أفادت وسائل إعلام إيرانية، أن إيران دعت السعودية للانضمام إلى تحالف بحري مشترك قيد الإعداد. بالإضافة إلى إيران، سيضم التحالف دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية – بهدف حماية الأمن البحري لدول الشرق الأوسط وتحديد ضمانات لسلامة الملاحة الدولية من خلال ترتيبات أمنية جديدة.
ومن المرجح أن تعتمد الأخيرة بشكل رئيسي على جيوش الدول الأعضاء في الحلف المتوقعة بدلاً من التحالفات العسكرية خارج المنطقة المتمركزة في المجال الأمني للمنطقة. كررت إيران جهودها لتشكيل تحالف بحري ثلاثي بالشراكة مع روسيا والصين. وتأتي هذه الدعوة للمملكة على خلفية تحرك الدولتين الإقليميتين الثقيلتين قدما في استعادة العلاقات الدبلوماسية بموجب اتفاق وفاق تم توقيعه في بكين.
ومن الطبيعي أن القوى الإقليمية التي تمارس نفوذاً على القضايا الإقليمية وترغب في حماية أمن المنطقة واستقرارها تؤمن بفاعلية الجهود الجماعية لحماية المجال الأمني في الشرق الأوسط. وسيستمر هذا دون انقطاع ما دامت الدول التي تدعو إلى مثل هذه الجهود تحترم مبادئ السيادة الوطنية والوحدة وسلامة أراضيها وحسن الجوار. هذا بالإضافة إلى مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، وتسوية النزاعات غير الشاملة التي ظلت دون حل منذ عقود وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وكذلك اتفاقيات التسوية الموقعة.
كما يجب على دول التحالف المنتظرة التخلي عن المشاريع التخريبية التي تثير القلق والشكوك حول النوايا الكامنة وراء انخراطها في جهود الأمن الجماعي. عندما يحدث كل هذا، يمكن أن تتبنى دول المنطقة ترتيبات أمنية إقليمية.
وتعرقل تنفيذ هذه المعادلة والترتيبات الأمنية الجديدة على الأرض تداعيات أزمة الثقة المستمرة منذ عقود بين العديد من دول التحالف المرتقب. هذه الأزمة نتجت عن مواقف وسلوكيات قوضت السلم والأمن الإقليميين. وقد أدى هذا بدوره إلى تأجيج الخلافات وتفاقم التوترات في الشرق الأوسط، مما أدى إلى تأجيج المزيد من الانقسامات وإرهاق بعض الدول القومية، مما جعل المملكة العربية السعودية وإيران متباعدتين، مما يزيد من تعقيد الأمور. ومع ذلك، بدأت هذه الأزمة في الانحسار، حيث اختار كلا البلدين المضي قدماً في إجراءات بناء الثقة منذ توقيع اتفاقية الوئام التي أعادا بموجبها العلاقات الدبلوماسية.
إيران تدرك عواقب خرق بنود الاتفاقية الموقعة مع السعودية برعاية الصين. أمر المرشد الأعلى الإيراني إذاعة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بوقف أي تغطية سلبية وتعليقات وانتقادات للمملكة. ومع ذلك، وبعد الاتفاق، تم تعقب بعض المحتويات الإعلامية الإيرانية السلبية عن السعودية، والتي شكلت انتهاكًا لمبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحماية سيادتها. قامت المؤسسة الإعلامية الإيرانية بسرعة بحذف هذا المحتوى بعد أن أدركت إلى أي مدى يمكن أن يؤثر على الإجراءات المتخذة في هذه المرحلة. ولوحظ في الأسابيع الأخيرة أن وسائل الإعلام الإيرانية عادت إلى خطابها القديم، وتكدس الانتقادات والإهانات على المملكة في الصحف ووكالات الأنباء التابعة للنظام الإيراني، مثل وكالات أنباء تسنيم وفارس ومهر.
والواقع أن استئناف الانتقادات للسعودية يضر بإجراءات بناء الثقة، كما أنه يبدد مخاوف المملكة من نوايا إيران وتوجه علاقاتها الخارجية. سيؤثر هذا الخطاب على رغبة المملكة في إقامة مزيد من الشراكات والدخول في تعاون مستقبلي مع إيران في مختلف المجالات الأمنية والتجارية.
تمضي المملكة العربية السعودية قدما في إجراءات بناء الثقة، بدءا بإجراءات إضفاء الطابع الرسمي على استئناف العلاقات الدبلوماسية، مثل دعوة الملك سلمان للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة المملكة وزيارة وزير الخارجية السعودي إلى العاصمة الإيرانية طهران. التي ستتبعها إعادة فتح السفارات – وهي خطوة من المتوقع حدوثها في الأيام المقبلة. كل هذه الإجراءات تأتي من حرص المملكة على تعزيز العلاقات والتطلع إلى المستقبل بآفاق هائلة بما يعود بالنفع المتبادل على البلدين.
في الختام، فإن استمرار التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى يتعارض مع أحكام الاتفاقية والمبادئ التوجيهية الجديدة التي وضعها المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الإيرانية الخارجية خلال الأيام الماضية. هذا بالإضافة إلى إعادة تأكيد وزير الخارجية السابق جواد ظريف في تغريدة على تويتر أنه لا توجد ألعاب محصلتها صفر في السياسة الخارجية، مما يعني أنه يمكن لجميع الأطراف تحقيق مكاسب والحفاظ على مصالحهم، بدلاً من مصالح شخص معين فقط.
المصدر: صحيفة عرب نيوز السعودية
ترجمة: أوغاريت بوست