أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يقترب موعد بدء الاقتراع للانتخابات الرئاسية السورية، باعتبارها الثانية خلال سنوات الأزمة الماضية بعد عام 2014، وبمشاركة 3 مرشحين بينهم الرئيس السوري بشار الأسد، في ظل تعقيدات كبيرة تمر بها الأزمة السورية عبر اختلاط مصالح العديد من الدول المتدخلة في البلاد وسط أوضاع اقتصادية خانقة تعصف بالمواطن السوري إلى جانب غياب الحل السياسي وتجميد المعارك العسكرية بين الأطراف المتنازعة.
وخلال حديث خاص مع الأكاديمي والمعارض السوري، منذر خدام، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” تساؤلات عدة حول أبرز المعالم والسمات التي ستميز المرحلة القادمة بعد الانتخابات الرئاسية، وهل مرحلة ما بعد الانتخابات ستتصف بالانفتاح السياسي والدعم المادي لعدد من دول المنطقة للحكومة السورية.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع منذر خدام:
ما الذي يميز الانتخابات الرئاسية الحالية عن سابقاتها ؟
ما يميز هذه الانتخابات عن غيرها هو تعقيدات المشهد السوري .. سوريا اليوم موزعة إلى مناطق نفوذ أمريكية وتركية وروسية وإيرانية…السوريون في مناطق النفوذ الأمريكية والتركية وعددهم لا يقل عن 6 ملايين لن يشاركوا في الانتخابات. ومن المشكوك به ان يشارك كثير من السوريين في محافظتي درعا والسويداء فيها يضاف اليهم نحو 6 ملايين من المهجرين واللاجئين في الخارج، وبهذا فإن الصورة العامة للمجتمع الانتخابي السكاني الذي من المحتمل أن يشارك الناخبون فيه لا يزيد عن نحو 8 ملايين، حيث يلاحظ تدني اهتمام السوريين بهذه الانتخابات بسبب أزمات الحياة المتعددة.
برأيك، ماهي أبرز معالم وسمات المرحلة القادمة بعد الانتخابات الرئاسية ؟
بالنسبة للمرحلة القادمة بعد انجاز الاستحقاق الدستوري الذي سيفوز به بلا ادنى شك الرئيس بشار الاسد فلا أعتقد حصول تغييرات جوهرية في المجال السياسي نظرا لطبيعة الحكومة التي لا تقبل أي إصلاح، يضاف إلى ذلك مراهنة “الأسد” على إعادة تعويمه عربياً ودولياً.
هل تعتقد أن مرحلة ما بعد الانتخابات ربما تمتاز بالانفتاح السياسي والدعم المادي لعدد من دول المنطقة للحكومة السورية ؟
بعد أن تم تدمير سوريا فإنها تحولت الى مشكلة اقليمية ودولية ..أضف الى ذلك فإن الإدارة الأمريكية الجديدة بعهد بايدن سوف تعود إلى سياسة استقرار المنطقة ولذلك يجري بصورة متسارعة إعادة ترتيب أوضاع الشرق الاوسط .. لقد تم ترتيب أوضاع ليبيا وجري العمل على ترتيب أوضاع اليمن كما جرى تطبيع علاقات قطر مع دول الخليج ويجري تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر والسعودية وبين السعودية وايران، حيث لن تكون سوريا خارج هذه العملية بل في القلب منها لذاك يتسارع تطبيع العلاقات بين الدول العربية وسورية، حتى تركيا بحسب ما صرح به اليوم نائب أردوغان سوف تعيد علاقاتها مع سورية الى سابق عهدها، جميع هذه المتغيرات تصب في صالح الحكومة وأن الخاسر الاكبر فيها هو المعارضة السورية التي فشلت في تقديم بديل مقنع للنظام.
هل تعتقد أن الحكومة ستعمل بعد الانتخابات لاستعادة بقية المناطق الخارجة عن سيطرتها ؟
بالنسبة لمناطق النفوذ الامريكية والتركية سوف تشهد مساومات سياسية ليست سهلة، بالنسبة لتركيا فإنها تركز على عدم اعطاء الكرد اي شكل من اشكال الادارة الذاتية لما يمثله ذلك من خطر استراتيجي كبير على أمنها لذلك فهي تستخدم القوى الموالية لها في هذه المساومة، أما بالنسبة لمناطق شرق الفرات فهي أعقد نسبياً …أمريكا تريد ان تستخدم وجودها هناك لضمان خروج القوات الايرانية، لذلك فإنه ليس مستبعداً أن يتم التحضير لتسوية شاملة في الاقليم بما في ذلك تسوية القضية الفلسطينية وخصوصاً بعد الانتفاضة الحالية.
هل تعمل روسيا من خلال دعمها للانتخابات الرئاسية للبدء بمرحلة جديدة تهدف لإيجاد توافق بين كافة الأطراف في البلاد ؟
بلا شك روسيا هي اللاعب الرئيس في الساحة السورية، مع ذلك لا بد من حصول تفاهمات معينة مع أمريكا لإيجاد الحلول لمشاكل المنطقة.
كيف ترى مستقبل سوريا ؟
فيما يخص مستقبل سوريا خلال الـ 7 سنوات القادمة لا اعتقد بحصول مفاجآت …سوف يستمر النظام بالنهج ذاته سوف يساعده في ذلك تعويمه عربيا ودوليا، حيث ستزيد مطالب المتدخلين خصوصاً فيما يخص الحل السياسي وتطبيق القرار 2254 الذي لا يؤمن به النظام، بالطبع سوف تواجهه مشكلات كثيرة تتعلق بإعادة بسط سلطة الدولة على كامل الجغرافيا السورية وبإعادة الاعمار وهذه تتطلب بيئة مناسبة لا اعتقد ان النظام جاهز لها .. عموما هذه مشكلات تحتاج إلى زمن لحلها قد لا يكفيها زمن الرئاسة من 7 سنوات، ومن المتوقع زيادة الضائقة الاقتصادية رغم بعض الرهانات على الدعم الايراني بعد تسوية ملفها النووي، وإعادة إعمار ما تم تدميره يحتاج الى اكثر من 500 مليار دولار وإلى زمن لا يقل عن 20 سنة، كما ان تضميد الجراح الاجتماعية يحتاج إلى أجيال… للأسف سوريا دمرت من كل النواحي وان استمرار بقاء النظام دون تغيير سوف يطيل من زمن استمرار معاناة السوريين.
حوار: يعقوب سليمان