أوغاريت بوست (مركز الأخبار)-رغم إعلان تركيا عن وقف العمليات العسكرية في شمال شرق سوريا، عقب اتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين الولايات المتحدة وما أعقبه من تفاهمات في سوتشي بينها وبين روسيا، إلا أن الخروقات اليومية لهاتين الاتفاقيتين، ومحاولات فصائل المعارضة مدعومة بالجيش التركي للسيطرة على الطريق الدولي لم تتوقف، آخرها أمس السبت، حيث شنت تلك الفصائل بدعم جوي ومدفعي تركي هجوماً عنيفاً على بلدة عين عيسى شمال الرقة، في محاولة للسيطرة عليها؛ لما تشكل هذه البلدة من أهمية استراتيجية على الطريق M4 التي تربط مناطق الإدارة الذاتية شرقاً وغرباّ ببعضها، كما تشهد محيط بلدة تل تمر على محور الطرق ذاته اشتباكات متكررة. ما يدفع بالمراقبين للتساؤل عن جدوى اتفاق وقف إطلاق النار “الهش” مع استمرار الأعمال القتالية؟
رغم إعلان أنقرة وقف “العمليات العسكرية” بعد الاتفاق مع واشنطن وموسكو إلا أن الهجمات لم تتوقف
تشهد عدة محاور في منطقتي رأس العين وتل أبيض شمال شرق سوريا، اشتباكات متكررة بين فصائل المعارضة السورية المنضوية ضمن “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيا من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية والقوات الحكومية السورية من جهة ثانية، وذلك رغم إعلان أنقرة عن وقف العمليات العسكرية، بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين الولايات المتحدة في 17 تشرين الأول/ اكتوبر الفائت، وكذلك اتفاق سوتشي الذي أعقبه بأيام مع روسيا في 22 من الشهر ذاته؛ والذي ينص على انتشار القوات الحكومية على الحدود مع تركيا، بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية لمسافة 30 كيلومتراً عن الحدود التركية باتجاه الجنوب، كذلك تسيير دوريات مشتركة روسية ـ تركية بعمق 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية على طول الحدود “شرقي الفرات” باستثناء مدينة “القامشلي”. على أن تبقى الوضع في منطقتي رأس العين وتل أبيض، على ماهو عليه.
ورغم إعلان موسكو عن تنفيذ كامل بنود اتفاق سوتشي (ذات الصلة) إلا أن محاولات التوسع من قبل فصائل المعارضة والقوات التركية لم تتوقف، ومنذ الإعلان عن الاتفاقيتين سيطرت هذه القوات على عشرات القرى والبلدات ضمن المنطقتين المذكورتين.
فصائل المعارضة تحاول السيطرة على بلدة “عين عيسى” بدعم جوي ومدفعي تركي
وتتركز الاشتباكات على محورين أساسيين هما بلدة عين عيسى، شمال الرقة، وبلدة تل تمر، شمال شرق الحسكة. ويبدو واضحاً من خلال محاولات السيطرة على البلدتين، رغبة فصائل المعارضة والقوات التركية السيطرة على الطري الدولي M4 الذي يربط شرق سوريا بدأً من الحدود العراقية، بغربها إلى اللاذقية على الساحل السوري، كونه يمر من البلدتين الاستراتيجيتين.
وأمس السبت، شنت فصائل المعارضة مدعومين بتغطية جوية ومدفعية تركية، هجوماً عنيفاً على بلدة عين عيسى، التي تتواجد فيها قوات حكومية سورية وقوات سوريا الديمقراطية؛ بموجب اتفاق عسكري بين الطرفين عقب العملية العسكرية التركية في شمال سوريا.
واتهمت الإدارة الذاتية تركيا على إثر ذلك، بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، ودعت موسكو وواشنطن للضغط على أنقرة وإلزامها على وقف هجماتها بموجب اتفاقها مع الطرفين.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن الهجمات على عين عيسى، خلفت العشرات من القتلى والجرحى من الطرفين، كما تقدم فصائل الجيش الوطني وباتوا على تخوم البلدة بعد سيطرتهم على مخيم “عين عيسى” الذي يبعد أقل من 1 كيلومتراً عن البلدة.
الإدارة الذاتية تندد بـ “خرق اتفاق وقف إطلاق النار” وتطالب الأوروبيين باتخاذ موقف واضح
هذه الهجمات على محور الطريق الدولي، إضافة إلى محور ناحية “أبو راسين” بريف رأس العين، تطرح العديد من التساؤلات حول مصير ما تم التوصل إليه من تفاهمات بين روسيا وتركيا من جهة وأمريكا وتركيا من جهة أخرى. الأمر الذي تعتبره قوات سوريا الديمقراطية خرقاً مستمراً للاتفاق، فيما تتهم وزارة الدفاع التركية “قسد” بخرق الاتفاق.
ودانت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا في بيان أمس “العدوان بمختلف أنواع الأسلحة والمدفعية” على عين عيسى، بحسب وصفها.
وأوضح البيان أن “القوات التركية تدعم الفصائل الموالية لها على الأرض، بالقصف المدفعي والطائرات المسيرة” في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار. كما طالبت الإدارة من الاتحاد الأوروبي وخاصة المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” بإعلان موقف واضح من الهجمات التركية المتواصلة على شمال شرق سوريا.
خبراء: تركيا تتبع سياسة “القضم التدريجي” للمناطق للسيطرة على طريق M4 الدولي
ويرى خبراء أن القوات التركية وفصائل المعارضة (الجيش الوطني السوري) تتبع سياسة القضم التدريجي للمناطق في شمال شرق سوريا، وبالأخص على الطري الدولي M4 إذ سيطرت منذ إعلان الهدنة على عشرات القرى على الطريق، وذلك بهدف قطع أوصال المنطقة، حيث يربط الطريق بين منطقتي الجزيرة شرقاً بـ “كوباني” غرباً، ضمن مناطق الإدارة الذاتية، والذي يمر من بلدتي تل تمر وعين عيسى.
إعداد: رزان أيوبي