دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

حرب البادية السورية .. الفراغ السياسي وصراع المصالح يؤجل الحسم

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – عملية عسكرية تلو الأخرى يطلق عليها واسعة النطاق كما مثيلاتها خلال السنوات الماضية من الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي على امتداد البادية السورية، دون مؤشرات أو نتائج تذكر حتى هذه اللحظة، كل ذلك يأتي كنتيجة طبيعية لانشغال خصوم التنظيم في صراعات داخلية على الأرض السورية، حيث استفاد “داعش” من هذه النزاعات المصالحية بشكل كبير  والتي أدت إلى بقاء حالة الفراغ السياسي مستمرة منذ 10 سنوات الماضية.

استراتيجية البادية

تاريخ تواجد داعش في البادية السورية بدء منذ أواخر عام 2017م بعد الهزائم التي تعرض لها في ارياف دير الزور وحلب ولعل أخرها نهاية وجوده في اخر معاقله ببلدة الباغوز في ريف دير الزور، كما نقلت الحكومة السورية عام 2018م الالاف من عناصر التنظيم من دمشق وحوض اليرموك في درعا الى البادية والتي تصل مساحتها 80 الف كيلو متر مربع تقريباً وتتوزع ادارياً على 7 محافظات وهي ديرالزور وحماة والرقة وحمص وحلب وريف دمشق والسويداء، حيث يعتمد التنظيم على الجبال والوديان التي تكثر فيها الكهوف ما يساعده على التخفي والاحتماء من ضربات الطائرات، ولعل العواصف الترابية التي تهب بشكل يومي في مناطق واسعة من البادية تشكل عاملاً مهماً في حجب الرؤية وإزالة اثار التحركات التي عادة ماتكون ليلاً وذلك في نقل الامدادات والذخيرة.. الأمر الذي يسهل حركة التنظيم وبشكل كبير تعاون اعداد كبيرة من أبناء تلك المناطق الذين يعرفون مداخل البادية ومخارجها بشكل دقيق وكيفية تأمين الامدادات الغذائية والمائية وطرق نقل السلاح بالإضافة الى قدرتهم على التأقلم مع الظروف الصحراوية بالغة القساوة.

تنظيم داعش حافظ على تماسك وسلامة بنيته التنظيمية ومنظومة القيادة والسيطرة فيه عبر قيادة لا مركزية ما جعل التنظيم يتمتع بحرية حركة نسبية عبر مجموعات متنقلة تواصل هجماتها في المناطق الهشة امنياً كما عمل على إعادة بناء مجموعاته القتالية شرق نهر الفرات وغربه وفي المناطق الصحراوية والجبلية بمناطق عدة في سوريا والعراق.

خطة مستحدثة اعتمدها داعش تحول من خلالها من كيان شبه دولة الى عصابات تمتنع عن احتلال الأراضي كما تتضمن التنازل المؤقت عن انشاء دولة الخلافة خلال هذه الفترة واستمرار حرب العصابات والنشاط الإرهابي وقد منحه هذا التحول مرونة في نشر القوات دون أي التزام لإدارة حياة السكان في المناطق الخاضعة لسيطرته.

ترميم الشبكة الأمنية

هجمات داعش اعتمدت بدرجة كبيرة على معلومات تتضمن تحركات المجموعات أو الاشخاص الذين يسعى الى مهاجمتهم وهو ما يؤكد المعلومات التي تحدثت عن إعادة ترميم أداء شبكاته الأمنية وتركيزه على الجانب الأمني بدرجة كبيرة والتي  تمثل سياسة ارباك الخصوم وتشتيت جهودهم باعتبارها احد ابرز استراتيجيات تنظيم داعش الجديدة في مناطق شمال شرق سوريا حيث يعمل على خلق التوتر بين قوات سوريا الديمقراطية والقبائل العربية وتوظيفها للدفع الى حصول صراع بين المكونين الأساسيين في هذه المنطقة عبر عمليات الاغتيال وحرق المحاصيل وسواها من الاعمال التي ترفع منسوب التوتر بين العرب والكرد، كما هناك عدة عوامل ساعدت تنظيم داعش في استعادة نشاطه خلال الآونة الأخيرة ومن أهمها استمرار الفوضى في سوري والتعقيدات التي تمنع حصول حل سياسي ينهي أسباب الازمة السورية وخاصة التدخل الإيراني والتركي ويدرك داعش من خلال خبرته ان الفوضى الأمنية واجواء المظلومية السياسية والدينية هي عوامل مساعدة لتفعيل نشاطه وزيادة انتشاره.

ولعل المستفيد الأكبر بحسب مصادر مطلعة من إعادة تشكيل تنظيم داعش الإرهابي وبناء قدراته هي تركيا عبر تمكين سيطرتها على مناطق عدة في الشمال السوري بذريعة ان هذه المناطق مستهدفة من قبل تنظيم داعش كما تساعد عودة التنظيم في اشغال روسيا والولايات المتحدة والدول الأوروبية التي تطالب بسحب تركيا قواتها في المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً “تل ابيض ورأس العين “.

المستفيد الاخر أيضاً من عودة داعش للمنطقة يتمثل في “هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة” باعتباره عمل مساعد في ابعاد الخطر عن تحرير الشام  ضمن مساعيها الحثيثة للانضمام إلى القوى التي تحارب التطرف عبر صراعها مع بعض التنظيمات المتشددة في شمال سوريا وملاحقة بعض الخلايا النائمة لتنظيم داعش ضمن مناطق سيطرتها.

 

إعداد: يعقوب سليمان