أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد الاستهداف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في العاصمة دمشق، تسعى أطراف إقليمية ودولية لعدم انزلاق الأمور في الشرق الأوسط لحرب شاملة، خاصة مع ما تشهده المنطقة من خطورة بالاتجاه نحو صراع أوسع بالتزامن مع استمرار الحرب في قطاع غزة، والذي يكاد أن يدخل يومه الـ180، وسط مساعي لتهدئة الأطراف وعدم القيام بأي خطوات لا يحمد عقباها.
“سياسية الاغتيالات مستمرة”.. وإيران لا حول لها ولا قوة
وأعلنت إسرائيل رسمياً مسؤوليتها عن القصف الذي طال السفارة الإيرانية في سوريا، والذي أدى لمقتل قائد عناصر “الحرس الثوري الإيراني” في كل من سوريا وفلسطين ولبنان، محمد رضا زاهدي والجنرال حسين أمين اللهي والجنرال محمد هادي حاج رحيمي وهو نائب زاهدي. وكان الرجلان أيضا من قدامى المحاربين في الحروب في الشرق الأوسط، مع مقتل أربعة ضباط آخرون من فيلق القدس.
وخلال الأشهر الماضية، استخدمت إسرائيل سياسة “عمليات الاغتيال الانتقائية” ضد القادة والضباط الإيرانيين، الذين تعتبرهم إسرائيل مسؤولين عن هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر والمسؤولين عن تحركات ودعم حماس في الحرب في قطاع غزة، إلى جانب ما يشكله هؤلاء من خطورة على أمن إسرائيل، وفق ما يراه المسؤولون هناك.
وكان من بين القياديين البارزين الذين تم استهدافهم في سوريا الجنرال رضي موسوي القيادي البارز في “فيلق القدس” التابع “للحرس الثوري” الذي قُتل في كانون الثاني/يناير الماضي في ضربة قرب دمشق، كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على مواقع للحكومة السورية التي تتمركز فيها مجموعات مسلحة موالية لإيران في مختلف المناطق السورية.
مساعي لخفض التوتر.. وواشنطن تبلغ إيران بعدم علمها مسبقاً بالضربة
وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الأطراف الإقليمية والدولية لعدم انجرار الأمور في الشرق الأوسط نحو حرب شاملة، بعد الاستهداف الإسرائيلي غير المسبوق للمصالح والمواقع الإيرانية في سوريا، حيث أن هذه المرة هي الأولى التي تستهدف فيها تل أبيب مباني رسمية إيرانية، حيث أن المرات السابقة كانت تقتصر على المواقع العسكرية من المستودعات ومصانع الصواريخ والأسلحة ونقاط تمركز المجموعات المسلحة.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أبلغت إيران بأن ليس لها علم مسبقاً في قصف سفارتها في دمشق، حيث كشف موقع “إكسيوس” الأميركي، أن الولايات المتحدة أرسلت رسالة إلى إيران حول القصف الإسرائيلي، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، للموقع، إن واشنطن أبلغت طهران بأنها ليس لها علم مسبق بالضربة.
وجاء القصف الإسرائيلي قبل وقت قصير من اجتماع عبر الفيديو ضم مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، ووزير الخارجية بلينكن، مع كبار المسؤولين الإسرائيليين لمناقشة بدائل الهجوم البري الإسرائيلي لرفح، وفق المسؤول الأميركي.
تل أبيب لم تطلب الضوء الأخضر من واشنطن لتنفيذ الضربة
وتزامن ذلك مع حديث مسؤولين إسرائيليين وأميركيين لموقع “إكسيوس” أن تل أبيب أبلغت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بتنفيذ العملية قبل دقائق من شن الضربة، لكنها لم تطلب الضوء الأخضر لتنفيذ العملية.
ونقل الموقع عن مسؤول أميركي تأكيده أن إبلاغ إسرائيل للولايات المتحدة جاء عندما كانت المقاتلات الإسرائيلية في الجو بالفعل، ودون الإخبار بالتخطيط لقصف مبنى في مجمع السفارة الإيرانية بدمشق.
