية وبتشجيع من روسيا ستكسر الحصار الأمريكي والغربي المفروض على الحكومة السورية، أم أنها تأتي بالتوافق مع الأمريكان ؟
الدول العربية تعتبر علاقتهم مع الحكومة السورية واقع مصلحي فرضته التحالفات الجديدة وهو مقروء على ذوي البصيرة وأن الدول العربية ستتجه إلى مساعدة دمشق وبخاصة في الدول القيادية كالمملكة العربية السعودية والخليج العربي التي لها تصنيف قيادي بالإضافة إلى دول المغرب العربي مثالاً الجزائر والتي كانت حليفة مع الحكومة السورية منذ البداية وإلى الآن، برأيي هذا واقع مفروض يرافقه تغيرات اقليمية تتمثل في ظهور قوتين اقليميتين وهما تركيا وإيران لذلك أصبح التنسيق العربي ضروري جداً بهذه المرحلة وكسر قانون قيصر حيث تنبأت منذ أكثر من عام على قيام الدول الخليجية بهذا المسعى على اعتبار ان سوريا لها اهمية كبيرة في المنطقة من خلال قوتين متواجدتين على الارض السورية “تركيا وإيران” وتهميش دول الخليج العربي عن لعب دور في سوريا حيث تتعرض هذه الدول لعملية ازاحة عن المشهد السياسي السوري، اذا فهو الرد الفعل المنطقي للدول العربية بالتقارب مع الحكومة السورية بغض النظر عن المساعي الايجابية والحميدة للحلفاء وفي مقدمتهم الروس .. الامر هو اعمق بكثير من هذه المساعي كون سوريا هي صاحبة ضفة التوازن بين الخليج العربي وتركيا حيث هناك اطماع من قبل أردوغان بتزعم العالم الاسلامي لذلك فإن سوريا هي خط الردع الأول لهذه المخططات وهو مايفسر التحركات العربية الأخيرة ومحاولات رأب الصدع العربي خلال عام مضى، وأتوقع أن يكون هناك تغير مفاجئ في القمة العربية القادمة بالجزائر.
ما سبب تغيير الموقف الروسي عبر تقديم قرض مالي للحكومة السورية على خلاف التصريحات السابقة ؟
هذه التفاصيل بين الحكومة السورية وروسيا تصنف في خانة التفاهمات بين الحكومتين ولاتؤثر على طبيعة وقوة العلاقات السياسية بين البلدين .. لذلك فإن منح قرض من عدمه تعتبر تفاصيل صغيرة أمام التحالفات الكبيرة والعميقة بين موسكو ودمشق فهو ضمن مشاكل تقنية داخلية وليست تغيير في وجهات النظر.
هل يمكن أن تنقذ هذه التحركات مناطق سيطرة الحكومة السورية من الأزمة التي تعيشها ؟
تعتبر هذه التحركات بالطبع إيجابية ولكن إنقاذ البلاد يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي وقضايا تتعلق بسوريا بشكل خاص يعني المساعدة هي حالة إسعافيه لكسب المزيد من الوقت أي كان نوع هذه المساعدة وليست حالة انقاذ للاقتصاد حيث أن الاقتصاد ينقذ عبر السياسات والاستراتيجيات والمخططات.
هذه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، من يتحمل مسؤوليتها برأيكم، الغرب والعقوبات أم سياسات الحكومة السورية وداعميها ؟
نتحدث عن حرب عمرها 10 سنوات تتخللها أعمال تدمير اقتصاد وتغيير في النفوس وانهيار أحلام وطنية وأفكار والتدخلات الخارجية المرعبة والاجراءات الاستثنائية ضمن ظرف استثنائي طارئ وتشكل تكتلات دولية ضد سوريا وأخرى تساعدها، فالحكومة السورية أكثر مايمكن أن تتهم به بهذا الخصوص بأنها لم يكن أدائها على مستوى “الحدث الجلل” في البلاد لأسباب تعود لمشاكل إدارية وفساد تضخمت وتراكمت خلال سنوات الحرب مستغلة الظروف الاستثنائية متمثلة بعوامل اخرى أثرت على الاقتصاد كحريق الأراضي الزراعية في العام الماضي وحرائق القمح وأسباب لاتعد ولاتحصى وخسارة الحكومة السورية لمناطق النفط والغوطة الشرقية بريف دمشق خلال السنوات الماضية والتعرض لاعتداءات وهجمات كل ذلك يضاف إليه العناصر الفاسدة وغير الوطنية والخائفة التي هربت أموالها من البلاد ومنع التحويلات المالية عن سوريا وفقا لقانون قيصر كل هذه العوامل الكثيرة أدت إلى الأوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة للمواطن السوري ولعل الحكومة هي الحلقة الأضعف بين كل هذه العوامل المختلطة بين التراكمات السابقة للأداء الحكومي وظروف الحرب.