أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – على الرغم من وجود تناقضات وعداء كبير بين الأطراف المسيطرة في شمال شرق سوريا وشمال غربها، إلا أن الولايات المتحدة تعمل على “توحيد الشمال السوري” وتشكيل جبهة سياسية عسكرية جديدة، تتكون من الإدارة الذاتية والائتلاف والجهات العسكرية التابعة للطرفين، بهدف مواجهة النفوذ الروسي والإيراني في سوريا.
“توحيد الشمال” .. تمهيد لدخول سوريا في عنبر الحل السياسي
وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية “للتوافق” بين المناطق الشمالية الشرقية والشمالية الغربية، وذلك لأهداف عدة منها “مواجهة النفوذ الروسي والإيراني”، مع تشكيل جسم سياسي عسكري جديد مضاد للحكومة بدمشق، تمهيداً للدخول في عنبر الحل السياسي في سوريا بما في ذلك “المرحلة الانتقالية” التي نصت عليها المقررات الأممية والقرار 2254.
وترى الولايات المتحدة الأمريكية، أن المعارضة السورية مشتتة ومتفرقة ومتصارعة فيما بينها، لذلك لا يمكنها مواجهة الحكومة السورية في الأروقة الدولية والأممية، ونظراً لعدم التوصل بعد إلى حلول سياسية لإنهاء الأزمة في البلاد فإن روسيا وإيران تعملان على توسيع نفوذهما في سوريا وهذا يضر ويضع المصالح الأمريكية في خطر.
واشنطن تهدف “لتوحيد الشمال” بعد فشل “المعارضة” بتمثيل السوريين “أممياً”
وبعد أن أثبتت الجهات المعارضة المشاركة في محادثات جنيف بما فيها اللجنة الدستورية السورية، فشلها في مواجهة روسيا وإيران والحكومة بدمشق، بدأت واشنطن بالعمل على تشكيل “جبهة الشمال”، عبر توحيد شقيها، وذلك على الرغم من التناقضات الكثيرة والعداء الكبير بين الطرفين.
وتدرك واشنطن بأن مهمتها ليست سهلة، لذلك قررت إشراك تركيا معها، وذلك بهدف مواجهة الحكومة السورية وروسيا وإيران، وبالتالي يمكن بعدها لواشنطن والغرب الحديث عن ضرورة الخوض في مرحلة انتقالية.
المقترح تم مناقشته خلال قمة بايدن أردوغان
وبحسب المعلومات فإن واشنطن أرسلت مبعوثين لها إلى مناطق الإدارة الذاتية وتركيا وإلى شمال غرب سوريا في الشهرين الماضيين، للوقوف على المقترح الأمريكي وتنفيذه، كما تم مناقشة هذا المقترح بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والتركي رجب طيب أردوغان خلال لقائهما في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وأكدت المصادر أن أنقرة وافقت على المقترح الأمريكي، مع مطالبتها لواشنطن ببعض الضمانات لأمنها القومي، حيث أن هناك بعض النقاط الخلافية بين واشنطن وأنقرة حول الوضع القائم في شمال شرق سوريا، ورأت المصادر أن بدأ واشنطن العمل على هذا المقترح يعني أن تركيا موافقة على الخطوط العريضة، بينما سيتم حل الخلافات بالتراضي بين الطرفين لاحقا.
مجلة “ناشيونال إنتريست الأميركية” سلطت الضوء على هذا المقترح، وقالت أنه كان محل نقاش بين بايدن وأردوغان في القمة الأخيرة، وأشارت إلى أن تطبيقه على الأرض في الشمال سيعود بالنفع الكبير على تلك المناطق، وقد يحفز المياه الراكدة لحل الأزمة السورية، خاصة وأن الحكومة السورية التي تنظر لنفسها بعين “المنتصر” لا تريد حلولاً سياسية وتسعى لإعادة البلاد لسيطرتها بالكامل، والأمر ذاته لروسيا التي تعتبر أن استمرار النزاع المسلح في سوريا يخدم مصالحها، أما إيران فإنها ترى في عدم حل الأزمة السورية فرصة لتنفيذ مشروعها “الهلال الشيعي” الذي يربط طهران ببيروت عبر دمشق.
كما أن المناطق الشمالية السورية فيها أكثر من 10 ملايين نسمة من السوريين، أي ما يعادل 40 بالمئة من سكان البلاد، ويمكن التعويل عليهم في أي استحقاقات قادمة؛ كالانتخابات الرئاسية مثلاً.
“مسد” مستعد للحوار مع الائتلاف .. والمعارضة تفضل قسد على الحكومة السورية
يشار إلى أن الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية سبق وأن أبديا استعدادهما للتحاور مع أي جهة سورية كانت، بما في ذلك الائتلاف، إضافة لتركيا حيث سبق وأن نشرت وكالات إعلامية مقربة من الإدارة الذاتية، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، على لسان “رئيسة الهيئة التنفيذية لمسد إلهام أحمد”، أنهم مستعدون للحوار مع الائتلاف.
الأمر كذلك كان لبعض الأطراف المعارضة التي ذكرت خلال تصريحات إعلامية أنهم إذا خيروا بين النظام الحاكم في سوريا وبين قسد، فإنهم سيختارون قسد بالتأكيد.
ماذا يمكن أن يحقق الاقتراح الأمريكي ؟
ولتوحيد الشمال السوري، ينبغي على الولايات المتحدة وتركيا لعب دور كبير لإزالة الخلافات والتناقضات بين الأطراف على الأرض، وضغط كل منهم على حليفه لتقديم تنازلات، والمشاركة في تحييد الدور الروسي والإيراني في سوريا، والمشاركة في مجابهة الحكومة في دمشق سياسياً، وعسكرياً إذا اقتضت الضرورة.
وبحسب المجلة الأمريكية، فإن مزايا هذا الاقتراح تشمل إنشاء منبر دبلوماسي موثوق به للتوسط في حوار وطني سوري جاد.
ومن شأن مثل هذا الترتيب أن يتيح للمجتمعات المحلية في شقي الشمال السوري لتحقيق فرصة للمصالحة، وأن تكون الخطوة الأولى لتعزيز رؤية الطرفين لمستقبل سوري سلمي.
إعداد: ربى نجار