أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – رغم ابتعادها عن الدائرة الإعلامية العربية والأجنبية، واقتصار تسليط الضوء على الانتهاكات التي تحصل فيها على بعض وسائل الإعلام المحلية، إلا أن ما يحصل في منطقة عفرين السورية، التي سيطرت عليها القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها يبدو أنها وصلت للأروقة السياسية الدولية.
عقوبات أمريكية على قادة أكبر فصائل “الجيش الوطني”
فبعد أن اعتبر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو هيلر، قبل أيام، أن ما يحصل في عفرين ليس “تغييراً ديمغرافياً” وأن تركيا لا تغير التركيبة السكانية في عمليات إعادة اللاجئين السوريين إلى هذه المنطقة، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على قياديين اثنين من أكبر الفصائل المسلحة ضمن “الجيش الوطني” الموالي لأنقرة، وذلك كونهم “ارتكبوا جرائم حرب بحق المواطنين السوريين هناك”.
وفرضت الولايات المتحدة، الخميس، عقوبات على فصيلين من “الجيش الوطني” وثلاثة من قيادات الجماعتين فيما يتعلق بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وفقاً لـ”وكالة الأنباء الألمانية”
العقوبات جاءت لإرتكاب انتهاكات جسيمة بحق الأكراد
وقالت وزارة الخزانة الأميركية إنها أدرجت “لواء سليمان شاه” وقائده “محمد حسين الجاسم” وشقيقه الأصغر “وليد حسين الجاسم”، إضافة إلى “فرقة الحمزة” وقائدها “سيف بولاد أبو بكر” على خلفية الانتهاكات الجسيمة بحق سكان منطقة عفرين السورية.
وذكرت وزارة الخزانة في بيانها، “هذه الجماعات المسلحة فاقمت المعاناة التي سببتها سنوات من الحرب الأهلية في شمال سوريا، وأعاقت انتعاش المنطقة من خلال الانخراط في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الفئات الضعيفة من السكان”.
وأشارت إلى أن “لواء سليمان شاه”، على وجه الخصوص متهم بتعريض سكان عفرين للاختطاف والابتزاز.
“الأكراد يتعرضون للمضايقات والاختطاف والتعذيب”
ويتعرض المواطنون من السكان الأصليين في منطقة عفرين لعمليات اعتقال بشكل شبه يومي على يد فصائل المعارضة الموالية لتركيا، وذلك بتهم محددة وعلى رأسها “موالاة الإدارة الذاتية – العمل في مؤسسات الإدارة الذاتية – الخروج في نوبات حراسة إبان الإدارة الذاتية – التواصل مع جهات كردية” وذلك خلال سيطرة الإدارة الذاتية على المنطقة.
وغالباً ما تكون هذه التهم مجرد حجج لدفع المعتقلين والمخطوفين لدفع فدى مالية لقاء إطلاق سراحهم، إضافة إلى الاستيلاء على ممتلكات المهجرين، وإخراج السكان من بيوتهم تحت قوة السلاح، وبيعها بأسعار بخسة.
وبالعودة لبيان وزارة الخزانة الأمريكية، “استهدف اللواء سكان عفرين الأكراد، وكثير منهم يتعرضون للمضايقات والاختطاف وانتهاكات أخرى إلى أن يضطروا إلى ترك منازلهم أو دفع فدية كبيرة لإعادة ممتلكاتهم أو أفراد عائلاتهم”.
كما أن “فرقة الحمزة”، التي هي أيضاً جماعة مسلحة تنشط في شمال سوريا متهمة بالتورط في عمليات خطف وسرقة ممتلكات وتعذيب، وقالت وزارة الخزانة، أن هذه الفرقة “تدير مراكز احتجاز تضع بداخلها مَن اختطفتهم لفترات طويلة. وخلال فترة سجنهم، حيث يجري احتجاز الضحايا للحصول على فدية، غالباً ما يتعرضون لانتهاكات جنسية”.
وأكدت الخزانة الأمريكية أنه سيجري تجميد أي أصول في الولايات المتحدة تخص الأشخاص الذين شملتهم العقوبات، وسيجري حظر التعامل معهم في الولايات المتحدة.
