أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في ظل غياب المسائلة والقانون والمحاسبة، وتحت مرأى ومسمع ومشاركة القوات التركية، تواصل فصائل “الجيش الوطني السوري” انتهاكاتهم بحق السكان الأصليين ضمن المناطق التي تسيطر عليها في الشمال السوري، وخاصة الكردية منها؛ كعفرين ورأس العين وتل أبيض، ما دفع بمئات الآلاف من السكان الأصليين للهجرة وترك بيوتهم، إما جراء العمليات العسكرية أو الممارسات التي تقوم بها هذه الفصائل بحقهم.
غياب المسائلة والقانون يزيد من الانتهاكات اللاإنسانية بحق المدنيين
وتغيب هذه الانتهاكات عن وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية أيضاً، وذلك لمصالح يمكن اعتبارها سياسية، بين هذه الأطراف وتركيا، التي تعتبر كسلطة احتلال، ويقع على عاتقها “حماية الأشخاص والأقليات وممتلكاتهم” وفق القانون الدولي.
وما زاد من حدة هذه الانتهاكات في الآونة الأخيرة، الأوضاع التي تعيشها البلاد سواءً في الشمال الغربي (خفض التصعيد) والشرقي (مناطق الإدارة الذاتية)، والحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، واحتمال اتساع دائرة الصراع لدول مجاورة.
“مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا” هو من الجهات القليلة التي تسلط الضوء على ما يجري في مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها، حيث كشف المرصد في تقرير “لشهر تشرين الأول/أكتوبر” تزايد معدلات العنف والجريمة وحوادث الاقتتال بين المجموعات المسلحة الموالية لأنقرة، مع حدوث انفجارات وغيرها من الانتهاكات في مناطق “غصن الزيتون و درع الفرات ونبع السلام”.
“375 ألف مهجر”.. وآلاف الضحايا والمعتقلين والمخطوفين
ويقول التقرير الشهري للمركز، إن المناطق التي كانت تصنف بالآمنة في “شرق الفرات” كمدينتي رأس العين وتل أبيض، لم تعد كذلك، حيث أن العمليات العسكرية التركية التي حدثت في هذه المناطق في 2019، والانتهاكات المستمرة بحق السكان الأصليين، دفع بـ375 ألف نسمة للهجرة، إضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم التعذيب والاعتقالات والإعدامات الميدانية والاستيلاء على الممتلكات الخاصة والقصف العشوائي واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً.
ووفق التقرير فإن تركيا أشركت مؤخراً “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” في ارتكاب المزيد من الانتهاكات، حيث رصد مقتل وإصابة 10380 شخصاً، منهم 2096 قتيل، واعتقال 9200 شخص منذ بداية التوغل التركي في نفس الشهر عام 2019.
ولفت التقرير إلى أنه من بين المعتقلين المذكورين تم الإفراج عن 7090 شخصاً، فيما لايزال مصير البقية مجهولاً.
“الجندرما” تقتل 573 سورياً.. 30 منهم خلال2023
فيما وصل عدد من قتل في سجون الفصائل تحت التعذيب إلى 182 شخصاً، والقتلى من المواطنين السوريين برصاص قوات حرس الحدود التركية “الجندرما” إلى 573، بينهم 104 طفل دون سن 18 عاماً و 67 امرأة، وذلك حتى تاريخ الـ30 من تشرين الأول 2023، وأصيب برصاص “الجندرما” 3075 شخصاً، وهم ممن حاولوا اجتياز الحدود السورية وسكان القرى الحدودية والمزارعين وأصحاب الأراضي القريبة من الحدود.
ويبين التقرير أنه خلال العام الجاري، قتلت الجندرما التركية 30 مواطناً سوريا، وأصيب 118 شخصاً، جميعهم حاولوا اجتياز الحدود التركية، بينها إصابات بإعاقة دائمة نتيجة الضرب الوحشي بالعصي والبواريد والركل وإلقاء المدنيين خلف الستار الحدودي.
