أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – خلال السنوات الماضية تسببت الأزمة السورية بخلافات كبيرة بين الولايات المتحدة الامريكية من جهة وتركيا من جهة أخرى، وذلك بسبب سياسات البلدين المختلفتين كلياً تجاه الأزمة والصراع على السلطة في سوريا، والموقف من قوات سوريا الديمقراطية وخاصة وحدات حماية الشعب، والعمليات العسكرية التي قامت بها أنقرة التي كان لها تأثير على محاربة داعش في إطار التحالف الدولي التي تقوده واشنطن.
الأزمة السورية عمت الخلافات بين واشنطن وأنقرة
وألقت الأزمة السورية بظلالها على العلاقات ما بين أنقرة وواشنطن، وهو ما خلق خلافات كبيرة بين الطرفين من حيث العمليات العسكرية التي نفذتها أنقرة على مناطق سبق وأن حررت من تنظيم داعش الإرهابي، على يد قوات سوريا الديمقراطية وقبلها وحدات حماية الشعب الكردية، إضافة إلى أن هذه العمليات العسكرية التركية أثرت بشكل كبير على سير العمليات الأمنية ضد داعش وخلاياه النائمة، وتزايد نشاط التنظيم بشكل كبير في المناطق الشمالية الشرقية وسط مخاوف من عودته مجدداً.
كما تهدد تركيا بين الحين والآخر بشن عمليات عسكرية أخرى على مناطق نفوذ الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، حلفية التحالف الدولي في محاربة داعش على الأرض، وهو ما ترفضه واشنطن.
سياسات واشنطن في سوريا تختلف عن تلك التي تتبعها أنقرة
التقارب بين تركيا وروسيا أيضاً في الملف السوري في إطار مسار آستانا، أيضاً يقلق الولايات المتحدة الأمريكية، كون هناك اعتقاد أمريكي بأن خطط يتم وضعها من قبل هذه الأطراف تستهدف التواجد العسكري والاستراتيجية الأمريكية في سوريا.
بينما التقارب والتعاون العسكري بين قوات قسد والجيش الأمريكي وقوات التحالف هو محل انزعاج وإدانة تركية، مع اعتبار أنقرة أن واشنطن تسعى لما تصفه “بتشكيل ممر إرهابي” في الشمال الشرقي السوري عند حدودها الجنوبية، وذلك في “الإقليم” الذي تم الإعلان والقائم في هذه المناطق.
صفقة لطائرات إف-16.. كيف يمكن أن تؤثر على الملف السوري ؟
في الآونة الأخيرة تم الحديث عن امكانية أن يشهد الملف السوري تطوراً يمكن أن يكون ايجابياً أو سلبياً، في ظل ما يمكن اعتباره “تقارب وتعاون بين واشنطن وأنقرة” بعد كل هذه السنوات من الخلافات والأزمة السياسية بين البلدين.
وقبل أيام وافقت الإدارة الأمريكية والكونغرس على صفقة طائرات F16 لصالح سلاح الجو التركي، وذلك بعد سنوات من الخلاف بين الطرفين. فيما اعتبر سياسيون أن هذه الصفقة يمكن أن تأسس حقبة جديدة من التعاون بين واشنطن وأنقرة، حيث أن الصفقة تضمنت تأسيس ثلاثة مصانع مشتركة لصناعة الذخائر ستُقام في ولاية تكساس.
وفي وقت الحديث عن هذه الصفقة في إطار مقاتلات حربية من طراز إف-16، جرى الحديث أيضاً عن إمكانية عودة تركيا للمشاركة في برنامج صنع وتشغيل واستعمال الطائرات الأحدث في أسطول الجو الأمريكي من طراز إف-35، والتي قررت واشنطن قبل سنوات تعليق مشاركة أنقرة فيها بعد تقارب الأخيرة مع موسكو وشرائها لمنظومة الدفاع الجوي المتطورة “إس-400″، التي تعتبرها واشنطن ودول حلف شمال الأطلسي “الناتو” خطراً على ترسانتها العسكرية.
صمت واشنطن عن تدمير تركيا للبنى التحتية بمناطق “الإدارة الذاتية”
وربط الكثيرون إتمام هذه الصفقة بين واشنطن وأنقرة، بصمت الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف على الهجمات الجوية التي شنتها تركيا بالطائرات الحربية والمسيرة على البنى التحتية والمنشآت والمرافق العامة والحيوية في مناطق شمال شرقي سوريا ضمن مناطق نفوذ الإدارة الذاتية، حيث دمرت تركيا أكثر من 80 بالمئة من هذه البنى التحتية في ظل الحديث عن تغاضي أمريكي ولدول مسار آستانا وخاصة روسيا، عن دخول الطائرات التركية للأجواء السورية لشن هجماتها خلال شهري تشرين الأول/أكتوبر و كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي.
ومن المعروف بأن أجواء هذه المناطق خاضعة لسيطرة القوات الأمريكية والتحالف من جهة وروسيا من جهة أخرى، ولعل تدمير البنى التحتية “ورقة ترضية لتركيا” لعدم شنها لأي عملية عسكرية برية جديدة في مناطق شمال شرقي سوريا تستهدف قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر من شركاء التحالف الدولي في الحرب ضد داعش منذ 2014.
التعاون بين واشنطن وأنقرة.. هل يمنع أي عمل عسكري تركي جديد ؟
ويرى كثيرون أن التنسيق والصفقة الأخيرة بين واشنطن وأنقرة قد تنعكس ايجاباً على الواقع في مناطق “الإدارة الذاتية” من حيث عدم شن تركيا لأي عملية عسكرية برية جديدة قد تسهم في ضرب المكتسبات التي تحققت بالحرب على تنظيم داعش الإرهابي خلال السنوات الماضية، والاكتفاء بتدمير “مصادر قوة” قسد والإدارة الذاتية من البنى التحتية التي دمرت، والتي شملت آبار نفطية ومصانع ومعامل ومنشآت حيوية وعامة ونقاط أمنية ومستشفيات ومدارس وغيرها.
فيما جاءت ردود أفعال البعض الآخر، متشائمة نوعاً ما، بأنهم رجحوا بأن إتمام صفقة طائرات إف-16 بين واشنطن وأنقرة قد تسهم في مزيد من الهجمات التركية على مناطق الإدارة الذاتية وربما تنفيذ عمليات عسكرية محدودة ضمن مناطق لا تخضع لسيطرة التحالف.
إعداد: ربى نجار