وسبق أن دانت الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، الموقف الأمريكي من عفرين وعمليات التغيير الديمغرافي فيها، وقالت أن موقف واشنطن “غير عادل وبعيد عن الواقع”.
ترحيب بقرار العقوبات
بدوره علق الحقوقي الكردي السوري حسين نعسو على قرار “الخزانة الأمريكية بالقول خلال منشور له على صفحته في “فيس بوك”، أنهم قدموا عشرات التقارير التي توثق الانتهاكات والجرائم التي قامت بها القوات التركية، التي وصفها بالمحتلة”، و فصائل “الجيش الوطني”، الذين أطلق عليهم مصطلح “المرتزقة”، هذه الأدلة تم تقديمها إلى وزارة الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروربي وبرلمانها و هيئات ومؤسسات الامم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.
وكشف أنه من بين تلك الرسائل قاموا بتوجيه رسالة لوزارة الخارجية الأمريكية تم المطالبة بضرورة إدراج “الجيش الوطني على قائمة التنظيمات الإرهابية”، وذلك لما يرتكبه من انتهاكات وجرائم في المناطق السورية الكردية و “المحتلة منها” بشهادة منظمات حقوقية دولية.
مطالبات بإدراج الفصائل على “قوائم الإرهاب”
وأضاف أن من الأسباب التي يمكن تصنيف الفصائل على القوائم السوداء، قتالهم في حروب خارج الأراضي السورية كمرتزقة”، ولفت إلى أن البعض استهزأ برسالتهم حينها، مشيراً إلى أن ثمار عملهم السياسي والحقوقي لا يمكن جنيه مباشرة وإنما يتطلب وقتا، وقال “ها هي اليوم وزارة الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات على ابرز قادة المرتزقة” حسب تعبيره.
وربط الحقوقي السوري، فرض المزيد من العقوبات على الفصائل وقادتها والمظلة السياسية لها “الائتلاف” بكل مكوناته، باستمرار المنظمات الحقوقية بتوثيق الجرائم والانتهاكات.
جهات دولية أكدت ارتكاب الفصائل للجرائم بحق الكرد السوريين
وسبق ان أكدت تقارير دولية لمنظمات حقوقية منها “هيومن رايس ووتش” و منظمة “العفو الدولية” و “لجنة التحقيق الدولية حول سوريا” أكدت ارتكاب الفصائل في “الجيش الوطني” لجرائم وانتهاكات ترقى لمستوى “جرائم حرب” بحق المواطنين الأكراد السوريين ضمن المناطق التي يسيطرون عليها، محملين تركيا المسؤولية، كونها دولة احتلال، مطالبين إياها بوقف الدعم عن الفصائل التي تقدم على هذه الانتهاكات وفتح تحقيق فيها لمحاسبة الجناة.
مهجرو عفرين يدعون لتوسيع العقوبات
وفي السياق، رحب مهجرو عفرين بالخطوة الأمريكية حول فرض العقوبات الاقتصادية على قادة الفصائل، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، داعين إلى فرض عقوبات تشمل كل الفصائل الموالية لأنقرة، ممن تلطخت أيديهم بدماء أبناء المنطقة، ومارسوا أبشع أنواع الانتهاكات ضد حقوق الإنسان في عفرين، وسط دعوات للقيادة المركزية الأمريكية بإخراج القوات التركية والفصائل الموالية لها من عفرين وتأمين عودة آمنة للمهجرين تحت حماية دولية.
و اعتبر مهجرو عفرين العقوبات الاقتصادية على قادة الفصائل غير كافية، وذلك نظراً للفظاعات التي ارتكبوها بحق المدنيين، ودورهم في إحداث تغيير ديمغرافي في عفرين وتغيير معالمها، مطالبين بتوسيع هذه العقوبات لتشمل كل الجوانب والفصائل، ناهيك عن إدراجهم ضمن لوائح “الإرهاب”، وفتح تحقيق دولي وإحالة الجناة للمحاكم الدولية.
إعداد: رشا إسماعيل