أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي أن مناطق شمال وشرق سوريا جزء لا يتجزأ من سوريا، وأن الحكومة السورية غير جادة في فتح حوار حقيقي يفضي إلى حل. مضيفاً أن خطر داعش ما زال قائماً وأن ملف محتجزي داعش في الشمال السوري مشكلة ذات طابع دولي، لافتاً إلى أن السوريون في ليبيا لا خيار لهم سوى القتال أو الموت أو الوقوع في الأسر.
وأدلى مظلوم عبدي بتصريحات للمرصد المصري تحدث فيها عن الشأن السوري وتطورات الأزمة ميدانيًا وسياسيًا، واستعراض ملامح واتجاهات التدخل الدولي بالأزمة وما أفضى إليه من تعقيدات بالغة الأثر على فرص الاستقرار في دمشق، بالإضافة إلى تناول التحركات التركية في الأزمة السورية، وعدة مواضيع ذات صلة بالشأن السوري.
خطر ظهور داعش بشكل أقوى مازال مستمراً
وتعليقاً على الانسحاب الأمريكي من الشمال السوري قال مظلوم عبدي “إن وجود قوات التحالف الدولي وأمريكا في مناطق شمال وشرق سوريا مرتبط بمعارك الحرب ضد الارهاب وداعش بشكل أساسي، وهذه المعركة مستمرة حتى الآن، وستستغرق فترة زمنية أخرى، ونعتقد أن خطر إمكانية ظهور داعش وبشكل أقوى مثلما حدث في العراق سابقًا مازال مستمرًا، وإن انسحاب الجيش الأمريكي حاليًا سيستفيد منه داعش لتهديد السلم العالمي مرة أخرى. إن الأزمة السورية أصبحت أزمة دولية ولا يمكن حلها إلا بالتوافق بين جميع الجهات الدولية ذات العلاقة؛ ولهذا نعتبر أن الوجود الاميركي من أجل الوصول إلى تسوية أمر ضروري”.
حقول النفط في الشمال السوري ثروة وطنية سورية
وتعليقاً على حقول النفط في سوريا وطبيعة إدارتها قال مظلوم عبدي “الولايات المتحدة تعهدت رسميًا بمساعدة (قسد) على حماية الحقول النفطية من هجمات داعش وتأمنيها، دون التدخل بأمورها المالية والإدارية، ويتم استخدام عائدات هذه الحقول من قبل قوات سوريا الديمقراطية لتلبية احتياجات المنطقة عسكريًا وإداريًا. ومن جهتنا نعتبر النفط في شمال وشرق سوريا هو ثروة وطنية سورية، يجب أن يستفيد منه كل السوريين في كل المحافظات، وهذا هو الذي يحدث الآن”.
وأكد مظلوم عبدي أنه “في الوقت الحالي ليس هناك خطط أمريكية للانسحاب، ونعتقد أن الساسة في الولايات المتحدة يعون جيدًا مخاطر هذا الانسحاب وتأثيراته السلبية على المدى القريب والبعيد على حد سواء. دعنا نقول، فيما إذا حصل هذا الافتراض فإننا باعتبارنا نعتمد على قوانا الذاتية سنقوم بما هو مفيد لمصلحة شعبنا”.
نحن جزء لا يتجزأ من سوريا، ودمشق عاصمة بلادنا
وفي الشأن السوري والعلاقة بين الشمال السوري ودمشق ودور روسيا في فتح قنوات الحوار بين الجانبين قال مظلوم عبدي “نحن جزء لا يتجزأ من سوريا، ودمشق عاصمة بلادنا، نعمل على أن نهيئ الأجواء لحوار سوري – سوري يلتقي فيه جميع الفرقاء السوريين للبحث عن مخرج لهذه الحرب والوصول إلى سلام يرضي جميع السوريين.
الحكومة السورية غير جادة في فتح حوار حقيقي يفضي إلى حل
وأضاف أن “الإدارة الذاتية الديمقراطية التي نأتمر بأوامرها لديها اتصالات مع الحكومة السورية من خلال الأصدقاء الروس، لكن حتى الآن – للأسف – ليست اتصالات مبشرة بعملية حوار بناء، وما زالت الحكومة السورية غير جادة في فتح حوار حقيقي يفضي إلى حل. إن الجانب الروسي يعمل بجد لفتح حوار بيننا وبين الحكومة، لكن حتى الآن الجهود الروسية لم تثمر، كما أن الولايات المتحدة لا تتدخل في هذا الأمر”.
