أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – قبيل وبعد انطلاق اجتماعات مسار آستانا في جولتها الـ20 في العاصمة الكازاخية، الثلاثاء، شهدت المناطق الشمالية الشرقية والشمالية الغربية السورية التي تسيطر عليها أطراف الصراع الرئيسية، تصعيداً عسكرياً جديداً، مع دخول سلاح الطيران الحربي الروسي في اجواء “خفض التصعيد”، وعودة الطيران المسير التركي لعمليات الاستهداف في مناطق الإدارة الذاتية.
التصعيد في الشمال هل هو “خلافات أم ضغوطات” ؟
التصعيد العسكري في الشمال جاء قبيل انطلاق الاجتماعات بساعات قليلة، وهو ما يفسر وجود خلافات وتناقضات بين الأطراف المشاركة المختلفة أصلاً، بينما اعتبرته آراء أخرى، تمهيداً لحرب أوسع قد تشمل هذه المناطق في المستقبل القريب، أو ضغط متبادل بين هذه الأطراف في محاولة من كل جهة الحصول على مكاسب وتنازلات.
استهداف مسؤولين في الإدارة الذاتية.. والقامشلي تدعو للتنديد بالهجمات
وفي تفاصيل التصعيد العسكري، جددت القوات التركية عمليات استهدافها على ريف مدينة القامشلي، حيث قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن طائرة مسيرة استهدفت سيارة بريف قرية تل شعير بين القامشلي وعامودا، كانت تقل الرئيسة المشتركة لمقاطعة القامشلي، يسرى درويش، إضافة إلى مسؤول آخر في الإدارة الذاتية، ما أدى لمقتلهم، بينما اصيب نائب الرئاسة المشتركة لمقاطعة القامشلي من المكون المسيحي كابي شمعون بجروح.
وفي بيان لها اعتبرت الإدارة الذاتية أن التصعيد التركي الأخير الذي استهدف مسؤولين مدنيين “يعملون لخدمة المجتمع” هو بمثابة دليل على عدم رغبتها بحل الأزمة السورية ويتزامن مع قرار محاكمة قيادات وعناصر تنظيم داعش الإرهابي، مشيرة إلى أن التصعيد الحالي هو دليل على رغبة تركيا باستمرار الحرب، وأن صمت الأطراف الأخرى يثير الشكوك حول وجود تفاهمات.
ودعت الأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار والتحالف والمجتمع الدولي لإبداء الموقف حيال الهجمات التركية على مناطقها.
صمت روسي وللحكومة السورية حيال التصعيد التركي في الشمال
وخلال الفترة الماضية صعدت القوات التركية بشكل عنيف من هجماتها وعمليات القصف البرية والجوية على مناطق متفرقة من الشمال الشرقي، كذلك استهداف مباشر لنقاط عسكرية لقوات الحكومة السورية وعربة عسكرية روسية ما أدى لسقوط قتلى في صفوف القوات العسكرية السورية والروسية أيضاً، لكن دون أي موقف من دمشق وموسكو حيال ذلك.
غارات روسية في “خفض التصعيد”
منطقة “خفض التصعيد” أيضاً كانت في دائرة التصعيد العسكري، حيث عاد الطيران الحربي الروسي إلى أجواء المنطقة وشن غارات جوية عدة، بعد غياب دام أشهر.
وفي التفاصيل، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، نفذ الطيران الحربي الروسي 4 غارات جوية جديدة ضمن منطقة “خفض التصعيد” ليصل إجمالي الغارات الجوية حتى ظهر الثلاثاء إلى 8، استهدفت أطراف قرية الشيخ بحر بريف إدلب الغربي، مع استهداف محيط مدينة إدلب من الجهة الشمالية، حيث سمع دوي انفجارات عنيفة مع تعرض القرى والبلدات في منطقة جبل الزاوية جنوب المحافظة لقصف مدفعي مصدره قوات الحكومة السورية المتمركزة في المناطق المجاورة لخفض التصعيد، مع استمرار تحليق الطيران الاستطلاعي والحربي والمسير بأجواء المنطقة.
سوسان: ما نريده من تركيا ليس شروطاً بل ثوابت وطنية لا يمكن التفاوض عنها
أما في السياق السياسي، أعرب جدد رئيس الوفد السوري المشارك في اجتماعات آستانا، أن الانسحاب العسكري ووضع جدول زمني محدد وواضح لتركيا، ووقف دعم الإرهاب في البلاد واحترامها للسيادة السورية، هي ليست شروطاً لإعادة العلاقات، بل ثوابت وطنية غير قابلة للتفاوض.
بينما عبر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، عن أمل بلاده في إحراز تقدم بالعمل على خارطة الطريق الروسية لتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، وأضاف أن عودة العلاقات يجب أن تستند إلى مبادئ متفق عليها هي الاحترام المتبادل لسلامة الأراضي والوحدة والسيادة”.
وتابع أن “أمريكا ليست مهتمة بالقضية الكردية في سوريا وتمنع حلفائها من التفاوض مع دمشق، مشيراً إلى أن بلاده تقف مع حل مشاكل الأكراد من خلال الحوار، ونوه إلى أن هناك “شبه دويلة” في الشمال الشرقي في إشارة “للإدارة الذاتية” في شرق الفرات بدعم أمريكي وهذا أمر غير مقبول. حسب رؤيته.
واعتبر سياسيون كرد تصريحات بوغدانوف غير مقبولة، مشيرين إلى تجاهله للمبادرة التي أطلقتها الإدارة الذاتية حول حل الأزمة السورية والتي دعت الحكومة السورية وكافة الأطراف للجلوس لحل الازمة، معتبرين أن تصريحات بوغدانوف هي “مغازلة لتركيا”.
الكرملين: التسوية في سوريا طريق طويل للغاية
بدوره قلل الكرملين من امكانية أن تنجح الاجتماعات حول التسوية السورية في آستانا في حل الملف بسرعة، حيث حذر المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف من التوقعات العالية بشأن الاجتماع حول التسوية السورية في آستانا.
جاء ذلك في الإفادة الصحفية لبيسكوف الثلاثاء، رداً على سؤال بشأن ما يتوقعه الكرملين من مفاوضات التسوية السورية، حيث تابع أن طريق التسوية هو “طريق طويل للغاية، وروسيا تواصل موقفها الثابت”.
ولا يتوقع السوريون أن تؤدي هذه الاجتماعات إلى أي انفراجات في الأزمة السورية، فمسار آستانا وخلال جولاته العشرين لم يقدم شيئاً للسوريين سوى استمرار الصراعات المسلحة وتفاقم الأزمات الإنسانية وتبادل أطراف الصراع السيطرات العسكرية وإعادة رسم خطوط التماس، وهو ما يتوقع أيضاً أن يكون عنواناً لهذه الجولة.
إعداد: علي إبراهيم