دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

فجوة الأولويات تظهر بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية بخصوص الشأن السوري

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – فجوة في الأولويات بين الولايات المتحدة ودول أوروبية وبعض الدول العربية بخصوص بالشأن السوري، بدى ظاهراً خلال الفترة الماضية بوضوح، الأمر الذي دفع الأمر الذي دفع المبعوث الأميركي للملف السوري، إيثان غولدريش، إلى تأكيد أن بلاده لن ترفع العقوبات عن الحكومة السورية ولن تطبع معها بل دعت الدول الحليفة بعدم التقارب مع دمشق أو إعادة العلاقات معها.
الطمأنة الأمريكية جاء من خلال ثلاثة اجتماعات الأول اجتماع للمبعوثين والخبراء الأجانب في مركز أبحاث أوروبي، والثاني، اجتماع المبعوثين العرب والغربيين وتركيا للملف السوري بدعوة أميركية، في ظل غياب الإمارات والثالث اجتماع كبار الموظفين على هامش مؤتمر التحالف الدولي ضد داعش حيث أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن على 3 أولويات لأميركا في سوريا، هي منع عودة داعش ودعم المساعدات الإنسانية، وتثبيت وقف النار ولم توافق أميركا على اقتراحات تضمين البيان الختامي موقفاً واضحاً ضد التطبيع، أو ضد الانتخابات الرئاسية في سوريا لأنها كانت تراهن على الحوار السري مع روسيا للاتفاق حول تمديد قرار المساعدات الإنسانية.
ومنذ ذلك الوقت، حصلت تغييرات في واشنطن، بينها انتهاء المؤسسات الأميركية من مراجعة سياساتها بشأن سوريا، والوصول إلى 5 أهداف، هي منع عودة داعش، ودعم المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار الشامل والمساءلة والمحاسبة في سوريا، ودعم العملية السياسية بموجب القرار 2254 يضاف إلى ذلك أهداف ملحقة الأول، دعم الحوار بين الأكراد أنفسهم وبين الأكراد ودمشق برعاية روسية – أميركية وتقديم الدعم اللوجيستي للغارات الإسرائيلية ضد مواقع إيران في سوريا والإغارة على قياديين في القاعدة.
أيضاً، بين الاجتماع الوزاري في روما ولقاء المبعوثين في بروكسل، عقدت 3 جلسات غير معلنة بين مبعوثي الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن في جنيف، أسفرت عن الاتفاق على تمديد قرار المساعدات عبر الحدود وعبر الخطوط، مقابل موافقة واشنطن على تمويل التعافي المبكر للأمور الإنسانية.
وبدأت دول عربية خطوات انفتاح نحو دمشق، وعقدت لقاءات سياسية رفيعة، فيما عادت واشنطن إلى لعب دور قيادي في ملف المساءلة في مجلس الأمن، ودعم دول أوروبية محاكم وطنية لملاحقة متهمين بجرائم ضد الإنسانية.وفي اجتماع المبعوثين والخبراء، جرى تقديم قراءة للوضع الميداني في سوريا، ثم قدم كل مبعوث موقف بلاده. وحسب المعلومات، فإن الفجوة كانت واضحة بين موقف غولدريش ونظرائه الأوروبيين والعرب بداية، انتقد مبعوثون أوروبيون فرض أميركا على دولهم أولويات تمويل المساعدات، خصوصاً في ظل غياب الدور القيادي الأميركي، إضافة إلى عقد أميركا اتفاقات مع روسيا من وراء ظهرهم، خصوصاً قرار تمديد المساعدات الإنسانية.
وقال مبعوثون أوروبيون إن دولهم هي المجاورة لسوريا، وستضع أولوياتها، بحيث إنها لن ترفع العقوبات عن دمشق، ولن تغير موقفها. وقال أحدهم: لن نصرف أموالاً على الحكومة السورية، رداً على اقتراح أحد المشاركين التطبيع مع الواقع وقبول أن الحكومة باقية.
وكان الرد من المعسكر الأوروبي تجديد الدعوات إلى الصبر الاستراتيجي في التعاطي مع الملف السوري، الأمر الذي لم يعد موجوداً لدى دول عربية مجاورة كما استند ممثلا ألمانيا وفرنسا إلى تجربة بلادهما للحوار مع روسيا، للقول بضرورة تحرك روسيا أولاً كما ظهرت دعوات للتمسك بأدوات الضغط الثلاث على دمشق – موسكو: العقوبات، والعزلة، والإعمار.
وبعد الاتصالات الثنائية التي أجراها المبعوث الأميركي مع نظرائه، وبعدما سمع في اجتماع مركز الأبحاث، وأمام تشدد الموقف الأوروبي، قال غولدريش إن رفع العقوبات عن دمشق ليس على طاولة الحوار مع روسيا، وإن بلاده ضد التطبيع مع دمشق، وإن ما تفعله هو تقديم إعفاءات من نظام العقوبات الأميركي لأغراض إنسانية، بل إنه ذهب في بعض الأحيان إلى تقييد الاستثناءات إلى الحد الأدنى ونقل عنه القول إن واشنطن لن تقدم أي تنازلات للروس، ويجب ألا يعطي الحلفاء أي إشارات خاطئة.
