علينا النظر بموضوعية علمية، وبفكر ناضج من خلال لوحة الزجاج التي ترسمها لنا التداخلات والمصالح الاقليمية والدولية ، لا ان نكون انعكاس لمرآة السياسات المتبعة والرضوخ لها .
التغيير وحق التعبير والاختلاف وحرية الرأي وقبول الآخر ، بعيداً عن الانتهازية والشوفينية والنرجسية والعنصرية من الحقوق الأساسية الانسانية والأخلاقية الهادفة الى إنهاض الدول والمجتمعات شريطة ألاّ تنال من حرية وحقوق الآخرين.
إن التمسك بالحق في الحرية الدينية واجب أخلاقي وأمر أساسي للأمن القومي والعالمي ، وحيث تغيب حرية الدين والمعتقد ، يتفاقم الإرهاب والعنف ، ما يؤثر سلباً على تطور المجتمعات وازدهارها .
في هذا الإطار تلقى الملك سلمان بن عبد العزيز اتصالاً هاتفياً، (الاثنين)، 9 تشرين الثاني الجاري، من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اتفقا خلاله على ضرورة التصدي لجميع أشكال التطرف والإرهاب.
وجرى بحث العلاقات الثنائية ودعم الجهود المبذولة لإنجاح أعمال قمة العشرين هذا الشهر المزمع عقدها في المملكة العربية السعودية .
وأكد الملك على إدانة السعودية واستنكارها الشديد للعمليات الإرهابية التي تم ارتكابها مؤخراً في فرنسا والنمسا.
كما شدد على موقف المملكة الذي يدين بقوة الرسوم المسيئة للرسول – صلى الله عليه وسلم – وأن تكون حرية التعبير قيمة أخلاقية تنشر الاحترام والتعايش بين الشعوب، لا أداة لإشاعة الكراهية والصدام الثقافي والحضاري.
وأشار إلى أهمية تعزيز التقارب بين أتباع الأديان والحضارات، ونشر قيم التسامح والاعتدال، ونبذ جميع أشكال الممارسات التي تولد الكراهية والعنف والتطرف.
أتمنى أن تكون من أسبقيات بايدن ( الرئيس الامريكي المنتخب اذا تم التنصيب بسلاسة ..) التنصل من خطة ترامب الفجة ” للسلام” ومواقفه من القدس والجولان والمستوطنات التي تخالف مبادئ القانون الدولي والسياسات الأمريكية منذ ١٩٦٧ وأيضا إلغاء كل سياساته العنصرية ، وأن تكون هذه المطالب من أسبقيات الحكومات العربية بمعالجة هذه الملفات التي من شأنها إرساء الاستقرار والسلام والأمن الاقليمي الدولي.
خلاصة القول ، قد تحمل السياسة الخارجية الامريكية تعديلات ولكن ليس في العمق، ولن تكون هناك فوارق جوهرية بين “ أميركا أولاً ” الشعار الترامبي” و أميركا القوة الاستثنائية التي لا غنى عنها” حسب شعار الديمقراطيين .
من المهم ألا نعّلق على أمر قبل أن نبحث ونفهم ! هناك فارق كبير بين حق إسرائيل في الأمن الذي يؤيده الحزب الديمقراطي ومبادرة السلام العربية ؛ وبين ضم الأراضي المحتلة وإلغاء حق الفلسطينيين في دولة مستقلة كما فعل ترامب ، فالتعامل مع القضايا المصيرية يستوجب التحليل الجاد ضمن الواقع الحاد .
أعتقد أن المرحلة القادمة في المنطقة هي الاقرب الى التوافقات الإقليمية ، بوجود الحزب الديموقراطي الامريكي وتشكل ضرورة لمتطلبات المرحلة القادمة ، فالعديد من السياسات في المنطقة ستلقى مراجعات وتراجعات وتسويات هامة في هذا السياق .
