أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – منذ أيام لاحظ متابعون للشأن السوري، هدوءً بالتصريحات والتهديدات التركية حول عملياتها العسكرية في الأراضي السورية، والتي من المفترض أنها تستهدف مناطق الإدارة الذاتية، ما دفع للاعتقاد بأن أنقرة ربما تخلت أو علقت أو أجلت هذه العملية بسبب المواقف الدولية الرافضة وخاصة “لروسيا وأمريكا وإيران”.
“أجل غير مسمى” أنقرة تؤجل عمليتها العسكرية من جديد
ويبدو أن هذا الاعتقاد بات واقعاً حيث كشفت تقارير إعلامية عن أن تركيا أجلت عمليتها العسكرية في شمال سوريا إلى “أجل غير مسمى”، وهي المرة الثانية خلال أقل من عام التي تؤجل فيها تركيا عمل عسكري تنوي شنه في سوريا بسبب الرفض الدولي ومواقف حلفائها في مسار آستانا “روسيا وإيران” والحليف في الناتو الولايات المتحدة الأمريكية.
موقع “المدن” اللبناني، أكد على لسان مصادر وصفها “بالسورية المعارضة” بأن تركيا أبلغت فصائل “الجيش الوطني” الموالي لها بعد الجولة 18 من مباحثات “أستانا”، بتأجيل عمليتها العسكرية في شمال سوريا إلى أجل غير مسمى.
الاقتتال بين فصائل المعارضة دليل على تأجيل العملية التركية
وبحسب الموقع اللبناني فإن “ذلك قد يكون نتيجة تفاهمات جديدة تم التوصل إليها بين الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران لمسار أستانا”، وأشارت إلى عدم وجود أي استعدادات على الأرض من قبل الفصائل على الأقل، بل إنهم ”غارقين في صراعاتهم الداخلية التي لم يكن لتتفجر على هذا النحو لولا تأجيل العملية إلى أجل غير مسمى”.
هذا التأجيل جاء بعدما تحدثت صحف تركية خلال الأيام الماضية، بأن ساعة الصفر قد اقتربت وأن القوات التركية اتخذت الوضع القتالي مع فصائل المعارضة السورية الموالية لها، وأن القوات الروسية والحكومية السورية باتت تخلي مقراتها في بلدة تل رفعت ومدينة منبج، (وهي أهداف محتملة للعملية العسكرية التركية المرتقبة/المؤجلة في شمال سوريا). ونفى المرصد السوري لحقوق الإنسان هذه الأنباء فيما بعد.
كما أنه مع انعقاد الجولة الـ18 من مسار آستانا، كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة، أنه كان هناك رفض جماعي للأطراف المشاركة في المسار للعملية العسكرية التركية في شمال سوريا.
كما سبق مسؤولون روس وإيرانيون اجتماعات آستانا، برفضهم للنوايا التركية في شمال سوريا، وأن هذه العملية لن تحل مشاكل أنقرة الأمنية وأن الحلول الدبلوماسية يمكن أن تحل المشكلة.
لماذا ترفض الأطراف الدولية العملية العسكرية التركية في سوريا ؟
ويتفق محللون سياسيون وخبراء عسكريون ومتابعون للشأن السوري، أن روسيا وإيران والولايات المتحدة لن يسمحوا لتركيا بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في الأراضي السورية، لذلك فإن الأهداف التركية من عمليتها قلت شيئاً فشيئاً إلى حين الوصول لعليقها لأجل غير مسمى.
وشددت تلك الأوساط على أن أهداف العملية العسكرية التركية “تل رفعت ومنبج” لن تحصل تركيا على موافقة روسية وإيرانية، وفي حال وافقت روسيا فإن طهران لن توافق على الإطلاق كون قواتها ومسلحين موالين لها يسيطرون على مدينتي نبل والزهراء القريبتين من تل رفعت، حيث أن خضوع تل رفعت للسيطرة التركية يضع أمن المدينتين في خطر.
والأمر نفسه لمنبج، التي يمر الطريق الدولي M-4 من قلبها، وسيطرة تركيا عليها يعني إنهاء المساعي الروسية في فتح الطرق الدولية لانتعاش الاقتصاد السوري، كما أن تلك القوات (الروسية والإيرانية) عززتا بعد التهديدات التركية من تواجدهما العسكري في تلك المناطق وغيرها بشكل كثيف وغير مسبوق، وكأنهم يجهزون أنفسهم للحرب مع تركيا في حال تجرأت وتدخلت عسكرياً.
أما بالنسبة للمناطق التي تعرف باسم “شرق الفرات”، فهي تحت حماية التحالف الدولي، وهناك “فيتو وخطوط حمراء أمريكية لتركيا” بعدم الاقتراب من المنطقة الممتدة ما بين نهر الفرات وصولاً إلى ريف دير الزور ومحافظة الحسكة وريفها بالكامل، كون هناك العشرات من الشركات العالمية وقعت بالفعل عقوداً للاستثمار في تلك المناطق بعد استثناء واشنطن تلك المناطق من عقوبات قانون “قيصر”، كما أن الحرب ضد داعش لاتزال مستمرة، وأي هجوم سيجعل من “قسد” تنسحب منها وتذهب للدفاع عن الحدود.
ورغم كل ذلك، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية تؤكد أنها تأخذ التهديدات التركية على محمل الجد، وأن المواقف الدولية يمكن أن تتغير في ساعات، لذلك فإنهم مستعدون للحرب إذا فرضتها تركيا وسيجعلونها طويلة الأمد، بحسب قادتهم.
وكان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، قد أكد أنهم سيقاتلون لجانب قوات الحكومة السورية في مواجهة أي هجوم تركي.
إعداد: ربى نجار