دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

روسيا والمنطقة الآمنة التركية وانتهاكات فصائلها في شمال سوريا تعمق الهوة بن أنقرة وحلفائها في “الناتو”

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تبتعد تركيا يوماً بعد يوم عن حلفائها الغربيين، منذ تولي رئيسها الحالي، رجب طيب أردوغان، سدة الحكم في البلاد، وتشكل تقاربها مع روسيا وابتعادها عن حلف الشمال الأطلسي “الناتو” واجتياحها للشمال السوري برفقة جماعات إسلامية متشددة، وإشهار ورقة اللاجئين بوجه الدول الأوروبية بين الحين والآخر، فضلاً عن قضية التنقيب في السواحل القبرصية، تشكل أبرز نقاط الخلاف بين أنقرة والدول الأوروبية والولايات المتحدة، والتي وصلت أوجها مع إجراء تركيا أول اختبار للصواريخ إس ـ 400 الروسية، والإعلان عن احتمال استلام دفعة ثانية من هذه المنظومة العام المقبل.

دعوات في واشنطن بفرض العقوبات على أنقرة فوراً بعد إجراءها اختبارات على صواريخ إس ـ 400 الروسية

رغم التحذيرات المتكررة من الدول الأعضاء في حلف الشمال الأطلسي “الناتو” لأنقرة بعدم المضي قدماً في تشغيل المنظومة الصاروخية إس ـ 400 الروسية، إلا أن تركيا تجاهلت هذه التحذيرات، بل تعتزم اقتناء دفعة ثانية من هذه المنظومة، وفق ما أعلنه مسؤولون روس.
وأجرت تركيا أول اختبار لـ “إس ـ 400” في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، بمشاركة طائرات إف 16 الأمريكية، التي حلقت في سماء العاصمة أنقرة لإجراء الاختبار.
وكانت تركيا تسلمت الأجزاء الأولى من المنظومة الروسية في 12 يوليو/تموز، ما تسبب بتوتر في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي أبعدت أنقرة عن المشاركة في برنامج الطائرة الأمريكية الأحدث إف 35 وهددت بفرض عقوبات اقتصادية بسبب هذه الصفقة. وتقول واشنطن إن المنظومة لا تتوافق مع دفاعات حلف شمالي الأطلسي، وتشكل تهديدا للطائرة المقاتلة الأميركية “إف-35″، القادرة على التخفي عن أجهزة الرادار.
وفي تحدٍ واضح للدول الغربية، لم تكتف تركيا بإجراء اختبار للمنظومة الروسية، بل تعتزم شراء دفعة ثانية منها.
وكشف ألكسندر ميخييف المدير العام لمؤسسة “روسوبرون إكسبورت” المسؤولة عن الصادرات العسكرية عن مفاوضات جارية في هذا الشأن مع أنقرة، وإن الجانب التركي سلم موسكو مذكرة في هذا الشأن.
وفور إجراء تركيا لهذا الاختبار تعالت الأصوات في واشنطن للبدء بفرض العقوبات (المعلقة) على أنقرة، حيث دعا المشرع والسيناتور الأميركي، كريستوفر فان هولين، حكومة بلاده إلى فرض عقوبات على تركيا فوراً بعد تشغيلها إس ـ 400 الروسية، واعتبر أن تركيا تجاوزت خطاً أحمر آخر بتجربتها لتلك الصواريخ. كما أعرب وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، عن قلق بلاده من هذه التجربة.

الهجوم التركي على قوات سوريا الديمقراطية عزز النفوذ الروسي على حساب حلفاء أنقرة في “الناتو”

إلى جانب الخلافات بشأن الصواريخ الروسية، فإن العملية العسكرية التركية تحت مسمى “نبع السلام” في شمال شرق سوريا، ضد قوات سوريا الديمقراطيةـ حلفاء واشنطن والتحالف الدولي لمحاربة داعش، خلقت توتراً جديداً بين أنقرة وحلفائها في “الناتو”.
فما تمخض عن هذه العملية كان محور التحذيرات التي أطلقها مسؤولون عسكريون وسياسيون غربيون، لجهة تعزيز نفوذ روسيا في تلك المنطقة؛ حيث دفعت هذه العملية “قسد” لإبرام اتفاق مع دمشق، دخلت بموجبها قوات حكومية سورية وأخرى روسية إلى شمال شرق سوريا، والتي بدأت بإنشاء قواعد عسكرية لها مكان الأمريكية، ما اعتبر نكسة كبيرة لحلف الشمال الأطلسي.