في مؤتمر عودة اللاجئين الذي تم عقده بدمشق يومي 11-12 نوفمبر – تشرين ثاني ، نلاحظ أن الخطاب السياسي قد يتحول الى خطاب تصالحي ووطني وجامع ، ورغبة حقيقية بإعادة اللاجئين واعتبارها قضية وطنية وإنسانية ، وهذا رهاننا الذي عملنا عليه في الزمن السابق والحالي والمستقبلي ، بالرغم من اختلاف أولويات الدول الراعية والمشاركة ، ونعتبره خطوة متقدمة لكسر لوح الجليد الذي سيطر على المشهد السوري ، باتجاه دعوة المشاركة لجميع الدول بما يحقق انفتاحاً حقيقياً لحل سوري – سوري يتناغم مع قرار مجلس الامن الدولي رقم 2254 وخصوصاً ان عودة اللاجئين والنازحين هي من صلب القرار المذكور .
نحتاج الى اعادة تعزيز بناء الثقة وفق الواقع السوري والمتغيرات الإقليمية والدولية والبدء بإعادة البنّاء وعملية سياسية تعيد تعريف مفاهيم كثيرة شوهتها الحرب ، بالتزامن مع إعادة السيادة والقرار السوري .
الأهم ان ملف اللجوء والنزوح قد بدء العمل على تحريكه بعيداً عن التسيس المتبع وقد يكون مع عقد اعمال اللجنة الدستورية في جنيف بالرغم من تعثراتهما ، ثقبي الضوء في النفق المظلم لإيجاد حل للملف السوري ، في زمان التسويات الإقليمية والدولية ( تسوية اقليم ناغارني كاراباخ – ليبيا – اليمن – السودان ..) برعاية روسية – أوروبية -بريطانية وقبول امريكي بغض النظر عن سيد البيت الأبيض جمهورياً كان او ديموقراطياً .
من جهة اخرى اصدر المركز الالماني للإعلام الناطق باللغة العربية التابع لوزارة الخارجية الالمانية بالرد على مؤتمر عودة اللاجئين إن: «المعايير التي يتم الحديث عنها يجب أن تكون حقيقة واقعة في سورية حتى تصبح العودة على نطاق واسع ممكنة».
إضافة إلى تقديم ضمانات حقيقيّة للسوريين الراغبين بالعودة من الملاحقات الأمنيّة، وذلك من خلال اتفاق رسمي بين سورية والدول المضيفة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “ UNCHR ” لاستقبال العائدين.
كما أكد المركز على ضرورة أن تكون عودة اللاجئين بشكل طوعي وبقرار شخصي منهم دون إكراه، إضافة إلى وجود آلية تمكنهم من استرداد ممتلكاتهم في سورية . وأضاف المركز «منح عفو فعلي دون استثناءات ، واسعة النطاق للعائدين بمن فيهم أولئك الذين لم يكملوا الخدمة العسكرية أو يُعتقد أنهم دعموا المعارضة ”
زمان الرهانات يبسط آفاقه على أرجاء المعمورة خيارات محددة متناقضة مع المنطق والعلم ، بين السلام والفوضى ، بين الجمود والصمود ، بين الحرية والامان ، بين الديموقراطية والديكتاتورية ، بين الدولة المدنية الحديثة والدولة العسكرية المنغلقة أو الدينية الطائفية ، بين العنصرية والتمييز او المواطنية ، بين القومية الفيدرالية والقومية العقائدية ، بين قانون الغاب والفساد و دولة القانون والعدالة ، وباختصار شديد بين الباطل والحق … كل ذلك يضع الدول والمجتمعات والانسانية والأخلاق في مهب الرياح وتضحوا السفينة والركاب في دوامة الرِهانات المنفتحة على كل شيء حتى المقامرات والمغامرات التي قد تحمل في ثناياها الفناء بدلاً من البقاء والهدم بدلاً عن البناء .
لا حل لمنطقتنا الاوسطية سوى توازن السلام والامان ، لتحقيق الاستقرار والازدهار والنماء البنّاء ، ولن يكون مستقبلنا سوى بإعادة توجيه البوصلة نحو الدولة المدنية الحديثة التي تضمن لمواطنيها حق الحياة وفق شرعة حقوق الانسان بإقرار القوانين والأعراف التي ولدّتها الحضارة الانسانية على مر الزمان .
باسل كويفي – رئيس الكتلة الوطنية الديموقراطية في سوريا