ضحايا جراء القصف التركي ودمار في الممتلكات والبنى التحتية
وفي إحصائية قدمها “مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا” قال أنه في مناطق “درع الفرات وغصن الزيتون”، قتل وأصيب 3 أشخاص نتيجة القصف والاشتباكات بين الأحياء السكنية وانفجار الألغام ومخلفات الحرب.
فيما وصل عدد الأشخاص المعتقلين في هذه المناطق، 50 شخصاً، بينهم 27 تعرضوا للتعذيب، و 25 تم خطفهم، للمطالبة بفديات مالية.
فيما أصيب 7 أشخاص بينهم طفلان، نتيجة القصف ومداهمة المنازل وشظايا المتفجرات وتعرضهم للضرب من قبل المسلحين.
وتعرضت هذه المناطق إلى 9 حالات قصف جوي وبري (مدفعية وقذائف الهاون) خلفت 4 إصابات من المدنيين وقتل مواطنين اثنين.
أما في إطار الاقتتال بين الفصائل الموالية لأنقرة، فقد حدث 5 حالات اقتتال داخلي بين الفصائل داخل المدن.
“848 قتيلاً” منذ بداية العمليات العسكرية التركية بمناطق “الإدارة الذاتية”
وفيما يخص العمليات العسكرية التركية المستمرة على مناطق “الإدارة الذاتية”، بينها “العملية الجوية الأخيرة، في بدايات شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وصل عدد المدنيين الضحايا إلى 848 شخصاً، بينهم 111 طفل و 97 امرأة، وأصيب 4221 بينهم 350 طفل و 299 امرأة، وقتل 65 شخصاً تحت التعذيب أو نتيجة ظروف الاعتقال السيئة.
وطالت الاعتقالات 1048 شخصاً، تعرض 352 منهم للتعذيب، و 415 شخص طلب من ذويهم فديات مالية، مع أسر 73 عنصراً من قوات سوريا الديمقراطية لدى الجيش التركي.
دمار كبير في البنى التحتية والمرافق الحيوية والعامة.. والصحفيون في مرمى النيران
ودمرت الهجمات التركية 47 مدرسة، وتعطل 859 مدرسة، وحرم 96 ألف طالب/ة من التعليم.
بينما دمر 49 نقطة طبية جراء القصف، وأصيب 25 من العاملين في المجال الطبي، وقتل 5 منهم 3 تم إعدامهم ميدانيا من قبل الفصائل، فيما لقي 8 صحفيين مصرعهم وأصيب 24 آخرين، مع اغتيال القوات التركية والدي صحفي واستلاء الفصائل على منزل و 12 صحفي في رأس العين وتل أبيض.
وفي إحصائية أخرى نشرها المركز، تمتد من شباط/فبراير 2018، إلى نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتل 2096 مدنياً، بينهم 193 تحت التعذيب.
وتم اعتقال 9200 شخصاً، تعرض 2110 للتعذيب، وتم الإفراج عن 7090، فيما لايزال مصير البقية مجهولاً، وإفراج عن 2640 بعد طلب فدية مالية.
ووصلت عدد الهجمات التركية على المرافق العامة والبنية التحتية في شمال شرقي سوريا إلى 224 هجوم.
وتسيطر القوات التركية إلى جانب فصائل “الجيش الوطني” على 7 مدن سورية هي “إدلب وجرابلس والباب وإعزاز وعفرين ورأس العين وتل أبيض”، وذلك عبر عمليات عسكرية سميت بـ “درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام”، آخر هذه العمليات التي حصلت في بدايات تشري الأول عبر شن غارات جوية وقصف بري عنيف استهدف البنى التحتية في الشمال الشرقي، بالتزامن مع تزايد العنف في “خفض التصعيد، وأدت هذه الهجمات إلى تدمير 80 بالمئة من البنية التحتية التي يعتمد عليها 5 ملايين نسمة يعيشون في تلك المناطق.
إعداد: علي إبراهيم