مشكلة اللاجئين يمكن حلها بإزالة الأسباب التي هجروا بسببها
ورداً على سؤال من المرصد المصري حول اللاجئين السوريين قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “لا يمكن حل قضية المهجرين أو المهاجرين، أو النازحين، إلا بإزالة الأسباب التي هُجّروا أو هاجروا أو نزحوا بسببها والتي يمكن اختصارها باعتماد الدولة الحل الأمني للتعامل مع الحراك المطلبي السوري أولًا، ولجوء المعارضة إلى العسكرة ولغة السلاح ثانيًا، ونتيجة لهذا الصدام فتحت أبواب سوريا من جهاتها الأربعة أمام جحافل الإرهابيين الجهاديين، ومن ثم التدخل التركي واحتلاله لمساحات شاسعة من سوريا”.
وأكد عبدي قائلاً “لكي يعود الناس إلى قراهم ومدنهم وتعود الأمور إلى نصابها، فعلى الحكومة أولًا الاعتراف بوجود أزمة حقيقة في البلاد، وأن هذه الأزمة تحتاج إلى حل سياسي توافقي، وفيما بعد على المعارضة أن تتخلى عن لغة السلاح والاحتكام إلى لغة الحوار ومن ثم يعمل السوريون على طرد الاحتلال التركي الذي يعمل على تهجير السكان الأصليين، وجلب التركمان الأويغور وغيرهم من العناصر التركمانية وإسكانهم في الشريط الحدودي الشمالي للتلاعب بالهندسة الديموغرافية في سوريا”.
وتابع حديثه بالقول “هذا طرح يشمل تشريحًا لتفاصيل الصراع السوري الدائر من 2011، وقد برز في خضم هذا الصراع خطر داهم على أمن سوريا بل والعالم أجمع هو خطر التنظيمات الإرهابية، ونعي أن هناك الكثير من الجهود المكثفة المبذولة لمكافحة هذا التنظيم، ولكن بالآونة الاخيرة بدأ هذا الخطر في العودة من جديد بعد دحره واستعادة السيطرة على معاقله في سوريا والعراق خصوصًا”.
تركيا كانت ومازالت تدعم داعش
ورداً على سؤال حول الأطراف الداعمة لتنظيم داعش والتنظيمات “الارهابية” قال مظلوم عبدي “تؤكد كل المؤشرات والمعطيات التي بين يدينا وما عايشناه في هذه الحرب أن تركيا كانت تدعم وتساند داعش، وقدمت له كل إمكاناتها. فالمعابر الحدودية المشتركة بين تركيا وداعش كانت تعمل بشكل طبيعي، وكأنها معابر حدود رسمية بين دولتين، وجرحى داعش كانوا يتلقون العلاج في المشافي الحكومية التركية. كما اعتاد إرهابيو داعش على استخدام المطارات التركية ذهابًا وإيابًا، وكان لدى داعش المضافات (المقرات) في معظم المدن التركية، ووظيفة هذه المضافات هي استقبال الإرهابيين الأجانب والتنسيق لعبورهم إلى سوريا، وكذلك تجنيد الإرهابيين المحليين، بالمختصر هذه المضافات كانت بمثابة سفارات رسمية لداعش لدى تركيا وبشكل علني جهارًا نهارًا”.
إحداث واقع تركماني في الشمال السوري
وبخصوص عمليات توطين المهجرين وعائلات مسلحي المعارضة في الشمال السوري قال مظلوم عبدي “تركيا بتلاعبها بالهندسة الديمغرافية لسوريا ترغب في تحقيق هدفين أساسيين، الأول: إحداث تغيير بالموازين السكانية، أي إحداث واقع تركماني في شمال سوريا؛ تستخدمه تركيا كذريعة لضم شمال سوريا إليها في إطار مشروعها المعروف بالميثاق الملي. والثاني: تسويق إسكان الغرباء في شمال سوريا بأنهم عوائل المهجرين أو المهاجرين والنازحين من مناطق الغوطة أو حماة أو حمص؛ لخلق ردة فعل سلبية بين المكون الكردي، وبالتالي إحداث شرخ سكاني، والعمل على فتنة عرقية بين الكرد والعرب في سوريا”.