القصف الذي طال السفارة الإيرانية عدته دول عدة سابقة خطيرة يمكن أن تشعل المنطقة، ومن بين هذه الأطراف موسكو، التي نددت بشكل كبير بالهجوم وعدته مرفوضاً خاصة أنه طال مبنى يخص السلك الدبلوماسي، وطالبت مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة لبحث هذا الهجوم.
واشنطن تقف بجانب إسرائيل بمجلس الأمن
وفي هذا الإطار، عارضت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بياناً صاغته روسيا في مجلس الأمن الدولي كان من شأنه أن يدين الهجوم على مجمع السفارة الإيرانية في سوريا.
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة بدعم من فرنسا وبريطانيا أبلغت زملاءها في المجلس أن الكثير من حقائق ما حدث يوم الاثنين في دمشق لا تزال غير واضحة ولم يكن هناك توافق بين أعضاء المجلس خلال اجتماع يوم الثلاثاء، بحسب ما نقلت رويترز.
موسكو تندد.. والاتحاد الأوروبي يطالب باحترام “حرمة المباني الدبلوماسية”
ورد نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي في منشور منصة “إكس” بالقول، “هذا بمثابة مثال واضح على المعايير المزدوجة التي تستخدمها “الترويكا” الغربية ونهجها الفعلي، وليس التصريحي، للشرعية والنظام في السياق الدولي”.
وأدان الاتحاد الأوروبي الأربعاء، الضربات قائلاً إنه “يجب احترام حرمة المباني الدبلوماسية والقنصلية والموظفين ودعا الدول إلى ضبط النفس”.
أول هجوم على مناطق إسرائيلية بعد قصف دمشق
أما في السياق الميداني، وفي أول ردة فعل على إسرائيل بعد الضربة في دمشق، سقط عدد من الصواريخ أطلقت من جنوبي سوريا منتصف ليل الخميس على الجولان السوري المحتل.
وفي التفاصيل، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مجموعات تابعة لحزب الله اللبناني قصفت بـ 12 صاروخاً منطقة الجولان، حيث انطلقت الصواريخ من الرفيدة وتل الدرعيات بريف القنيطرة وتل الجابية بريف درعا الغربي جنوبي سوريا، ولم ترد أي معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات.
فيما ردت إسرائيل بقصف المناطق التي انطلقت منها الصواريخ، دون معرفة حجم الخسائر البشرية والمادية.
موسكو تنشأ مركزاً عسكرياً بالقرب من الجولان للمراقبة
جاء ذلك بعد أقل من 24 ساعة، من إعلان نائب رئيس “المركز الروسي للمصالحة في سوريا”، يوري بوبوف، أن روسيا أنشأت مركزاً إضافياً للشرطة العسكرية في منطقة مرتفعات الجولان على الحدود مع إسرائيل، وذلك بهدف “مراقبة الوضع على خط برافو للمنطقة الفاصلة بين القوات الإسرائيلية وقوات الحكومة السورية في مرتفعات الجولان”، وأشار إلى أنه سيتم نشر موقع إضافي للشرطة العسكرية الروسية، منوهاً إلى أن مركز الشرطة العسكرية الجديد “سيقوم بمراقبة مدى ملاءمة إنهاء الخلافات بين الطرفين”.
وباتت إيران اليوم بعد سلسلة الضربات الإسرائيلية على مواقعها وقادتها وضباطها، مجبرة أو ملزمة برد يناسب ما جرى في الأيام الماضية، والخسائر الكبيرة التي تكبدتها جراء القصف الإسرائيلي، في ظل مطالبات داخلية “برد قاس”، حيث تجد طهران نفسها أمام التفكير في خيارات تعيد إليها ماء وجهها وتطفئ الغليان الداخلي من جهة، ولا يكون هذا الرد باباً لحرب شاملة مع إسرائيل من جهة أخرى.
إعداد: علي إبراهيم