أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – نتيجة الحروب والصراعات المسلحة التي تسيطر على بعض دول الشرق الأوسط، وغياب السلطة والقانون وانتشار الجماعات الإرهابية فيها، يمكن اعتبار هذه العوامل أحد الأسباب الرئيسية لانتشار تجارة المخدرات والترويج لها وتحولها لتجارة عابرة للحدود باتت تهدد الامن القومي لدول عدة.
سوريا.. دولة تحولت لمصنع كبير لصناعة المخدرات
وتعتبر سوريا التي قسمتها الحرب إلى 3 مناطق نفوذ، أكثر الدول انتشاراً لتجارة المخدرات، حيث سبق وأن أعلنت العديد من الدول العربية بينها الخليجية والإقليمية، ضبط كميات كبيرة من المخدرات، بينما يعتبر الأردن “دولة العبور” لهذه التجارة العابرة للحدود، وهو ما يثير قلق عمان وتعمل جاهدة للحد من هذه التجارة والأساليب التي باتت تتبعها العصابات في عمليات التهريب، ودخول الطائرات المسيرة في الساحة بالآونة الأخيرة.
وبما أن هذه التجارة أصبحت تهديداً عالمياً، وهناك دول تناشد للحد منها والتعاون لمحاربتها، تم إطلاق التحالف العالمي لمواجهة تهديدات المخدرات الاصطناعية، في إطار الاجتماع الوزاري الافتراضي حول تسريع وتعزيز الاستجابة العالمية ضد المخدرات الاصطناعية، والذي عقد الجمعة عن طريق التناظر المرئي، بمشاركة وزراء خارجية دول عربية وأجنبية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
إلى ماذا يهدف التحالف الدولي ضد المخدرات ؟
ويهدف هذا التحالف الذي أحدث بمبادرة من الولايات المتحدة، إلى جمع الفاعلين الدوليين الرئيسيين، والحكومات والمنظمات الحكومية الدولية والوكالات المتخصصة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، من أجل اتخاذ إجراءات متضافرة تتوخى مواجهة التحديات التي تطرحها المخدرات الاصطناعية على الصعيد العالمي.
وتأتي هذه المبادرة في سياق تمثل فيه المخدرات الاصطناعية تهديداً متزايداً للصحة العامة والأمن والاستقرار في العديد من بلدان العالم، حيث تزايد إنتاج هذه المواد الكيميائية وتداولها بشكل كبير، مما أفضى إلى تداعيات خطيرة على المجتمع، وخاصة إلى مشاكل تتصل بالإدمان على المخدرات والجريمة والعنف.
ويسعى هذا التحالف إلى تعزيز التنسيق والتعاون الدوليين من خلال تسهيل تبادل المعلومات والخبرات والممارسات المثلى، وذلك بغية فهم أفضل لاتجاهات إنتاج المخدرات الاصطناعية وتهريبها وتعاطيها، بالإضافة إلى تشجيع التعاون الثنائي والإقليمي والمتعدد الأطراف من أجل استجابة منسقة وفعالة.
ويمثل إحداث تحالف عالمي لمواجهة تهديدات المخدرات الاصطناعية فرصة مهمة لتعزيز التعاون الدولي والتصدي للتحديات التي تطرحها هذه المواد الخطرة.
الأردن تشدد على محاربة المخدرات.. وتعلن ضبط 65 مليون حبة مخدر خلال 2023
وباعتبارها أحد الدول المتضررة من تجارة المخدرات في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في سوريا، أكدت المملكة الأردنية على أنها ستتخذ جميع الخطوات اللازمة لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود مع سوريا، وفي حديثه قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أنهم ضبطوا أكثر من 65 مليون حبة كبتاغون خلال العامين الماضيين قادمة من الأراضي السورية، واعتبر أن تشكيل التحالف يعد خطوة مهمة للتصدي لتهديد المخدرات الصناعية المتصاعد، وهو فرصة للعمل لمكافحة إنتاج المخدرات وتهريبها وتوزيعها”.