ملف محتجزي داعش في الشمال السوري مشكلة ذات طابع دولي
وسأل المرصد المصري مظلوم عبدي عن المخيمات والسجون التي يتم احتجاز عناصر داعش وعائلاتهم فيها، وقال عبدي “مشكلة إرهابيي داعش المعتقلين لدى الإدارة الذاتية هي مشكلة ذات طابع دولي وسياسي، وبالتالي تحتاج إلى التزام كل الدول المعنية لوضع تصور حل قانوني لهذه المعضلة، فهم عدا عن كونهم ينحدرون من أكثر من 50 دولة حول العالم، فإنهم إرهابيون يهددون الأمن والسلم العالمي وبالتالي هي مسؤولية دولية. أما فيما يتعلق بالتقارير التي تتحدث عن تهريبهم فهي تتعلق بعوائل داعش المنتشرين في مخيمات شمال وشرق سوريا، وهذه المخيمات هي عبارة عن تكتلات بشرية ضخمة في أماكن يصعب السيطرة عليها، ولا يخلو الأمر من تشكل عصابات التهريب في هكذا ظروف، والتي تعمل على تهريب عوائل داعش إلى تركيا”.
السوريون في ليبيا لا خيار لهم سوى القتال أو الموت أو الوقوع في الأسر
وتعليقاً على موضوع إرسال المسلحين السوريين إلى ليبيا قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “تركيا ومنذ بدء الأزمة في سوريا، استخدمت أراضيها ومطاراتها ووسائل نقلها كمنطقة عبور آمن من وإلى سوريا، وكذلك منطقة عبور آمن لكل الإرهابيين من العالم إلى سوريا وبالعكس. وصارت مدينتا “عنتاب” و “إسطنبول” من أهم المحطات التي ينتقل عبرها الإرهابيون، سواء من العالم إلى سوريا أو من سوريا إلى العالم، وبالطبع ليبيا حاليًا هي الوجهة الأساسية للإرهابيين، وتركيا عرابة هذا الانتقال وتقدم كل المساعدات والتسهيلات اللازمة”.
وأضاف عبدي “علينا هنا أن نميز بين قادة الفصائل المقاتلة وبين المقاتلين، فقادة الفصائل هم بيادق بيد الدولة التركية ويتناوبون على السفر إلى ليبيا، ويتبادلون الأدوار والأمثلة على ذلك كثيرة. أما المقاتلون، فهم إما مرتزقة أو مغرر بهم أو مجندون تحت إلحاح حاجاتهم المادية وفقر حالهم، هؤلاء لا خيارات لهم بالعودة، ينقلون إلى تركيا لتلقي التدريبات اللازمة ثم يتم شحنهم بطائرات الشحن التركية من إسطنبول إلى طرابلس وهناك لا خيارات لديهم، إما القتال أو الموت أو الوقوع في الأسر”.
يجب أن تقوم مصر بدور يتناسب مع حجمها في حل الأزمة السورية
وبخصوص العلاقة مع مصر ودورها في الأزمة السورية قال مظلوم عبدي “إن مصر بما لها من وزن ومكانة في المنطقة والعالم يمكننا القول إن السلام والاستقرار في المنطقة مرهون بالدور المصري، وتوجد نسبة كبيرة من السوريين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم يعتقدون أن مصر قادرة على ممارسة دورها الفاعل والمأمول منها في سوريا. وحينما سيطر الأخوان على مقاليد الحكم في مصر، كنا على يقين بأن الحضارة المصرية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ لا يمكن أن تتقبل الانقياد للمشروع التركي الغريب عن ثقافة أهلها وناسها، وأكدنا على يقيننا هذا في كل نقاشاتنا بأن الشعب المصري سيسقط هذه التجربة، وسيتجاوزها بقوة وإصرار، وهو ما حدث، نحترم مصر الشعب والحكومة والرئاسة ونأمل منها أن تقوم بدور يتناسب مع حجمها في حل الأزمة السورية، ومن جانب نرحب مرة أخرى بمثل هذا الدور.
المصدر: المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية