أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – اشتعلت الجبهات في سوريا مرة أخرى بعد نحو شهر من الهدوء النسبي، وذلك من حيث العملية العسكرية الجوية التي أعلنتها تركيا ضد مناطق الإدارة الذاتية، والتي تتخذ من البنية التحتية والمرافق الحيوية والخدمية هدفاً لها، إضافة إلى التصعيد العسكري الحاصل في منطقة “خفض التصعيد”، و الهجوم الدموي الإرهابي الذي طال الكلية الحربية في حمص ولم يعرف بعد مصدره والجهة المنفذة.
“البنى التحتية” في شمال سوريا هدف لأنقرة
ومنذ 4 أيام تتعرض مختلف المناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا” إلى قصف جوي عنيف من قبل أكثر من 15 طائرة حربية ومسيرة تابعة للقوات التركية اخترقت أجواء المنطقة منذ مساء الثلاثاء الماضي، واتخذت هذه الهجمات من محطات توليد الطاقة الكهربائية ومياه الشرب والآبار النفطية والمعامل والمصانع ومؤسسات خدمية وصوامع حبوب هدفاً لها، وهو ما أسفر عن خسائر مادية كبيرة تبلغ ملايين الدولارات.
وكانت وزارة الدفاع التركية أعلنت في وقت سابق من يوم الجمعة، أنها شنت عملية عسكرية جوية استهدفت ما وصفتها بمواقع “لوحدات حماية الشعب الكردية” و “حزب العمال الكردستاني” في شمال شرقي سوريا.
جاء ذلك بعد أيام من اتهامات أطلقتها أنقرة ضد الإدارة الذاتية، حول أن منفذي الهجوم على مقر الأمن العام في وزارة الداخلية التركية في أنقرة مرا إلى الداخل التركي عبر هذه المناطق، كما خرج وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وقالها علناً، أنهم سيستهدفون البنى التحتية في شمالي سوريا.
موقف القانون الدولي من استهداف البنى التحتية في الحروب
وتحظر القوانين والمواثيق الدولية أي استهداف أو تعرض المنشآت الحيوية والمرافق العامة والبنى التحتية لأي أذى أو دمار جزئي أو دمار شامل، وذلك لما لهذه المنشآت والبنى التحتية تأثير على حياة المدنيين، وضرورة تجنب ضربها خلال أي عمليات عسكرية أو صراعات مسلحة.
العملية العسكرية الجوية التركية تأتي بعد أشهر من عملية جوية مشابهة، شنتها أنقرة على مناطق واسعة من شمال شرقي سوريا، وذلك بعد أن قالت أنقرة أن منفذ هجوم شارع الاستقلال في اسطنبول دخل تركيا من مدينة عين العرب “كوباني”.
“العملية التركية الحالية هي الأعنف” وتهدف لشل الشمال السوري اقتصادياً
إلا أن هذه العملية العسكرية الجوية هي الأعنف والأشمل والأكثر ضرراً للمنطقة، على الرغم من العمليات العسكرية السابقة التي شهدتها خلال الأعوام 2018 في عفرين، و 2019 في رأس العين “سري كانيه” و تل أبيض بريفي الحسكة والرقة، وذلك لما كان لهذه العملية من دمار على البنى التحتية التي ستكون لها تبعات كارثية على المنطقة وستظهر نتائجها مع مرور الوقت.
وكان مجلس سوريا الديمقراطية وصف الهجمات التركية بأنها “ترقى لمستوى جرائم حرب”، وأنها تمهيد لسياسة “التغيير الديمغرافي والتطهير العرقي”، داعياً المجتمع الدولي والأمم المتحدة وضامني وقف إطلاق النار في المنطقة (روسيا وأمريكا) للالتزام بمسؤولياتهما والضغط على أنقرة لوقف هذه الحرب.
ماذا عن التحالف وروسيا ؟
ومن المعلوم بأن أجواء مناطق الإدارة الذاتية خاضعة لسيطرة قوات التحالف الدولي وروسيا، وأي طرف آخر يريد التحليق في هذه المناطق عليه أن يقوم بالتنسيق مع هاتين الجهتين، ما يعني بأن موسكو وواشنطن موافقتان أو يتجاهلان ما تقوم به تركيا في هذه المناطق.
ورغم الضرر والدمار الكبير الذي أحدثته العملية العسكرية الجوية، إلا أن أنقرة لم تنكر أن خيار العملية البرية موجودة بين الخيارات المطروحة على الطاولة.
“خفض التصعيد” يشتعل من جديد
أما في الشق الغربي من الشمال السوري، يعود التصعيد العسكري بشكل كبير في هذه المناطق، مع عودة الطيران الحربي لأجواء المنطقة والقصف البري العنيف من قبل قوات الحكومة السورية.
وتشهد مناطق جسر الشغور وأريحا وسرمين والرويحة وبينين والبارة وسان وآفس والموزرة ومحمبل ومعربليت وغيرها في ريف إدلب الجنوبي قصفاً مدفعياً وصاروخياً عنيفاً من قبل قوات الحكومة السورية، إضافة لقرية دير سنبل، ومعارة عاليا ومكيلبيس والسحارة بريفي إدلب وحلب الغربي، وهو ما أدى لسقوط خسائر بشرية وإصابات بين المدنيين.
كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الطيران الحربي الروسي شن أكثر من 20 غارة جوية استهدفت مناطق سيطرة فصائل المعارضة في جسر الشغور غرب إدلب وسهل الغاب شمال غرب حماة، إضافة إلى منطقتي كفريدين وحلوز بالقرب من خطوط التماس مع قوات الحكومة، وهو ما أدى لإصابة أكثر من 14 مواطناً.
نزوح كبير للمدنيين من المناطق الساخنة
ومع تصاعد العنف، شهدت المنطقة حركة نزوح كبيرة للمدنيين من مدينة جسر الشغور وجفتلك حاج حمود وبعض المناطق في جبل الزاوية، متجهين إلى المناطق الأكثر أمنا، والأراضي الزراعية نتيجة التصعيد العسكري.
وفي إحصائية للمرصد السوري لحقوق الإنسان قال فيها أن مناطق جسر الشغور وأريحا وقرى وبلدات محمبل وبينين ومعربليت والحمبوشية ودير سنبل والرويحة والبارة والنيرب وآفس والموزرة وسرمين ومعرزاف ومجدليا وسرجة بريف إدلب، تعرضت للقصف بأكثر من 500 قذيفة صاروخية ومدفعية خلال الساعات الـ24 الماضية.
هجوم دموي يستهدف الكلية الحربية بحمص.. من له المصلحة ؟
التصعيد العسكري في شمال غربي سوريا، جاء بعد ساعات من وقوع هجوم دموي على الكلية الحربية في مدينة حمص، وذلك خلال حفل تخريج دفعة جديدة من العسكريين، ما تسبب بحسب بفقدان أكثر من 100 إلى 116 شخص حياتهم، بينهم أكثر من 25 مدني، فيما هناك أكثر من 240 آخرين مصابين بإصابات متفاوتة الخطورة.
فيما قالت وزارة الصحة في الحكومة السورية، أن عدد الضحايا من الممكن أن يرتفع نظراً لوجود حالات خطيرة بين الإصابات.
ولم تعلن أي طرف مسؤوليتها عن هذا الهجوم الدموي، إلا أن هناك شكوك حول فصائل المعارضة وتركيا و تنظيم داعش الإرهابي، مع حديث عن امكانية مشاركة إيرانية، بينما الأيام القادمة ستكون كفيلة بإظهار الحقائق، وفق ما يعتقد متابعون.
إعداد: علي إبراهيم