أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تراهن تركيا على الموقف الروسي “الهادئ” في السماح لها بشن عمليات عسكرية جديدة ضمن مناطق نفوذها في الشمال السوري، خاصة مع ما اعتبرته أوساط سياسية سورية “بالموقف الروسي الهادئ” خلال آخر بيان لوزارة الخارجية الروسية حول التهديدات التركية، والذي قال أن “موسكو تطالب أنقرة بالامتناع عن تدهور الأوضاع في سوريا”.
واشنطن تؤكد أن مناطق نفوذها في سوريا خط أحمر
المراهنة التركية جاءت بعدما اعتبرته تقارير إعلامية وأوساط سياسية “بالخط الأحمر الأمريكي” والموقف الأكثر شدة وحزماً من الروسي حيال ما تنوي أنقرة القيام به في شمال سوريا، حيث أن كل المؤسسات الأمريكية من (وزارة الخارجية والدفاع والبيت الأبيض) متفقون هذه المرة على عدم السماح لتركيا بشن عمليات عسكرية في سوريا تؤثر على سلامة المدنيين في المناطق التي حُررت من داعش وتشكل خطراً على الحرب ضد التنظيم المتطرف؛ الذي باتت عملياته العسكرية في سوريا أكثر خطورة من ذي قبل.
إغراءات تركيا هل ستخضع روسيا ؟
وتراهن أنقرة على أن تسمح موسكو لها بشن عمليات عسكرية ضمن مناطق نفوذها أو مناطق محدودة يتم الاتفاق عليها على أن تسيطر روسيا وقوات الحكومة السورية على مناطق في “خفض التصعيد” أو أي مناطق أخرى ضمن “درع الفرات” أو “غصن الزيتون”، لكن ترى أوساط سياسية أن ما قدمته أنقرة ليس بكافٍ من أن توافق عليها روسيا.
كون روسيا دخلت مناطق شمال شرق سوريا أو ما يطلق عليها “شرق الفرات” بدون أي خسائر أو معارك، بل طُلب منها ذلك، من خلال عقد تفاهم عسكري بين قيادتي قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية بنشر وحدات من الجيش السوري على الحدود لمنع أي توسع تركي في عملياتها العسكرية عام 2019 والمسماة “بنبع السلام”.
روسيا تدرك بأن التفاوض مع القامشلي أسهل من التفاوض مع أنقرة
وليس من المنطقي بحسب محللين سياسيين، أن تقوم روسيا بتسليم مناطق كانت سابقاً تحت النفوذ الأمريكي ودخلتها دون أي مواجهة أو معركة أو حتى إطلاق رصاصة، كما أن روسيا ترغب بعودة الأراضي السورية لسلطة الدولة في دمشق، وتعتبر موسكو أن التوافق والمفاوضات ستكون سهلة مع الإدارة الذاتية وقسد أكثر منها مع تركيا؛ كون القامشلي تعتبر نفسها جزء من سوريا وليس كياناً مستقلاً، ولكن أن يكون لها خصوصية في الدستور السوري، وأبدت القامشلي استعدادها لانضمام قسد إلى المؤسسة العسكرية السورية أكثر من مرة.
كما أن سماح روسيا لتركيا بشن عمليات عسكرية جديدة في الشمال، يقلص من مناطق نفوذها، ويعطي قوة أكبر للحليف/الخصم التركي في الملف السوري، وكون تركيا تريد منبج وتل رفعت، فهذا يعني أن الطريق الدولي إم-4 الذي يمر من منبج ستسيطر تركيا عليه، وبذلك تستطيع استخدام هذه الورقة ضد موسكو للحصول على مكاسب، وأن حلم روسيا بفتح الطرق الدولية السورية سيصبح تحقيقه أصعب.
حتى الآن.. لا ضوء أخضر دولي
ولاتزال تركيا لم تحصل على “ضوء أخضر أمريكي ولا روسي” في شن أي عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، بينما جدد الرئيس التركي خلال اجتماع تشاوري لحزب العدالة التنمية، تهديده للشمال وأنهم مصممون على إنشاء ما يسميها “بالمنطقة الآمنة” على عمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.
يشار إلى أن “المنطقة الآمنة” هي خطة ومطلب تركي، طرحه رجب طيب أردوغان لأول مرة في عام 2013، ثم عرض ما وصفها “بخريطة المنطقة الآمنة” من على منبر الأمم المتحدة قبيل شن أنقرة لعملية “نبع السلام” 2019. ومنذ ذلك الحين لم تنجح أنقرة في إقناع القوى الكبرى بتطبيق مخططاتها والتي قوبلت بالرفض الروسي والأمريكي وأوروبي في 2013.
وترى أنقرة أنها أمام فرصة لن تتكرر، خاصة مع ما يعيشه العالم جراء الحرب في أوكرانيا، وتعتبر أنها ستستطيع بشكل أو بآخر من تنفيذ خططها في شمال سوريا.
إعداد: ربى نجار