أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تتجه أنظار السوريين وخاصة القاطنين في الشمال إلى ما بعد انتهاء قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” المنعقدة في العاصمة الإسبانية مدريد، وكيف يمكن أن يؤثر هذا الاجتماع على الصراع في سوريا من جهة والعلاقات بين تركيا وروسيا وإيران من جهة أخرى، والعملية العسكرية التركية المحتملة في الشمال، خاصة وإن هذه القمة عقدت للتباحث حول كيفية مواجهة روسيا وإيران معاً في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
ملفات ووثائق بيد أردوغان لقمة الناتو حول شمال سوريا
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال قبيل ذهابه لمدريد، أن لديه وثائق ومستندات وتقارير حول شمال شرق سوريا، دون أن يفصح عن فحوى هذه الوثائق، لكن محللون رجحوا بأن تكون هذه الوثائق أو التقارير التي تحدث عنها أردوغان ما تقوله أنقرة بأن هناك “علاقات بين قوات سوريا الديمقراطية بحزب العمال الكردستاني”.
كما قال الرئيس التركي أن لديه مطالب وشروط سيناقشها مع الحلفاء في “الناتو” حول الملف السوري. ويرجح محللون سياسيون أن “العملية العسكرية المحتملة” في سوريا يمكن أن تعيد تركيا طلب الموافقة عليها من قبل الناتو، كون أغلب الدول في الحلف مشاركون في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي الذي يعتبر قوات سوريا الديمقراطية “شريكاً استراتيجياً وقوياً” في محاربة الإرهاب، وسبق أن رفضوا ذلك.
وسبق أن طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر بروكسل للمانحين لسوريا، بدعم مخططاته في إنشاء “منطقة آمنة” في الشمال السوري بعمق 30 كيلومتراً، لإسكان مليون إلى مليون ونصف لاجئ سوري يقيمون في تركيا داخلها، لكن الاتحاد الأوروبي رفض مطالب أردوغان وشدد أن ذلك لن يفيد في حل الأزمة السورية وأن سوريا ليست آمنة أصلاً لإعادة اللاجئين إليها.
الموافقة على انضمام السويد وفنلندا.. هل قضت تركيا على أحلامها في سوريا ؟
قبيل بدأ اليوم الأول من قمة الناتو، عقد اجتماعاً رباعياً بين تركيا والسويد وفنلندا مع الأمين العام للحلف، وافقت تركيا من خلاله على ملف انضمام ستوكهولم وهلسنكي إلى الحلف، بعدما رفضت لأشهر بحجة أن الدولتان تدعمان الإدارة الذاتية في شمال سوريا وقوات سوريا الديمقراطية من بينها وحدات حماية الشعب الكردية YPG.
وأعلن الرئيس التركي “أنه حصل على مايريد من السويد وفنلندا”، اللتان أعلنتا فيما وقف دعم وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا ومكافحة “دعاية الإرهاب ضد تركيا” مع رفع القيود العسكرية المفروضة على أنقرة من قبل الدولتان حين اجتياح مدينتي رأس العين “سري كانيه” و تل أبيض “كري سبي” شمال سوريا في 2019.
قبول تركيا لانضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، وهما الدولتان الحدوديتان والقريبتان مع روسيا، يمكن أن يأزم العلاقات بين أنقرة وموسكو، وذلك قد يؤثر على التفاهمات والاتفاقات حول سوريا.
وقالت أوساط سياسية أنه بعد قبول تركيا لانضمام السويد وفنلندا للناتو، وهذا ما لم يكن تريده روسيا، فإن ورقة “غرب الفرات” والعملية العسكرية التركية هناك “سقطت”، مشيرين إلى أن أنقرة بذلك قد تكون قضت على أحلامها بالتوسع في سوريا، لكنهم لفتوا إلى احتمال دخول تركيا عسكرياً في حال دعم الناتو، دون انتظار الموافقة الروسية والإيرانية.
البيت الأبيض: بايدن وأردوغان شددا على الاستقرار في سوريا
أما فيما يخص بما يسمى “شرق الفرات”، فإن الولايات المتحدة أصلاً كشفت موقفها من أي عملية عسكرية هناك، وأنها ستكون خطأً كبيراً وستؤثر على العمليات الجارية ضد داعش وحياة المدنيين، ويمكن اعتبار بيان البيت الأبيض بعد قمة الرئيس الأمريكي جو بايدن والتركي أردوغان والتشديد على “أهمية الاستقرار في سوريا” دليل على عدم استطاعة أردوغان من تبديل الموقف الأمريكي حيال عمليته العسكرية في شمال سوريا.
كما قال الرئيس الأمريكي قبل لقاءه بأردوغان حول ملف انضمام السويد وفنلندا للناتو، بأن تركيا لم تحصل على أي تنازلات من الولايات المتحدة فيما يخص موافقتها على انضمام الدولتان للحلف.
وتؤكد أوساط سياسية ومتابعة، بأن الأيام القليلة القادمة ستزيل كل الغموض والتكهنات حول موقف الناتو من أي عملية عسكرية تركية في سوريا، وموقف روسيا من موافقة أنقرة بانضمام السويد وفنلندا للحلف، ومدى تأثير ذلك على الاتفاقات والتفاهمات بينهما حول الملف السوري.
إعداد: ربى نجار