أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – ترى الباحثة السياسية سميرة مبيض أن نجاح اتفاق الهدنة في إدلب متعلق بمدى التزام الدول الضامنة بمضمون الاتفاق وقدرتها على لجم “الأطراف العسكرية” التي تسيطر عليها بطريقة او بأخرى. وأن انهيار الهدنة قد يؤدي إلى مزيد من التدمير وعمليات القتل ويؤخر العمل على تطبيق المسارات السياسية.
المستجدات الميدانية الأخيرة خلال الأيام الأخيرة تكاد تنسف اتفاق هدنة إدلب المتفق عليها بين تركيا وروسيا. ويرى مراقبون أن انهيار الهدنة “الهشة أصلا” قد يؤدي إلى مزيد من القتل والدمار، خاصة أن العديد من الأطراف ترى أن بنود الاتفاق تنطوي على جانب مبهمة وغير واضحة.
الأكاديمية السياسية وعضو اللجنة الدستورية السورية، كتلة المجتمع المدني، الدكتورة سميرة مبيض أجابت على تساؤلات شبكة أوغاريت بوست حول حيثيات اتفاق الهدنة والتداعيات المحتملة سواء لجهة استمرار الهدنة أو فشلها.
ما هي قراءتهم للاتفاق الروسي التركي بخصوص إدلب، وأين تكمن مصلحة السوريين في الاتفاق ؟
للاتفاق الروسي التركي نقطة ايجابية هامة بكونه أدى إلى هدنة ووقف إطلاق نار. لا زالت الأطراف تلتزم به إلى هذا اليوم مما خفف من أعباء القصف الهمجي اليومي الذي كان يجري على مناطق المدنيين والمشافي والمدارس والأسواق في شمال غرب سوريا، لكن هذا الاتفاق يتضمن نقاط عديدة غير واضحة قد تؤدي لتراجع في مساحة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بحكم أن سيطرة القوى الروسية، أدت في مناطق عديدة خضعت لاتفاقيات سوتشي إلى عودة هيمنة نظام الاسد إليها.
مما يجعل من المخاوف التي لدى السوريين تجاه مستقبل هذه المناطق ومصير المدنيين ضمنها مخاوف مشروعة ومحقة، على الأخص في ظل غياب اي طرف سوري مشارك ومُطّلع على مجمل الاتفاقيات بين الجهتين، واللتان تشكلان كلاهما قوى خارجية وإن كانت تحركات كل جهة تأتي بصفتها ضامن عن جهة سورية محددة، لكن ضمان كل جهة لمصالحها له الأولوية بشكل بديهي، بينما تبقى مصالح السوريين هامشية.
ففي حال دخول النظام لهذه المناطق فإن حياة أربعة مليون مدني ستكون معرضة للخطر المباشر وذلك أمر لا يمكن التغاضي عنه من اي جهة.
ما هي فرص نجاح الاتفاق أو صمود وقف إطلاق النار ؟
سيتعلق نجاح وقف إطلاق النار باستمرارية التوافق على بقية البنود ومناطق الهيمنة وهو اتفاق هش قد يصطدم بعدم توافقات تؤدي لإعادة رفع التوتر من قبل كل جهة عبر الأدوات العسكرية التابعة لها في المنطقة.
كما قد تسعى الفصائل المصنفة إرهابية والتي يتوجب تفكيكها وإنهاء وجودها إلى نقض الاتفاقات من منطلق الضغط للحصول على مكتسبات تضمن بقاءها واستمراريتها.
كما قد يعمل نظام الاسد وحليفه الايراني من جهته على خرق الاتفاقات سعياً للحصول على ذريعة تمكنه من دخول بقية المناطق التي لازالت خارجة عن سيطرته.
سيتعلق الامر بمدى التزام الدول الضامنة بمضمون الاتفاق وقدرتها على لجم الأطراف العسكرية التي تسيطر عليها بطريقة او بأخرى.
في حال لم تصمد الهدنة، ما هي السيناريوهات المحتملة؟
قد يؤدي انهيار الهدنة إلى مزيد من التدمير وعمليات القتل ويؤخر العمل على تطبيق المسارات السياسية.
في حال تم استئناف العملية العسكرية في إدلب، ماذا سيكون موقف تركيا برأيكم ؟
اعتقد ان هناك التزام دولي وتركي بحماية المدنيين وعدم اتاحة الفرصة للنظام باجتياح مناطق تواجد السوريين الذين رفضوا الخضوع لحكمه، لكن تركيا تمنح الأولوية لحماية أمنها القومي والداخلي ولمصالحها الاقتصادية مع روسيا، لذلك فإن أي تصعيد أو مواجهة عسكرية بين تركيا وروسيا لحماية المدنيين في إدلب هو أمر مستبعد.
في هذا السياق يعتبر وجود منطقة حظر جوي تشرف عليها قوى حيادية تضمن إنشاء منطقة آمنة للمدنيين لحين الوصول للانتقال السياسي الشامل في سوريا، يُعتبر الحل الضامن لحياة المدنيين ولضمان عدم حصول عمليات تنكيل وإبادة من قبل النظام في هذه المناطق.
تركيا مطالبة بحل هيئة تحرير الشام وبقية التنظيمات المتشددة، هل تعتقدين أنها ستنجح في ذلك؟
إنهاء الفصائل الإرهابية سيكون خطوة هامة لعودة الحياة المدنية ونزع الذريعة المستخدمة لقصف مناطق إدلب، وتركيا قادرة تمسك بمعظم الخيوط التي تتحرك عبرها هيئة تحرير الشام وغيرها وهي بذلك قادرة على إنهاءها.
لكن بقاء هذه الفصائل لازال قائماً كورقة للمقايضة مقابل مكتسبات أخرى تتعلق بالوضع في شمال شرق سوريا، لذلك يبدو أن انهاءها سيدخل في سياق تفاهم شامل لمستقبل سوريا وللقوى المتواجدة على أراضيها.
ما يجري في إدلب سواء لجهة مواصلة العمل العسكري، أو استمرار الهدنة، كيف يمكن أن يؤثر على الحل السياسي في سوريا ؟
تطبيق الحل السياسي يحتاج لحالة من الاستقرار التي تحققها الهدنة الحالية ويعرقله ارتفاع وتيرة الأعمال العسكرية بشكل كبير، وسيكون هذا الحل في محصلة هذه التحركات العسكرية والعقوبات الاقتصادية والاتفاقات السياسية وفق القرارات الدولية.
وذلك أمر تجمع عليه الأطراف الفاعلة في الملف السوري، بحيث تعود الأمور إلى جنيف وفق القرار ٢٢٥٤ بالمعطيات المنعكسة من الأرض وصولاً لحل سياسي شامل.
حوار: بهاء عبدالرحمن