دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

برمودا سوريا .. البادية بين مصالح الحلفاء ورفض الدول الغربية     

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تتعرض مكاسب روسيا والحكومة السورية إلى انتكاسة متواصلة في البادية السورية جراء عدم قدرة المحور الحكومي والمتضمن القوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها ومايسمى بالقوات الرديفة إلى جانب الدعم الروسي اللامحدود وذلك جراء الارتفاع الكبير والملحوظ في نشاط تنظيم داعش الإرهابي والمتمثل بالضربات شبه اليومية والتي أسفرت عن عشرات وربما مئات القتلى والجرحى من القوات الحكومية والإيرانية في وقت تسعى فيه موسكو إلى الانتقال لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية والقائمة على فرض نفوذها على كامل الأراضي السورية إما عبر القوة العسكرية أو عن طريق التسويات و الاتفاقيات التي بدأت أولى بوادرها في شرق سوريا وتحديدا من دير الزور.

شراكة مزدوجة

تستمر هجمات “داعش” الخاطفة في تكبيد المجموعات الموالية للحكومة والروس خسائر فادحة.. تلك الخسائر دفعت بفصائل موالية لروسيا إلى التمرد ورفض الانصياع للأوامر بالانخراط في معارك البادية المكلفة بشرياً وهو القرار الذي اتخذه القيادي في فصائل درعا، أحمد العودة والذي يقود حالياً “اللواء الثامن”.

وبذلك، تتجلى مجدداً نقطة ضعف التدخل العسكري الروسي في سوريا، وهي افتقادها لظهير برّي قادر على الوفاء بمتطلباتها القتالية، واحتياجها المتكرر للتعاون مع الفصائل العسكرية المحسوبة على إيران، الأمر الذي يؤكد صعوبة إنهاء معادلات الشراكة بين الطرفين في الساحة السورية، ففي كل مرة، تفقد فيها إيران الغطاء الجوي الروسي، تتعرض للانتكاس، وفي كل مرة، تفقد فيها روسيا الظهير البري الإيراني، تتعرض للخسارة.

ولكي نفهم ما يحدث في البادية السورية بشكل أفضل، علينا أن نعود إلى الوراء قليلاً فمنذ أواخر آب / أغسطس 2020، أطلقت روسيا ما أسمته “عملية الصحراء البيضاء”، بهدف مُعلن مفاده ملاحقة تنظيم داعش الإرهابي الناشطة في البادية السورية، لكن تلك العملية كانت بطيئة وبتصعيد محدود، خلال الأشهر الـ 4 الأخيرة من العام 2020 وصولاً حتى نهاية شهر كانون الثاني / يناير 2021، وهي الفترة التي شهدت ازدياداً كبيراً في نشاط خلايا التنظيم وهجماته التي طالت قوافل عسكرية وشاحنات نفط، ظهرت خلالها القوات الإيرانية بمظهر العاجز عن الحد من تفاقم ذلك النشاط .. الأمر الذي مهّد لتحولات في موازين القوى بين الروس والإيرانيين، بالبادية السورية.

الصراع البارد

ما سبق، يؤشر إلى أن عمليات روسيا العسكرية ضد “داعش” في البادية السورية، كانت غطاءً للصراع البارد الروسي – الإيراني على تلك المنطقة الغنية بالقيمة الاقتصادية والجيوسياسية، على حدٍ سواء، فالبادية التي تمتد على مساحة تُقدّر بنصف مساحة سوريا، تحتوي ثروات باطنية، تشمل معظم ثروة سوريا المُكتشفة من الغاز والفوسفات، والتي تتركز في بادية حمص الشرقية، حيث حصدت روسيا عقود استثمار نوعية مع الحكومة السورية، على مدى السنوات الـ 3 الأخيرة، ناهيك عن احتياطيات محتملة من الفوسفات، وفق كشوفات التنقيب الروسية، التي ذهبت إلى وجود احتياطي من الفوسفات بضعف الكميات المعلن عنها، تتركز في بادية دير الزور الجنوبية، حيث دارت مكاسرة القوى الأخيرة بين روسيا وإيران.

ويرى مراقبون، أن روسيا تسعى لتحقيق مكاسب جديدة في البادية السورية المكاسب الروسية وفق التطورات الميدانية في الأيام القليلة الماضية والمتمثلة في بدء القوات الحكومية والمجموعات الموالية لايران بحملة تمشيط واسعة في منطقة البادية، حيث تتجلى خيارات مرّة أمام الروس، أكثرها مرارةً، ونجاعةً في آن الاستعانة مجدداً بالظهير البرّي الإيراني، فالغطاء الجوي الروسي، برفقة مقاتلي إيران على الأرض، كانا دوماً طرفي معادلة ناجعة في تحقيق إنجازات ميدانية نوعية، وهذا الخيار يبدو الأنسب أمام الروس في مواجهة حرب العصابات التي ينتهجها “داعش”، والتي تهدد استثمارات نفطية وغازية وفوسفاتية روسية على أطراف منطقة نشاط التنظيم، لكن هذا الحل الناجع، سيضطر روسيا مجدداً لتجرع كأس مرّة من الشراكة التي لا انفكاك منها، مع إيران في سوريا، تلك الشراكة التي تعيق تسوية نهائية مع الغرب، وتمنع تحويل الساحة السورية إلى ساحة استثمار وإعمار، وتجرّ روسيا إلى الخيار الإيراني في سوريا، والذي يقوم على إبقائها ساحةً لأغراض أمنية وسياسية، لا أكثر.

وأخير يمكن القول أن البادية السورية أصبحت إلى حد كبير توصف كمثلث برمودا ليس نتيجة وجود تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة فقط بل لكثرت الاختلافات السياسيات والمصالحية بين العديد من الأطراف الفاعلة على الأرض السورية.

 

إعداد: يعقوب سليمان