ارتكاب فصائل المعارضة الموالية لتركيا “جرائم حرب” محتملة في شمال سوريا قد تفقد أنقرة التمويل الأوروبي
كما تجاوزت تركيا التحذيرات بشأن ارتكاب فصائل المعارضة السورية المنضوين ضمن “الجيش الوطني السوري” الموالي لأنقرة، جرائم حرب خلال الهجوم الأخير على منطقتي رأس العين وتل أبيض في شمال شرق سوريا. الأمر الذي أكدته منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، فضلاً عن مشاهد حية التقطت من قبل طائرات مسيرة أمريكية، تظهر قيام عناصر الجيش الوطني بقتل مدنيين، فضلاً عن إعدامات ميدانية قام بها هؤلاء بحق مدنيين آخرين، بينهم السياسية الكردية ورئيسة حزب سوريا المستقبل، هفرين خلف، بعد أيام من بدء العملية العسكرية التركية. إضافة إلى ذلك تتهم منظمات حقوقية بالاستناد إلى تقارير طبية وشهادة أطباء، تركيا، باستخدام الفوسفور الأبيض خلال هجومها على مدينة رأس العين، وإجراء تغير ديمغرافي من خلال منع سكان المنطقة النازحين من العودة إلى منازلهم المصادرة، والتخطيط لتوطين اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا مكانهم، بحجة إقامة “منطقة آمنة” في الشمال السوري. الأمر الذي دفع بـ مشرعو الاتحاد الأوروبي، للتنديد بالهجوم التركي، ومطالبة حكوماتهم بفرض عقوبات مالية أوروبية جديدة على أنقرة. كما هدد البرلمان الأوروبي بعرقلة أي تمويل جديد من الاتحاد الأوروبي لمساعدة تركيا على التعامل مع أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري على أراضيها، ترغب تركيا في إعادة توطين أغلبهم في “المنطقة الآمنة”، وكانت تركيا تهدد بإرسالهم إلى أوروبا في حال عدم تقديم دعم مالي لها، إضافة إلى مسايرتها في السيطرة على الشمال السوري وإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية من تلك المنطقة.

جدل بشأن تزويد أنقرة فصائل “الجيش الوطني” بدبابات ليوبارد الألمانية ودعوات بوقف الدعم عن المعارضة السورية

وأثار الاتهامات الموجهة لفصائل المعارضة السورية بارتكاب جرائم حرب وإعدامات ميدانية في شمال سوريا، حفيظة الرأي العام الغربي، الذي يضغط على الحكومات الأوروبية لإيقاف تقديم الدعم للمعارضة الموالية لأنقرة. فيما يدور جدل كبير في الأوساط السياسية والحقوقية في ألمانيا، بشأن تزويد تركيا لتلك الفصائل بدبابات ليوبارد ألمانية الصنع، واستخدامها في الهجوم على شمال شرق سوريا.

العمليات العسكرية التركية في سوريا “غير المنسقة” مع حلفائها الغربيين وجنوحها نحو روسيا عمقت الهوة مع “الناتو”

السلوك التركي خلال الأعوام الأخيرة، وجنوحها نحو روسيا، فضلاً عن عملياتها العسكرية في سوريا “غير المنسقة” مع حلفائها في “الناتو” وقضية التنقيب عن الغاز والنفط في السواحل القبرصية رغم اعتراضات دول الاتحاد الأوروبي، تعمق الهوة بين أنقرة والدول الغربية، حيث أكدت مصادر رفيعة في حلف الشمال الأطلسي إن تركيا ترفض دعم خطة دفاعية للحلف تتعلق بدول البلطيق وبولندا إلا بعد منحها دعما سياسيا أكبر في قتالها وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، بحسب رويترز. ويأتي ذلك قبل أسبوع من انعقاد قمة الحلف في لندن في الذكرى السبعين لإنشائه.

إعداد: رزان أيوبي