وفي النقاشات، كان ممثل العراق الأكثر حماساً لرفع العقوبات عن دمشق، وعودتها إلى الجامعة العربية، فيما بدا ممثل الأردن الأكثر قناعة بمقاربة خطوة مقابل خطوة بين عمان ودمشق وعندما حاول الإشارة إلى أن هذا يشمل عودة دمشق إلى الجامعة العربية، قوبل ذلك بتشدد من بعض الدول العربية التي جدد ممثلوها القول إن الظروف لم تنضج بعد، مع أن الجزائر تواصل سعيها لدعوة دمشق إلى المؤتمر في آذار/ مارس المقبل.
القرار النهائي لذلك في أيدي الدول العربية الكبرى وبالنسبة لبعض المشاركين، قامت دول عربية بخطوات أولى، ويجب أن تقوم الحكومة السورية بخطوات من جهتها، تشمل أموراً داخلية، مثل تسهيل عبور المساعدات الإنسانية، وإطلاق سجناء، وعودة اللاجئين، ودفع عمل اللجنة الدستورية والعملية السياسية، وتثبيت وقف النار وقيل إن هناك حرصاً على عودة سوريا إلى الحضن العربي، لكن هناك أيضاً توقعات بأن تقوم دمشق بخطوات معينة، بينها ألا تكون جزءاً من الأجندة الإيرانية الإقليمية وفهم مشاركون أن هناك احتمالاً لتعاون مع دمشق في ملفي تفكيك شبكات المخدرات ومحاربة الإرهاب وطي موضوع إدلب، لكن أحد المنظمين اقترح أن تتم مناقشة هذا في المؤتمر الخاص بالتحالف ضد داعش الذي عقد بالتوازي مع الاجتماع السوري، حيث جدد المبعوث الأميركي إلى التحالف جون كودفري الالتزام بحملة هزيمة داعش، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، والقوى الشريكة الأخرى التي تواصل التصدي للتهديد الذي يشكله التنظيم وفي هذه المنصة، جرى بحث معتقلي داعش، وخطط توفير الاستقرار والتنمية الاقتصادية في المناطق المحررة من داعش.
حيث لم يتضمن البيان الختامي للمبعوثين موقفاً توافقياً من التطبيع مع الحكومة السورية أو العقوبات، لكن الجديد هو الجدل حول التعافي المبكر الذي أضيف إلى القرار الدولي الخاص بالمساعدات في تموز / يوليو الماضي، حيث بدا واضحاً أنه ليس هناك تعريف موحد للتعافي المبكر، وتأرجحه بين دعم مشاريع بنية تحتية واقتصاره على أمور إنسانية.
وكانت المفاجأة حصول جدل كبير بين ممثل الأردن ونظيرته الفرنسية، ذلك أن الأخيرة تشددت بضرورة القول صراحة إن تمويل مشاريع التعافي المبكر يجب أن تشمل فقط الأمور الإنسانية، وأن تبتعد تماماً عن البنية التحتية، علماً يأن هناك قراراً من المجلس الأوروبي يرفض تمويل مشاريع البنية التحتية قبل حصول تقدم جوهري في العملية السياسية ولم يكن هذا الموقف الواضح الوحيد للمبعوثة الفرنسية، بل شمل أموراً أخرى وكان لافتاً تزامن ذلك مع قرار الخارجية الفرنسية تعيين السفيرة بريجيت كورمي سفيرة جديدة غير مقيمة للملف السوري.
وأمام الانقسام الفرنسي – الأردني، تدخل غولدريش واقترح عبارة وسطية في البيان الختامي تقول: شددنا على ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بالسبل كافة، بما في ذلك مشاريع الإنعاش عبر الحدود وعبر الخطوط، وكذلك مشاريع الإنعاش المبكرة المتوافقة مع قرار مجلس الأمن رقم 2585 في مختلف أنحاء سوريا.
وعلى الرغم من الجدل والتوتر الدبلوماسي الذي شهده اجتماع بروكسل، فإنه ساد اعتقاد بين المشاركين بأن اللقاء أظهر بدء الفريق الأميركي في بلورة أفكاره في الملف السوري، وأطلق عملية سياسية بين الدول المعنية بالملف بقيادة أميركية، الأمر الذي كان غائباً منذ أكثر من سنة، ما ذكر بعضهم بالمسار التنسيقي بين واشنطن وحلفائها الذي كان موجوداً قبل سنوات.
وهناك توقعات بأن يعقد اجتماع آخر في واشنطن بداية العام المقبل، بهدف ضبط إيقاع المواقف للدول المعنية تحت مظلة أميركية، إضافة إلى استمرار الحوار الروسي – الأميركي الذي تعززه موسكو بتنسيقها مع شركائها في مسار آستانة في مؤتمر وزاري في الـ21 من الشهر الحالي، مع حديث عن قمة بين الرئيسين بوتين وبايدن الأسبوع المقبل.

المصدر: الشرق الأوسط