وأوضح أن مكافحة المخدرات تتطلب جهداً دولياً مشددا على ضرورة التعاون في توفير تكنولوجيا حماية الحدود وتبادل المعلومات الاستخباراتية ومشاركة الخبرات في التوعية ضد المخدرات وتأهيل ضحاياها.
وأكد الصفدي استعداد الأردن للتعاون في مواجهة خطر المخدرات التي لا يمكن حسمها من دون تعاون دولي حقيقي.
الأردن لم توجه الاتهامات لدمشق وحملت طهران المسؤولية
تصريحات الوزير الأردني الصفدي، جاءت بعد أيام فقط من لقائه الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، وما جرى مباحثته بين الطرفين حول ل الجهود المبذولة لحل “الأزمة السورية”، وعدد من القضايا الثنائية، وفق ما ذكرته الخارجية الأردنية حينها.
ولم توجه عمان صراحة وبشكل رسمي الاتهامات إلى الحكومة السورية بالوقوف وراء تجارة المخدرات العابرة للحدود، وذلك على الرغم من وجود عشرات التقارير الأمريكية والدولية التي تثبت ذلك.
بينما حملت المملكة المسؤولية لإيران والمجموعات المسلحة الموالية لها في سوريا، حيث قالها وزير الخارجية الأردني صراحة عند لقاءه وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في عمان، بأن “الميليشيات المدعومة من إيران المسؤولية عن تهريب المخدرات على الحدود”.
التهديد بشن عملية عسكرية في سوريا لمحاربة المخدرات
وكان الوزير الأردني الصفدي لوح في مقابلة مع شبكة “CNN” الأمريكية، بإمكانية قيام بلاده بتنفيذ عملية عسكرية في سوريا للقضاء على تهريب المخدرات عبر الحدود مع سوريا، وأشار إلى أن عديداً من الأطراف عانوا من عواقب “الأزمة السورية” بما في ذلك الأردن، وسيحرصون على القيام بكل ما يلزم للتخفيف من التهديدات لأمن الأردن.
وأكد أن الأردن عازم على القيام بما يلزم لمواجهة التهديد، “إذا لم نرَ إجراءات فعالة للحد من هذا التهديد، فسنقوم بما يلزم لمواجهته، بما في ذلك القيام بعمل عسكري داخل سوريا، للقضاء على التهديد الخطير للغاية”.
ولفت الصفدي إلى أن الأردن ليس المتضرر الوحيد من مسألة تهريب المخدرات، إذ تُنقل عبر الأردن إلى دول الخليج العربي، ومناطق مختلفة من العالم.
استراتيجية أمريكية لمحاربة المخدرات في سوريا
وكانت الخارجية الأمريكية أصدرت في 29 من حزيران/يونيو الماضي، تقريرًا قدمته إلى الكونغرس الأمريكي، حول الاستراتيجية المكتوبة التي ستتبعها لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات والاتجار بها المتعلقة بالشبكات المرتبطة بالحكومة السورية.
وتضمنت الاستراتيجية بعضاً من الخطوات أهمها، الدعم الدبلوماسي والاستخباراتي لتحقيقات إنفاذ القانون، استخدام العقوبات الاقتصادية والأدوات المالية الأخرى لاستهداف شبكات التهريب التابعة لدمشق.
إضافة إلى المساعدة الأجنبية والتدريب للبلدان الشريكة والتعاون داخل المؤسسات المتعددة الأطراف لبناء القدرة على مكافحة المخدرات وتعطيل سلسلة توريد العقاقير الاصطناعية غير المشروعة والمستخدمة في صنع الكبتاغون أو غيره من العقاقير الاصطناعية غير المشروعة، مشاركات الدبلوماسية وسائل عامة لممارسة الضغط على الحكومة السورية.
وليس الحكومة السورية فقط من تعمل في تجارة المخدرات وتهريبها للخارج، بل فصائل المعارضة أيضاً لها تعاملاتها مع شبكات ومهربين لتهريب هذه الآفة داخلياً وخارجياً.
إعداد: ربى نجار